علي أونال
إن الملائكة الذين جاءوا لينزلوا العذاب بقوم لوط ويقطعوا دابرهم، زاروا أولًا نبي الله إبراهيم عليه السلام وأخبروه بهلاك القوم.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]كان الشغل الشاغل لكولن هو عمل كل ما يخدم استيقاظ البلاد على ربيع مشرق من خلال طرق مدنية، ولكي لا تتعرض للصراعات والانقلابات والانقسامات، وألا تشهد البلاد أعمال شغب تنتج عن التحرك بالغضب ويتضرر منها الدين والدولة معا، وعاش الأستاذ دوما مضطربا بهذه الهموم .[/box][/one_third]بيد أن هناك ما يُسمّى بقانون العطاء الإلهي الذي يتجاوز قانون القضاء، وعلى الرغم من صدور حكم الهلاك ضد قوم سيدنا يونس، فإلغاء هذا الحكم بسبب إيمانهم في النهاية يعتبر مثالا على ذلك، وسيدنا إبراهيم عليه السلام أراد أن يجرب حظه في عطاء الله راجيا أجره بسبب وجود سيدنا لوط في قومه،إذ قال متشفعا له: “إن فيها لوطًا”، وأثنى الله عز وجل على إبراهيم بسبب موقفه العطوف ذلك، لأن وظيفته كنبي مرسل كانت خدمة الناس في الحياة الدنيا والآخرة بكل ما هو صالح ونافع لهم، وفعل اللازم من أجل هذه الخدمة.
إن شفاعة سيدنا إبراهيم لم تمنع هلاك قوم لوط؛ إذ أن القوم استحق الهلاك لدرجة لا رجعة عنها. إن كان إنسان جُبل على الجشع أو الشهرة الدنيوية، ولا يستطيع التغلب على نفسه لإبعادها عن تلك الغرائز، فبالأحرى أن يعود نفسه ويربيها على قضاء رغباتها في دائرة الحلال دون أن يدخل في دائرة الحرام ولا يقترب مما يضر بالدين أو بالناس الآخرين.
عندما حضر الأستاذ العلامة بديع الزمان سعيد النورسي إلى أنقرة في مطلع عام 1922، انتابه قلق من أن بعض الناس قد يدفعون مصطفى كمال أتاتورك لأن يمس الإسلام بضرر جرّاء تصرفاتهم ومواقفهم الخاطئة.
ويقول النورسي في نفسه: “أخشى أن يوجهوا هذا الداهية ضد الإسلام”، وعليه يقوم من صميم قلبه بإسدائه النصيحة الجادة حتى لايقدم على أي تصرف يضر بالإسلام، غير أن المساعي الحثيثة التي أبداها بديع الزمان لم تكن كافية لمنع ما حدث، لأن الشعب له نصيب من الأخطاء تجعله يستحق ما قُدّر له من المصائب.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]بعد كل هذه المصائب والمعاناة، ستظهر جميع الحقائق جلية وسيراها الجميع بعين اليقين، وبمشيئة الله ستخرج حركة الخدمة من هذه المرحلة الصعبة وقد ألقت عن كاهلها كل ما علق بها وما دبر لها، وقد صفيت أكثر وازدادت قوة على قوتها بالتوجه إلى الله عز وجل أكثر من ذي قبل، دعاء وابتهالا له وصبرا وتعاونا وتكاتفا على الصبر أكثر فأكثر، وستستيقظ تركيا أيضًا على صباح ربيع لطالما تحرقت شوقًا إليه في الآونة الأخيرة.[/box][/one_third]ومنذ أن نلتُ شرف التعرف بالأستاذ العلامة فتح الله كولن، منذ 25 عامًا، الذي يعتبر أحد طلاب سعيد النورسي، كنت ألاحظ وأشاهد حالة من القلق والتخوف تختلج في صدره بصورة دائمة من حدوث صراعات واضطرابات داخلية في تركيا، وقد حاول وسعى بلهفة وعزم على درء تلك الاضطرابات والصراعات التي لم تكن تغيب علاماتها من آفاقنا، وعمل بكل ما أوتي من قوة، وفراسة، لإقامة ملتقيات وندوات لترسيخ قيم التسامح والحوار مع الآخر.
وكانت علاقاته بأردوغان وتأييده لحزب العدالة والتنمية في الاستفتاء الدستوري والانتخابات في العام 2010، جميعها تصب في الهدف نفسه وهو دوام الاستقرار في البلاد، كما كان الشغل الشاغل لكولن هو عمل كل ما يخدم استيقاظ البلاد على ربيع مشرق من خلال طرق مدنية، ولكي لا تتعرض للصراعات والانقلابات والانقسامات، وألا تشهد البلاد أعمال شغب تنتج عن التحرك بالغضب ويتضرر منها الدين والدولة معا، وعاش الأستاذ دوما مضطربا بهذه الهموم .
ومع أنه كان يبدي دعمًا ومؤازرة لمساندة الحكومة لرأب الصدع داخل البلاد، فإنه لم يكن من حق أحد أن ينتظر منه أن يصمت تجاه الخروج على القانون وعدم مراعاة الحقوق وأعمال الفساد والرشوة، لكن وقع ماوقع، ويتضح من المعطيات الراهنة كذلك أن مايتوقع حدوثه مستقبلا، سيحدث أيضًا، وكما قال سيدنا علي بسبب عجزه عن الحيلولة دون الأحداث التي أدت إلى شهادة سيدنا عثمان “سيبلغ الكتاب أجله”.
على ما يبدو اليوم أنّ هناك ثلاثة أشياء فقط يهتم بها أردوغان والعدد القليل الذين يعمل معهم، أولها: مواصلة سيطرتهم وحكمهم مهما كان ثمن ذلك، وثانيها: إضفاء صفة الشرعيّة على الأعمال غير القانونية، وثالثها: القضاء على حركة الخدمة التي تستلهم فكر كولن والجماعات الإسلامية الأخرى عن طريق إغلاق مؤسساتهم ومصادرة ممتلكات رجال الأعمال المؤيدين لهم، وبقاؤهم هم كجماعة إسلامية فريدة في تركيا، ناهيك عن مساعيهم للانتقام من بعض رجال الأمن والقضاء، والوفاء بوعودهم لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية PKK، وعليه تسعى حكومة حزب العدالة والتنمية للاتفاق مع العمال الكردستاني ومن قاموا بمحاولة انقلاب باليوز “المطرقة الثقيلة” وأرجينكون وزعيم حزب العمال دوغو برينتشك الملقب بـ “الصناعي” (Fabrikator).
ولاريب في أن البلاد تشهد الآن حالة من الانقسامات، وتظهر الشخصيات والمعادن الحقيقية للناس، وكما ذكر في القرآن الكريم فإن الله يجمع الأحزاب التي ما كان يتوقع أحد أو يُحتمل أن تجتمع مع بعضها بعضًا حتى الأمس القريب، لأنهم في الحقيقة من معدن واحد، إذ جعلهم كحزمة واحدة.
أجل، فالأمة لها أيضًا استحقاق في ذلك، وهي في نفس الوقت مرحلة انفتاح الأبواب الصدئة التي تقف مانعا أمام تقدم دولتنا، ولكن يبدو أن كل الاضطرابات التي كان يخشاها الأستاذ كولن ستشهدها البلاد،وستهتز البلاد بالإرهاب وأزمات اقتصادية واجتماعية وكوارث طبيعية بعضها تلو الآخر.
لكن بعد كل هذه المصائب والمعاناة، ستظهر جميع الحقائق جلية وسيراها الجميع بعين اليقين، وبمشيئة الله ستخرج حركة الخدمة من هذه المرحلة الصعبة وقد ألقت عن كاهلها كل ما علق بها وما دبر لها، وقد صفيت أكثر وازدادت قوة على قوتها بالتوجه إلى الله عز وجل أكثر من ذي قبل، دعاء وابتهالا له وصبرا وتعاونا وتكاتفا على الصبر أكثر فأكثر، وستستيقظ تركيا أيضًا على صباح ربيع لطالما تحرقت شوقًا إليه في الآونة الأخيرة.