برلين (زمان التركية) – زعم الأكاديمي والصحفي التركي المخضرم أمره أوسلو أن الرئيس التركي رجب طيب لا يختلف عن الرئيس السوري بشار الأسد، في حوار أجرته معه قناة وموقع “سكاي نيوز عربية” حول ممارسات السلطة الحاكمة في تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان من مطاردة واعتقال وفصل واختطاف وتعذيب على معارضيها السياسيين والمدنيين على حد سواء.
وقدم موقع قناة “سكاي نيوز عربية” أمره أسلو قائلا: “أكاديمي وكاتب.. عمل لسنوات طويلة في خدمة بلاده، إلى أن ارتكب “جريمة التعبير عن الرأي” وكشف حقائق خفية تورط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في فضائح، منها تمويل الإرهاب، لتنقلب بعدها حياته رأسا على عقب، ويتحول من أكاديمي مرموق حامل لشهادة الدكتوراه، إلى هارب يبحث عن الأمان”.
يشار إلى أن أمره أوسلو من الكتاب النادرين الذين تنبأوا في وقت مبكر جدا بما آلته إليه الأوضاع في تركيا والمنطقة برمتها، خاصة فيما يتعلق بالمشكلتين السورية والكردية في المربع التركي السوري العراقي الإيراني، وظهور حكم كردي ذاتي في الشمال السوري كنتيجة طبيعية لسياسات حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، على غرار ما ظهر في الشمال العراقي.
وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته قناة سكاي مع أمره أوسلو:
القصة بدأت بمجموعة من المقالات، عبر فيها الأكاديمي وأستاذ العلوم السياسية، أمره أوسلو عن آرائه الناقدة لسياسات أردوغان، وكشف تفاصيل تثبت تواطؤ الرئيس التركي مع جماعات متشددة في سوريا، من خلال استخدامه لهيئات المساعدات الإنسانية في نقل مساعدات لهم.
وبمجرد أن نطق أو كتب أوسلو كلمة نقد بحق أردوغان، حتى تحول إلى هدف علني لسياساته القمعية، وتعرض لحملات هجوم مباشرة من أردوغان نفسه.
وقال أوسلو لموقع “سكاي نيوز عربية: “لم تكن هناك أي اتهامات موجهة ضدي، لكنني تحولت إلى هدف لأردوغان، الذي تحدث عني وهاجمني في أكثر من مناسبة، لمجرد أنني انتقدته”.
ومع مرور الوقت وفي زيارة مفاجئة، وصل “وكيل الأعمال القذرة” الخاص بأردوغان، وهو مستشاره السابق مجاهد أرسلان إلى الجامعة التي كان أوسلو يعمل بها، لتنفيذ أمر بطرده.
وأوضح أوسلو أن أرسلان عرف بقيامه بـ”المهام القذرة” التي تصدر بأمر من أردوغان، مثل طرد أو اعتقال أشخاص.
وتابع: “بعد فترة وجيزة من تعرضي للطرد، وصلتني معلومة من شخص يعمل بالشرطة بأنهم سيعتقلونني، لذا هربت من البلاد عام 2014، بينما لم يفلح صديقي العزيز الصحفي محمد بارانسو في الهرب، وهو قابع في السجن منذ 4 سنوات بتهم متعلقة بالإرهاب، بالرغم من أن كل ما قام به هو انتقاد أردوغان”.
وأشار أوسلو إلى أن انتقاد أردوغان تحول إلى “تهمة بإهانة الرئيس”، موضحا أنه منذ توليه الحكم عام 2014، تم التحقيق مع 68.827 شخصا بهذه التهمة، فيما وجهت الاتهامات رسميا ضد 12.839، وتمت معاقبة 3414 شخصا بالسجن، ولا تزال محاكمة أكثر من 3 آلاف شخص مستمرة.
وعن عملية الهروب نفسها، قال أوسلو إنه سافر بشكل عادي من أحد المطارات التركية قبل أن يصدر أمر اعتقاله، أما معظم أصدقائه الصحفيين وغيرهم من الملاحقين، فقد هربوا عبر اليونان، لافتا إلى أنها توفر المساعدة للأتراك المضطهدين.
الفتك بالعقول
وبعد هروبه، استقر أوسلو في الولايات المتحدة حيث يعمل في المجال الأكاديمي، لكنه لم يحصل على صفة “لاجئ”.
وقال: “لم أتقدم بطلب لجوء لأنني أكاديمي وحاصل على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة، وبالتالي أنا قادر على الحصول على وظيفة”.
وأعرب أوسلو عن “حسرته” على حال الأكاديميين وحملة الشهادات العليا من كبرى جامعات العالم، في تركيا، قائلا: “أكثر من 5 آلاف أكاديمي فصلوا من عملهم، وغيرهم الآلاف من حملة الدكتوراة من أكبر دول العالم وُضعوا في السجون، بدلا من أن تستفيد البلاد من خبراتهم”.
وتطرق الأكاديمي التركي إلى العالم الذي يحمل الجنسيتين التركية والأميركية وعمل لدى وكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، سركان غولج، والذي حكمت عليه محكمة تركية في فبراير الماضي بالسجن لمدة 7 سنوات ونصف بتهمة الإرهاب، قبل أن يتم تخفيض العقوبة في سبتمبر الماضي إلى السجن لمدة خمس سنوات.
عمليات الخطف الدولية
بالرغم من أن أوسلو وغيره نجحوا في الخروج من تركيا بأمان، فإن حياتهم لا تزال في خطر، نظرا لعمليات الخطف التي تنفذها حكومة أردوغان بحق الهاربين، لتعيدهم إلى أراضيها بالقوة وتضعهم في السجون وتعرضهم لعمليات تعذيب ومحاكمات صورية.
وقال لموقع سكاي نيوز عربية: “تركيا تتبجج بخطف 80 شخصا من 18 دولة، وجلبتهم إلى تركيا ولا نعرف مصير الكثير منهم”، لافتا إلى أن بعض الدول تتعاون مع تركيا وتسهل عمليات الخطف لها.
وتابع: “عندما ننظر لمواقع الاختطاف، يمكننا أن نميز بأن تلك الدول خاضعة لنفوذ أردوغان، من خلال المسؤولين الفاسدين والرشاوى، أما في أميركا والدول الغربية الكبرى، فإن تنفيذ مثل هذا الأمر يعد احتمالا صعبا”.
وتحدث أوسلو عن “اتفاقية” أبرمت بين المستشار السابق للأمن القومي الأميركي مايكل فلين ونجله، ومسؤولين كبار في الحكومة التركية، ليتم ترحيل رجل الدين التركي فتح الله غولن من أميركا وإعادته إلى تركيا، مقابل ملايين الدولارات.
وكانت قناة “إن بي سي” الأميركية وصحيفة “وول ستريت جورنال” قد قالت إن المدعي الخاص الأميركي روبرت مولر فتح تحقيقا بشأن هذا الاجتماع الذي حدث في الفترة الفاصلة بين فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئاسة في 8 نوفمبر 2016، وتوليه مهامه في 20 يناير 2017.
وبحسب القناة، فإن الاجتماع عقد في ديسمبر 2016 في نادٍ راق في نيويورك، وعرض خلاله الأتراك على فلين “15 مليون دولار كحد أقصى لتسليم غولن إلى الحكومة التركية”.
لحظة اختطاف مواطن تركي في أنقرة
تعذيب واعتقال ومصير مجهول
غالبا ما تنتهي عمليات الخطف التركية في الخارج باعتقال الشخص وتوجيه اتهامات رسمية له وإخضاعه لمحاكمات صورية قبل سجنه بصورة رسمية، أما بالنسبة لعمليات الخطف في الداخل، فإن القصة تختلف تماما.
وأوضح أوسلو أن الحكومة التركية لا تعترف بعمليات الخطف التي تجريها في الداخل بحق معارضيها، بما في ذلك معلمون وموظفون حكوميون ورجال شرطة وجيش.
وأشار إلى أن بعض هؤلاء الأشخاص نجحوا في الهرب، ليكشفوا ما تعرضوا له من تعذيب، كوضعهم في غرف مظلمة لأشهر متواصلة، وضربهم وصعقهم بالكهرباء. كما يتم حرمانهم من أي اتصال بأسرهم أو بالعالم الخارجي.
“جنبِّوا تركيا حربا أهلية“
ومع تأزم الأوضاع الاقتصادية والسياسية في تركيا، دعا أوسلو الشعب التركي للتحرك لتجنيب البلاد حربا أهلية، كما هو الحال في سوريا، معتبرا أن أردوغان لا يختلف عن الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال: “لن تستقر تركيا طالما بقي أردوغان في الحكم، تماما كما هو الحال في سوريا، فبالرغم من أن هناك الكثير من السوريين الذين يدعمون الأسد، إلا أن هذا لم يجنب البلاد حربا طاحنة فتكت بالشعب”.
وتابع: “أردوغان يعتمد على غسيل أدمغة الأتراك البسطاء، ليجعلهم يعتقدون بأنهم يحاربون الغرب، وهو أمر يؤدي أيضا إلى ظهور المزيد من الجهاديين”.
كما دعا أوسلو الدول الغربية للتحرك، محذرا من أنها لن تستطيع استقبال أية موجات جديدة من اللاجئين في حال تدهور الأوضاع في تركيا، خاصة مع استمرار الحرب في سوريا وخروج مزيد من اللاجئين منها.