إسطنبول (زمان التركية) – استسلمت تركيا بقيادة رجب طيب أردوغان لمشاعر الغضب والحقد والعداوة والكراهية تمامًا منذ بدء تحقيقات الفساد والرشوة التاريخية في عام 2013، فلا يمضي يوم إلا وتشهد البلاد حملات مداهمة واعتقال وفصل جديدة تطال معارضين ومدافعين عن أوضاع حقوق الإنسان بل حتى الذين يساعدون أسر ضحايا هذه الحملات، إلى جانب المجموعات المعارضة لسياسات الحكومة الهوجاء.
فقد نفذت السلطات التركية يوم الاثنين مداهمات في أكثر من 25 مدينة والعاصمة أنقرة، وذلك عقب صدور مذاكرات اعتقال من النيابة العامة بحق 89 شخصا على خلفية صلتهم بالانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا في 15 تموز / يوليو 2016 والذي يصفه المعارضة التركية بـ”الانقلاب المدبر” من قبل أردوغان وحلفائه من أجل إعادة تصميم السياسة والمجتمع والجيش.
وذكرت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء أن الادعاء أصدر أوامره بالقبض على 50 جنديا في مدينة تكيرداج بشمال غرب تركيا فقط، مشيرة إلى أن السلطات تبحث عن المزيد من المشتبه بهم في أكثر من 25 مدينة.
وقد جرى إلقاء القبض على سبعة من أفراد القوات الجوية، ستة منهم كانوا في الخدمة، في مدينة إسكي شهر بشمال غرب تركيا، وفق ما ورد في موقع “أحوال تركية”.
تأتي هذه الحملة الجديدة من الاعتقالات بعد حملة سابقة قبل بضعة أيام استهدفت عشرات الجنود في الجيش والبحرية التركية على خلفية محاولة الانقلاب قبل أكثر من عامين.
وعادة ما تلصق السلطات التركية بالمعارضين ومنهم هؤلاء الجنود تهمة جاهزة بأنهم على صلة بالداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة والذي تحمله حكومة أنقرة المسؤولية عن محاولة الانقلاب، في حين أنه يرفض تلك الاتهامات جملة وتفصيلاً ويدعو إلى تحقيق دولي في هذا الشأن، دون استجابة من الحكومة التركية.
وحسب تقارير تركية، فقد ألقت الشرطة في إسطنبول أيضا القبض على 21 آخرين من المشتبه بهم، بتهمة استخدام خدمة رسائل مشفرة تزعم السلطات أنه كان وسيلة تواصل الانقلابيين فيما بينهم.
يذكر أن أغلب هؤلاء المشتبه بهم معلمون وأكاديميون سابقون.
وكانت الأمم المتحدة أصدرت من في 18 أكتوبر / تشرين الأول 2018 تعقيبًا حول تطبيق بايلوك للمحادثة الفورية، بعد التدقيق والتحقيق في شكوى تقدم بها مواطن تركي يدعى “مَسْتان يايمان”، أكدت فيه أن كل الأحكام القضائية والإجراءات المتخذة من فصل واعتقال ومصادرة على أساس استخدام تطبيق بايلوك مخالفة للقانون، وأن مجرد استخدامه لا يمكن اعتباره دليل إدانة إن لم تكن هناك أدلة إدانة أخرى.
وعلى الرغم من أن السلطات التركية تصف بايلوك بـ”التطبيق المشفر للرسائل النصية”، وتضفي عليه أسرارا في نظر الرأي العام، بهدف توجيه الاتهامات العشوائية للمواطنين بكل سهولة، إلا أن الرأي الذي أصدره “فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي” في منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول الفائت وصف التطبيق بأنه “تطبيق عادي للمحادثة”، وأن المراسلة وتبادل الأخبار والمعلومات والآراء من خلاله تقع ضمن “حرية التفكير والتعبير عن الآراء”، ولا يمكن اعتباره جريمة.
واعتبر الفريق الأممي الإدانة بسبب استخدام بايلوك مخالفًا للمادة العاشرة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان -التي تركيا طرف فيها- والذي ينص على أن “لكل إنسان الحق في حرية التعبير. هذا الحق يشمل حرية اعتناق الآراء وتلقي وتقديم المعلومات والأفكار دون تدخل من السلطة العامة، وبصرف النظر عن الحدود الدولية”.
ومع أن الحكومة التركية قدمت لفريق الأمم المتحدة في 7 يونيو/ حزيران 2018، الأسبابَ التي تقتضي قبول استخدام تطبيق بايلوك دليل إدانة، بحسب رأيها، والأحكامَ القضائية التي أصدرتها المحاكم التركية، لكن الفريق رفض كل هذه الحجج وقضى بأن استخدامه لا يشكل أي جريمة، ولا يمكن إجراء محاكمات بالاستناد إلى الاداعاءات التي يتم الحصول عليها عن طريق الوصول إلى مراسلات المستخدمين عبر التطبيق.