بقلم : مايسترو
يشير الواقع إلى احتضان أوربا وتركيا لقيادات وعناصر لتنظيم الإخوان المسلمين، وتقدم قطر الدعم المالي لهم.. فهل هذا احتواء يجنبهم مخاطر هذا التنظيم المتطرف الإرهابي؟ رغم أن مصر وهي مهد هذا التنظيم أدرجته على قائمة التنظيمات الإرهابية، من خلال أحكام جنائية باتة ــ استنفذت كافة فرص الطعن عليها ــ صدرت في قضايا ذات طبيعة إرهابية.. كما وضعت العديد من الدول العربية التنظيم أيضاً على تلك القائمة ومنها: سوريا والسعودية والإمارات، ومن غير الدول العربية أضافت منظمة «معاهدة الأمن الجماعي» التي تشارك فيها كل من: روسيا، وبيلاروسيا، وأرمينيا، وقرغيزيا، وطاجيكستان، وأوزبكستان، كازاخستان، التنظيم لقائمة التنظيمات السوداء “الإرهابية”.
هذا ورصدت ــ بقلق عميق ــ مؤخراً هيئة حماية الدستور الألمانية “الاستخبارات الداخلية” تزايدا ملحوظا في نفوذ جماعة “الإخوان المسلمين” داخل ولاية سكسونيا شرقي ألمانيا، وأعلن رئيس الهيئة أن الجماعة استغلت عبر منظمات مثل “الجمعية الثقافية” نقص دور العبادة للمسلمين الذين قدموا إلى سكسونيا كلاجئين لتوسيع هياكلها ونشر تصورها عن الإسلام السياسي.. هذا مع رفض الجماعة لقيم رئيسية في النظام الديمقراطي الحر مثل الحرية الدينية أو المساواة بين الجنسين، وأنه يجرى حاليا شراء مبان على نحو كبير لتأسيس مساجد أو ملتقيات للمسلمين.. وهي سياسة تهدف إلى التوغل في الدول الأوروبية ونشر أفكار ومعتقدات التنظيم في محاولة لخلق مجتمع مواز، وربما يصل الأمر بهم للتحالف مع جماعات إرهابية أخرى لنشر الأفكار المتطرفة في هذه الدول ومحاولة خلخلة التماسك المجتمعي لها.. لذا يجب وضع نشاط الجماعة تحت المراقبة والرصد المكثف والمستمر، مع استمرار الجدل حول الحظر المباشر لها وإدراجها على قوائم التنظيمات الإرهابية.
هذا ويبلغ إجمالي عدد مسلمي ألمانيا حوالي 5 ملايين نسمة ـــ وهو ما يشكل 6.1% من مجموع السكان ـــ وعدد الألمان المسلمين من أصل تركي حوالي مليونان ونصف مليون نسمة.. لذا فمن المتوقع أن ينتشر الفكر الإخواني في أوساط المسلمين الألمان، خاصة وأن الرئيس التركي أردوغان لا يخفي انتمائه الفكري للجماعة.. فهم أي الإخوان لديهم حلم تكوين الخلافة الإسلامية؛ وأحلام أخرى.. تهدد بلا شك الأمن القومي الأوربي.
والسؤال الذي تفرضه المعطيات السابقة هو: هل سيتغير موقف الحكومة الألمانية بعد أن أشار تقرير أحد أهم أجهزة مخابراتها إلى أن: «الجمعية الإسلامية» الممثل الرئيسي لشبكة الإخوان في ألمانيا ومقرها كولن، تشكل خطرا على الديمقراطية، وأضاف أن سلطات الأمن الألمانية تعتبر حركة الإخوان على المدى المتوسط أخطر من تنظيم داعش الإرهابي والقاعدة.. ؟؟؟
صورة لآثار التفجير الذي ارتكبه عناصر لحركة حسم الإخوانية بكنيسة مارجرجس بطنطا
وعلى جانب آخر وفيما يتعلق ببريطانيا الراعي الرئيسي للتنظيم في أوربا.. فقد سبق وكلف ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني السابق ـــ عام 2014 ـــ السير جون جنكينز برئاسة لجنة تحقيق حكومية لفحص نشاط الإخوان، وقدمت اللجنة تقريرها عام 2015 وأكدت فيه: ارتباط الجماعة المباشر بجماعات العنف والإرهاب؛ كما أشار التقرير إلى أن حسن البنا المؤسس قد قبل باستغلال العنف لأغراض سياسية، ونفذت الجماعة في حياته اغتيالات سياسية؛ وأن منظر التنظيم سيد قطب تبنى أفكاراً تكفيرية جهادية للمفكر الإسلامي الباكستاني أبي الأعلى المودودي، ورغم هذا فقد اكتفى كاميرون بالإعلان عن أن التحقيقات أظهرت علاقة غامضة بين الإخوان وجماعات العنف.. وأن الارتباط بالإخوان يعد مؤشرا للتطرف.. وأكد كاميرون أن التنظيم لن يدرج في بريطانيا كتنظيم إرهابي.. !!! ولا يفهم هذا إلا لكون أجهزة المخابرات البريطانية ما زالت تستخدم الجماعة في القيام بمهام تعتقد أنها تتفق مع المصالح البريطانية.. وأن التنظيم لا يمثل خطورة على الأمن القومي البريطاني.. !!!
والملفت للنظر أنه في مارس 2017 انتقدت لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان البريطاني تحقيق السير جون جنكينز، بل وشُكلت لجنة برلمانية أخرى لفحص الموضوع، انتهت إلى أن الإسلام السياسي يشكل جدار حماية في مواجهة التطرف والإرهاب!!! هذا ولاعتبارات تتعلق بعمليات إرهابية ضد المسيحيين المصريين.. ففي 2017 أدرجت بريطانيا حركتي حسم ولواء الثورة ـــ وهما حركتان يتبعان تنظيم الإخوان ـــ على قوائم التنظيمات الإرهابية.. وهكذا فعلت الولايات المتحدة الأمريكية.. فإلى متى ستظل أوربا وأمريكا تكتفي فقط بسياسة الاحتواء لهذه الجماعة الإرهابية؟؟؟