طورخان بوزكورت
إن التصريحات التي أدلى بها سيادة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان حول القصر الأبيض وقال فيها “إن القصر ليس إسرافا” ليست مقنعة.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]يتم صرف 1.1 مليار ليرة تركية في السنة من أجل الايجارات فقط، وهذا يعادل تقريبًا ما أنفق على القصر المؤلف من ألف غرفة. فنحن نخصص مبنى لمنصب رئاسة الجمهورية الشرفي من جهة، ونحاول تلبية حاجة المباني اللازمة لمواصلة تقديم الخدمات العامة عن طريق الاستئجار من جهة أخرى. فإذا لم يكن هذا إسرافا في الموارد فما هو إذن؟ [/box][/one_third]إن دفاع الدائرة الضيقة عن القصر، ناهيك عن تهدئة وطمأنة الضمير العام، أثار غضب السامعين بالقصر ذي ألف غرفة للمرة الأولى، فما دام مبنى رئاسة الوزراء غير كاف، وتُغلق الطرق والشوارع حين يُستقبل أصحاب الفضيلة من الشخصيات الرسمية، فلماذا تمّ نقل رئاسة الجمهورية إلى أفخم مبنى في العالم؟ ففي الوقت الذي يعيش فيه رئيس الجمهورية في قصره “فرحاً فخوراً” تظلّ الدولة تستأجر مقرّات، ذلك أن المؤسسات التابعة لرئاسة الوزراء والوزارات والدوائر الريفية والبلديات تقدم خدماتها في مبان مستأجرة.
إن مؤسسة الرقابة والإشراف على البنوك مستأجِرة في مبنى لأحد البنوك الخاصة الذي خضع لعملية تفتيشها، كما أن إحدى الوزارات في أنقرة تدفع كل سنة 10 ملايين ليرة تركية إيجاراً لمبنى أحد المتعهدين المعروفين، وثمة وزارة غيرها تستأجر في ناطحتي سحاب اشتراهما اتحاد الغرف والبورصات من الدولة.
وبالمناسبة إذا كانت الدولة بحاجة للمباني فلماذا تبيع البناية الجاهزة التي تمكلها؟! ولماذا تستأجر البناية التي باعتها؟ فإذا كان رئيس الجمهورية في القصر والدولة في الإيجار فأين العدالة في ذلك؟
فضلاً عن ذلك، فإن فضيحة الكراء لا تقتصر على المباني فحسب، بل تتعدى ذلك إلى استئجار سيارات المسؤولين والموظفين، وحافلات نقل العمال، والمروحيات والطائرات. وإن إيجارات الدولة تزداد سنويا بنسبة 30%. في حين أن النفقات المدفوعة من أجل الاستئجار تظهر بصورة تفصيلية ومصنّفة. إذ تم دفع 158.7 مليون ليرة تركية لاستئجار السيارات عام 2012.
وفي عام 2013 ازدادت هذه النفقات بنسبة 40% في الفئة ذاتها لتصل إلى 220.2 مليون ليرة تركية، كما تم دفع 235.5 مليون ليرة تركية سنة 2012 لاستئجار البنايات، وارتفع هذا الرقم إلى 279 مليون ليرة تركية سنة 2013.
والأغرب من ذلك أنه تم دفع 104.2 مليون ليرة تركية لقاء استئجار طائرات الهليكوبتر عام 2012، وارتفع هذا الرقم بنسبة 38% ليصل إلى 143.5 مليون ليرة تركية، وإن النفقات المدفوعة في إيجارات المباني والطائرات والمروحيات حتى الشهر التاسع من العام الجاري تشير إلى أن نفقات الاستئجار قد تضاعفت كذلك، فالدولة ستدفع في نهاية العام بدل استئجار المباني فقط أكثر من 300 مليون ليرة تركية، وبدل استئجار سيارات الموظفين سيصل إلى 350 مليون ليرة تركية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إذا كانت الدولة بحاجة للمباني فلماذا تبيع البناية الجاهزة التي تمكلها؟! ولماذا تستأجر البناية التي باعتها؟ فإذا كان رئيس الجمهورية في القصر والدولة في الإيجار فأين العدالة في ذلك؟[/box][/one_third]يتم صرف 1.1 مليار ليرة تركية في السنة من أجل الايجارات فقط، وهذا يعادل تقريبًا ما أنفق على القصر المؤلف من ألف غرفة. فنحن نخصص مبنى لمنصب رئاسة الجمهورية الشرفي من جهة، ونحاول تلبية حاجة المباني اللازمة لمواصلة تقديم الخدمات العامة عن طريق الاستئجار من جهة أخرى. فإذا لم يكن هذا إسرافا في الموارد فما هو إذن؟ فضلاً عن أننا لا نناقش من هم الذين استُؤجرت المباني منهم وفي أي ظروف وشروط استُؤجرت. فالادعاءات التي تفيد أن المقربين من حزب العدالة والتنمية يبنون المباني ثم يؤجرونها للدولة ليست عبثاً. ففي الوقت الذي لا تُعرض تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات على مجلس الأمة (البرلمان)، ويعلم الجميع أن قاعدة الظروف الاستثنائية والحالات الشاذة المحدودة قد تحولت إلى قاعدة عامة مطردة في المناقصات العامة، فمن يصدق الزعم بعدم وجود أي خطأ أو تصرفات غير قانونية في سباق الحصول على حصة من النفقات التي تزداد سنويا بنسبة 30-40%؟
لايمكن النظر إلى تلك المصروفات على أنها أمر طبيعي بينما وصل عجز الحساب الجاري إلى 50 مليار دولار. ولهذا السبب لم تلقَ حزمة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الأخيرة أي اهتمام، ولم يصدق أحد ما قيل. وحين تسلموا السلطة في سنة 2002 نشروا التعميمات التي تفيد بأنهم سيبيعون كل المجمعات السكنية وسيارات الدوائر الرسمية. ولكن تبريرهم لبناء قصر مؤلف من 1000 غرفة، وعدم نزولهم من السيارات الفخمة المستوردة التي يستأجرونها بالضرائب التي يجمعونها من الشعب يشير إلى مرحلة هي من أسوأ المراحل التي يمر بها “الإسلام السياسي”. وإن لم نتمكّن من نقش فكرة أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وغايته السامية المتمثلة في إحياء الآخرين في قلوبنا قبل نقشها في جهاز تلقين، فإن ملايين الأشخاص سيواصلون التعرض لخيبة أمل.
فما الذي قاله أبو ذر لمعاوية والي الشام الذي بنى قصرا أخضر؟ قال كلاما وصف من خلاله خلاصة الحياة التي عاشها أو الحياة على طريقة أبي ذر، وهو بمثابة صفعة لحالتنا السيئة الآن: “إن بنيت القصر بمالك فهو إسراف وحرام، وإن بنيته بأموال الناس في بيت المال فهو سرقة وظلم”.
هذا هو دستور الحياة.. وما وراء ذلك فلعب ولهو ومتاع إلى حين.