القاهرة (زمان التركية)ــ رأى الباحث في الشأن السوري محمد أبو سبحة، أن انتشار الجيش السوري في شرق الفرات أمر لا يزعج تركيا إن حدث، لأن المهم عند أنقرة أن لا تظل المنطقة خاضعة لسيطرة المقاتلين الأكراد، ملمحًا في الوقت ذاته إلى أن تركيا تستغل الفصائل السورية المعارضة المدعومة من قبلها لخدمة مصالحها قبل كل شئ.
وقال “أبو سبحة” في تصريحات لصحيفة (العربي الأفريقي) إن “قرار الانسحاب الأمريكي من سوريا اتخذ في الأساس بالتنسيق مع تركيا، وبالتالي فهو حتى الآن يمهد لتحقيق هدف أردوغان في القضاء على القوات الكردية المنتشرة في منطقة شرق الفرات كما حدث في منطقة عفرين مطلع العام، لكن إذا ما تم التحالف سريعا بين قوات سوريا الديموقراطية وحكومة بشار الأسد، وحدث انتشار للجيش الحكومي السوري في شرق الفرات بدعم روسي كما تم في بلدة العريمة بمنبج قاطعا الطريق على الجيش التركي الذي حشد الفصائل المعارضة وأرسل آلياته العسكرية إلى أطراف منبج وبات لا يستطيع التقدم الآن أو الهجوم، فإن المستفيد هنا سيكون الحكومة السورية، وذلك لأن تواجد الجيش السوري في أي منطقة يمنع تركيا من الاقتراب منها وإلا اعتبر عدوانا على سوريا من تركيا -بموجب القانون الدولي- التي تبرر تواجدها في الشمال السوري بالحفاظ على أمنها وليس معاداة النظام السوري الحالي.”
وتهدد تركيا منذ مدة بشن عمليتين عسكريتين في مناطق شرق الفرات ومنبج الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية منذ عامين، فيما جعل قرار الانسحاب الأمريكي المفاجئ من سوريا القوات الكردية في مواجهة مباشرة مع تركيا بعد تخلي واشنطن عنهم، ما دفعهم لطلب العون من النظام لصد الهجوم التركي المحتمل على مناطقهم.
وأضاف الباحث في الشان السوري ملقيًا الضوء على استغلال تركيا للفصائل المسلحة المعارضة في تحقيق أهدافها بغض النظر عن توسع سيطرة النظام على الأراضي السورية “عمليا العام الحالي شهد عودة أغلب الأراضي السورية لسيطرة النظام من جديد، وشاهدنا كيف دخلت مختلف الفصال المعارضة في تسويات مع النظام وسلموا البلدات التي سيطروا عليها قبل سنوات ليتجمعوا أخيرا في إدلب، وذلك في الوقت الذي كانت الفصائل المدعومة من تركيا وعلى رأسها الجيش السوري الحر منشغلة بالسيطرة على عفرين” وتوقع محمد أبو سبحة انتشار الجيش السوري في مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية دون اعتراض تركيا، قائلا “وبالتالي فمن غير المستبعد عودة شرق الفرات إلى سيطرة النظام، وبمباركة تركيا أيضا فكل ما يهم أنقرة أن لا تكون تلك المنطقة تحت سيطرة الأكراد لتقطع عليهم حلم إقامة مشروع إقليم كردي”.
يذكر أنه في مارس/ أذار 2016، أعلن الأكراد النظام الفدرالي في مناطق سيطرتهم التي قسموها الى ثلاثة أقاليم هي الجزيرة (محافظة الحسكة، شمال شرق) والفرات (شمال وسط، تضم أجزاء من محافظة حلب وأخرى من محافظة الرقة) وعفرين (شمال غرب، تقع في محافظة حلب)، التي خسروها في العام 2018 على وقع هجوم شنته تركيا وفصائل سورية معارضة موالية لها.
وذكر تقرير اقتصادي لـِ (بي بي سي)، أنّ “قوات سوريا الديمقراطية ” تُسيطر على نحو 90 في المئة من الثروة النفطية بالإضافة إلى 45 في المئة من إنتاج الغاز في سوريا، ما يجعل حكومة دمشق لا تقبل التفريط في هذه المنطقة الغنية لأي طرف، فضلا عن رغبتها في بسيط سيادتها على كامل سوريا بعد أن عادت أغلب الأراضي السورية لسيطرة النظام بمعاونة روسية إيرانية.