أنقرة (زمان التركية) ـــ أخفى النمو الاقتصادي الذي عاشته تركيا لسنوات، بتميزه، الهفوات التي استمرت بالتراكم خلال تلك المدة، لكنها ما لبست أن ظهرت في عام 2018، الذي شهد أعلى مستويات تضخم في تركيا منذ 15 عامًا مضت.
شبّه تقرير لوكالة “بلومبرغ” الأمريكية، الدولة التركية بالسيارة التي استطاعت الوصول إلى سرعات قياسية ولكن ظل السائق يتجاهل جميع أضواء التحذير، التي كانت تومض باستمرار على لوحة القيادة، حتى انتهى الأمر بتحطم مروع.
إذ تعاني تركيا اليوم من انخفاض قيمة العملة المحلية وأزمة إئتمان قاسية، كما تعاني من موجة إغلاق واسعة لمصانع ومؤسسات متفاوتة القيمة السوقية، فيما يجاهد العدد الأكبر منها للبقاء على قيد الحياة، ويعكس مؤشر “آفاق الأسواق الناشئة” تراجع الدولة التركية إلى المرتبة الأخيرة عالمياً، وفقا لما جاء في موقع “أبو ظبي الأخباري”.
وبلغ معدل التضخم في تركيا مستويات قياسية، فخلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي بلغ التضخم 25.24% وفقا لهيئة الإحصاء التركية.
وبالنسبة للرئيس رجب طيب أردوغان، فمثل الوضع المالي له فرصة كبيرة عندما جاء إلى السلطة في 2002 بعد أن جرفت آخر أزمة اقتصادية ضخمة في تركيا منافسيه، ما مكنه من الفوز في الانتخابات الوطنية والمحلية كافة منذ ذلك الحين، على حساب وعوده برفع مستويات العيش، لكن 2018 كان العام الذي انهار فيه مشروعه الاقتصادي بشكل مروّع، بعد أن بناه في المقام الأول على “الأموال السهلة”.
يذكر أن السنوات الأولى من حكم أردوغان، شعر الشعب التركي فيها بالإنتعاش الاقتصادي حيث توسّعت المصانع وازدادت فرص العمل، إلا أن الديون كانت تتراكم بشكل مستمر.
ولكن لم يستمر الوضع هكذا فتحول النصف الثاني من عصر أردوغان إلى طريق مليء بالعثرات، حيث اندلعت الثورات العربية وبدأ أردوغان في إتباع سياسات إنحيازيه لتيارات معينه مما أدخل تركيا في أزمات سياسية ،التي كان لها تأثير قوي علي الإقتصاد التركي.
علاوة علي الأزمة التركية مع روسيا عندما أسقطت القوات التركية مقاتلة روسية اخر 2015عام، متسببة باضطرابات جيو سياسية.
وبدأت الأزمة الإقتصادية تتجلي في أخر 2016 بعد الإنقلاب الفاشل والذي قام إردوغان علي أثره ببعض الإجراءات التعسفية من غلق آلاف المؤسسات و المصانع والشركات وفصل الآلاف من أعمالهم بحجة الإنتماء لجماعة” كولن” ، وهنا شهدت الليرة أول سقوط مدو لها.
بعد اهتزاز وضع الليرة، انتظر المراقبون رفع معدلات الفائدة للدفاع عن العملة ولكن كان الرئيس التركي يرفض بقوة .كما قام أردوغان بإتباع سياسة “الشح” في مصاريف الدولة، فانخفض مؤشر الدين العام بشكل جذري.
وفي كل مرة كان المصرف المركزي يحصل على الضوء الأخضر لرفع معدل الفائدة، عادت النتيجة أسوأ مما كان متوقعاً، ما جعل قيمة الليرة تهوي بشكل مستمر حتي فقدت 40% من قيمتها والتي فرضت علي المؤسسات والشركات إتباع خطة “اشتر الآن – ادفع لاحقاً”، وهو نموذج لم تكن تركيا مألوفة عليه سابقاً.
ومع استمرار انخفاض قيمة العملة، باتت الديون تزداد بشكل تدريجي مع عدم إمكانية تلك المؤسسات على سداد ديونها للمتعاملين الأجانب، بعد أن تم شراء المواد الأولية بالدولار أو اليورو، وفي نفس الوقت بات السعر المنصوص علىه للمنتج أقل من قيمة نالمعروض على رفوف المتاجر.
وفي 2018، أغلق أكثر من 1000 مصنع ومؤسسة أبوابهم، مع كشف الحكومة في مارس/ آذارعن إجراءات للحماية من الإفلاس، إلا أن الأمر لم يساهم في الحد من التدهور.