برلين (زمان التركية)ــ إن النظام الحاكم في تركيا الذي يتبع سياسة الرجل الواحد المتمثلة في شخص أردوغان، لا يترك مجالًا لأي شخصية كاريزمية في البروز علي الساحة لذلك نجد السجون التركية مكتظة بالكوادر والشخصيات العامة المحبوبة ومن أبرز تلك الشخصيات المرشح الرئاسي السابق “صلاح الدين دميرطاش“.
نشر موقع”أحوال تركية” مقالاً للأكاديمي والمتخصص في الإقتصاد والسياسة التركية “يحي مدرا” تحت عنوان “الزعيم الكردي دميرطاش يشكل تهديدًا على أردوغان”.
يقول “مدرا” أن دميرطاش ظهر على الساحة الوطنية العامة كشخصية كاريزمية تتمتع بالقدرة على جمع كل فئات المجتمع الديمقراطية حولها، بغض النظر عن خلفياتها العرقية أو الدينية وحقق نجاحا خلال حملة الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السابع من شهر يونيو/ حزيران من العام 2015.
ويتجلي هذا في فوز حزب الشعوب الديمقراطي بنسبة 13 في المئة من الأصوات ومنع تشكيل حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحكومة أغلبية.
وخلال الحملة الانتخابية، تحدث دميرطاش إلى الجماهير المتحمسة في أنحاء تركيا، مستخدما خطابا يساريا مؤيدا للطبقة العاملة ذا صبغة سياسية ديمقراطية راديكالية تتناقض تناقضا صارخا مع الخطابات المبغضة التي يستخدمها أردوغان بل وكل المرشحين الآخرين.
ويري الباحث والأكاديمي “يحي مدرا ” أن تركيا المستقبل القائمة على الشمولية والمساواة والتي تقدس تنوعها الداخلي لا تحاول طمسه، تتمثل في شخصية دميرطاش باعتباره شخصية سياسية واثقة من نفسها ذات قدرة على إقناع الآخرين.
تلك الشخصية التي جائت بعد كفاح الحركة السياسية الكردية المستمرة منذ ثلاثة عقود كي تظل حركة قانونية على الرغم من أن مساعي الدولة التركية لاضطهادها قد عزلتها عن الساحة العامة إما بحظر حزب سياسي تلو الآخر أو بسجن جيل بعد جيل من السياسيين الأكراد.
ويؤكد أن دميرطاش بكاريزميته الفذة وقدرته على تطبيق مبادئ حزب الشعوب الديمقراطي للمساواة بين الجنسين دون عناء يمكن أن يكون بديلا للنموذج الذكوري الاستبدادي الذي يطرحه أردوغان ويدير فيه البلاد مثلما تدار الشركات.
ويشير إلى إلقاء القبض على زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان وحبسه في العام 1999، والذي أعتبره نقطة تحول في تغير أيدلوجية الحركة الكردية بعيدا عن أصولها ونحو ديمقراطية علمانية قائمة على المساواة بين الجنسين حيث سمح ذلك للجناح القانوني للحركة الكردية بإعداد برنامج ديمقراطي راديكالي، كما أفسح المجال أمام عملية السلام ووقف إطلاق النار الذي استمر عامين بين الدولة وحزب العمال الكردستاني وانتهى في 2015.
ويجد أن دميرطاش أصبح رمزا لهذا التحول الديمقراطي في الحركة الكردية، حيث التفت حوله جميع القطاعات الديمقراطية في المجتمع، بغض النظر عن خلفياتها العرقية والدينية، باعتباره بشيرًا لتركيا المستقبلية. وعلى النقيض من ذلك، أضحى أردوغان، بداية من فترة ولايته رئيسا لبلدية إسطنبول في تسعينات القرن العشرين، يمثل تيار الإسلام السياسي المستبد.
ويستكمل “مدرا” حديثه قائلا إن إلقاء القبض على دميرطاش وإتهامه بمجموعة إتهامات متعلقة بالإرهاب تزيد عقوباتها عن 100 عام، تجعل النظام الجديد يجرم الجناح القانونية للحركة الكردية، ويفصلها عن الساحة السياسية، ويحولها إلى عدو للدولة. وإن كان ذلك يتم بصورة عشوائية، من خلال التظاهر بالدفاع عن الجمهورية القديمة في مواجهة مطالب الأكراد بالحكم الذاتي التي يعتبر أنها تشكل تهديدا على وجود الدولة.
فهذا هو السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله للنظام الاستبدادي الجديد أن يضمن عدم خروج تركيا الديمقراطية القائمة على المساواة بين الجنسين إلى النور.
وفي نهاية مقاله يؤكد الاكاديمي “يحي مدرا” أن قدرة دميرطاش على تحطيم خرافة الخطر الذي ينذر بتفكيك تركيا يجعله يشكل تهديدا على عرش أردوغان.