بقلم: صابر المشرفي
القاهرة (زمان التركية)- تعاني تركيا (أردوغان) من ازدواج شديد في المعايير على كافة الأصعدة، خاصة في ظل تغييب قيم العدالة والديمقراطية، والانتهاكات المستمرة والممنهجة لحقوق الإنسان.
وقد بات من العسير على أنصار أردوغان ومؤيديه تبرير هذه الإجراءات بأنها من قبيل السياسة التي تعتمد على فن الممكن، فمهما كانت السياسة وألعابها، فإن هناك قيما ومعايير عامة للحكومات والشعوب تنحاز إليها إذا تأزمت الأمور وآلت إلى نقطة مستحيلة. وهو ما لا نراه ماثلا في النظام التركي (الميكس) الذي يفعل كل شيء والعكس، بفجاجة منقطعة النظير.
والشواهد على ذلك كثيرة داخليا وخارجيا، بدءا من مرجعيته الدينية التي تتناقض مع ترخيص دور البغاء وفرض الضرائب عليها، وانتهاء بمواقفه من القضية الفلسطينية التي يهيّج بها الجماهير جهارا في الدفاع عنها، وتمخر سفن أبنائه عباب البحار لتنقل البترول العراقي المنهوب إليها دون أن يسمح لأحد بالحديث عنها.
وآخر فصول هذه الازدواجية ملف قضية الصحفي “جمال خاشقي” الذي قتل في قنصلية بلاده في إسطنبول، حيث يلوح أردوغان في كل محفل بوجوب تدويل القضية وفتح تحقيق دولي بشأن مقتله، في الوقت الذي يتجاهل بالرفض أو الامتناع دعوة غريمه فتح الله كولن الذي يدعوه إلى فتح تحقيق دولي مستقل للتحقيق في ملابسات الانقلاب.
وهو ما عبر عنه الأكاديمي البارز الأستاذ الدكتور محمد الشرقاوي في تغريدة له على الفيس بوك بعنوان: “كلامٌ في العدالة الغائبة” حيث قال: “الرئيس أردوغان ،وازدواجية المعايير، بين :السيدين: جمال خاشوقجي، وفتح الله جولن؟ لقد اتهم الرئيس أردوغان الداعية فتح الله جولن بتدبير الانقلاب ضده ،وأعلن فتح الله جولن -مرارًا- بأنه مستعد للمثول أمام لجنة تحقيق دولية نزيهة، تحقق معه في التهم الموجهة إليه من طرف الرئيس أردوغان وحكومته، وأنه مستعد لأي عقوبة يحكم بها عليه، في حال إدانته. وقابل الرئيس أردوغان طلب المتهم فتح الله جولن بالرفض!!!”
ثم تابع قائلا: “ونلاحظ -اليوم – أن الرئيس أردوغان وحكومته لا يكِلون ولا يمَلُّون من تكرار المطالبة بإجراء تحقيق دولي يكشف ملابسات مقتل الصحفي خاشوقجي، رحمه الله، ومهما يكن من أمر، فإني أرى في هذا (ازدواجية معايير) وتنكبًا لصراط العدالة المستقيم!!”.
وإذا كان أحد المتابعين قد علّق على هذه التغريدة بالقول: إن السياسة لغة المصالح، فملعونة هي المصالح التي تضع مئات الألوف من المواطنين في السجون وتشرد أمثالهم، وتشرعن للاستبداد والقمع باسم المصالح.