أثار ظهور خطة مؤامرة الحكومة التركية، الرامية إلى تصفية حركة “الخدمة” في وسائل الإعلام والسُّلْطة القضائيَّة، بَلْبَلةً داخل تركيا.
وطلب سردار جوشكون، النائب العامّ بأنقرة، في التعليمات التي أصدرها إلى مديريَّة الأمن العامّ في 11 حزيران/يونيو، الحصول على كافَّة المعلومات المتعلقة بالمؤسَّسات التي تدير أنشطتها حركة “الخدمة” باستخدام حقوقها الدستورية، في مجالات الحياة كافَّة، مثل: وسائل الإعلام، ومؤسَّسات المجتمع المدني، والأكاديميات، والمدارس، ومساكن الطلاب، والمنازل، ومراكز التقوية الخاصَّة، والشركات، والأوقاف والجمعيَّات… الأمر الذي نتجت عنه ردود أفعال مِن رجال القانون بسبب هذه التعليمات، التي تعني أنه ستُجرَى متابعات على الأشخاص في عموم تركيا. ويؤكّد رجال القانون أن نعت حركة “الخدمة” بــ”المجموعة المسلَّحة” ليس فيه أدني حقيقة قانونيَّة.
وقد علَّق النائب العامّ المتقاعد أحمد جوندال على الخطة بقوله: على حدِّ ما فهمنا، فالنيابة العامَّة في أنقرة تُجرِي تحقيقًا حول حركة “الخدمة” كتنظيم إرهابي، في مثل هذه الحالات يؤكَّد الموضوع من مديريات الأمن وقيادة قوات الدرك ما إذا كانت تنظيمًا إرهابيًّا مُسلَّحًا أو غير مُسلح، وإذا كانت لها أنشطة إرهابية أم لا. وبناءً عليه يمكن التحرك وفقًا للمعلومات التي في يدهم. ولكني لم أرَ مُراسَلَات لنقل المعلومات بين المؤسسات الحكومية بهذا القدر في أيّ تحقيق إرهابي سابق. ولا يمكن أن تنجز قوات الأمن هذه المهمة أصلاً.
أمَّا رئيس جمعية “القانون والحياة” محمد قصَّاب، فقال: طبقًا لقانون محاكمة العقوبات التركيَّة، يفتح النُّوَّاب العامُّون تحقيقات في حالة وجود اشتباه جنائي ملموس ومؤكَّد، ولا يمكن أن تتوافق مبادئ دولة القانون والديموقراطيَّة مع هذا الطلب لاعتماده على آراء وتقييمات غير موضوعية حول منظمات المجتمع المدني والمؤسَّسات التعليميَّة، التي لا يوجد أدنى دليل على ارتكابها جرائم كما يُزعَم.
وأوضح النائب العامّ لمحاكم أمن الدولة متي جوكتُرك أنه: سيكون من الخطأ الكبير إذا ما تحوّلت هذه العملية إلى ملاحقة أشخاص بتصنيفهم وفق آراءهم وأفكارهم ومذاهبهم اعتماداً على تقارير استخباراتبة. إذ لا توجد عصابة، ولا يوجد أيضًا عنصر من عناصر العصابة. هل يُعقَل وجود تنظيم دون برنامج أو رئيس للتنظيم أو اسم رمزي له؟! ولكي يمكن الحديث عن عصابة، يلزم أولاً أن يكون هناك مثل هذا التشكيل والتنظيم. في الحقيقة، لا أرى مخالفة في الإجراءات المتَّخَذة في الوقت الراهن، ولكن إذا انحرفت الأمور عن مسارها الحقيقي واتضح خلاف حقيقتها، فهذا شيء آخَر، إلا أنه لا نستطيع أن نقول ذلك في هذه المرحلة.
وقال رئيس تحرير جريدة “يني آسيا” التركيَّة كاظم جولتشيوز: بدأ الحديث عن هذه القضيَّة بعد أن قال أردوغان “إن كانت هذه مطاردةَ ساحرات، فلتكُن هكذا…”، وهذا هو المآل الطبيعي إذ تم الانطلاق من مثل هذا الأسلوب والفكرة. إن القضية اتخذت مسارًا حَرِجًا للغاية، ويؤسفني أن أقول إنّ ما لم يحدث في انقلاب 28 شباط / فبراير في تركيا، نشهده الآن في عهد الحزب الحاكم (العدالة والتنمية).
أما نور الله أيدين، عضو هيئة التدريس بجامعة غازي، فقال: من المؤسف أن تتجنّب الحكومة التحقيقَ في جرائم مرتكزة على أدلَّة واقعيَّة لا يمكن إنكارها، وأن تسعى في الوقت ذاته لاختلاق جرائم ومُجرِمين وأدلَّة لا تستند إلا إلى افتراضات وهميَّة. تُحاك خُطَّة ضدّ حركة “الخدمة” للتشتيت عن المزاعم الواردة في قضية الفساد والرشوة، وعن المرحلة التي قطعها حزب العمال الكردستاني الإرهابي في تحقيق أهدافه، وكذلك للحيلولة دون مساءلة المسؤولين من قبل الشعب على كل ذلك. تجري عمليَّة تضليل إعلامي لوَعْي المواطنين في تركيا، ويجري أيضًا اختلاق مُجرِمين عن طريق الدعاية السوداء، كما يوجَد تحرُّك نحو البحث عن أدلَّة مُختلَقة.
ـــــــــــــ
جريدة زمان التركية