بقلم: سلجوق كولتاشلي
حدث توافق.. إذ في الوقت الذي كان فيه أردوغان غارقًا في جولته في أوروبا ظانًا أن خطاباته وكلماته الاستقطابيّة، المعاديّة، الساعية إلى شيطنة الآخرين سلعةٌ قابلة للتصدير إلى أوروبا، أخذت حركة الخدمة للأستاذ محمد فتح الله كولن تبحث، على قدم وساق، عن مكان في أوروبا، لتنظيم فعاليات أولمبياد اللغة التركيّة بعد أن مُنع تنظيمها في تركيا هذا العام.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]فتح الله كولن: أُهنيء ألمانيا؛ تلك الديار التي تولي أهلها أهمية كبيرة لسيادة القانون، وحقوق الإنسان، والحريّات، وتؤكّد على الوحدة والعدالة والحريّة حتّى في نشيدها الوطنيّة، على استضافتها المشاركين الذين جاءوا من 145 دولة. كما وأتقدم بخالص الشكر للمسؤولين وللشعب الألماني.[/box][/one_third]إن حركة الخدمة التي دعمت على مدى فترات طويلة حزبَ العدالة والتنمية والحكوماتِ التي أسّسها خلال العقد الأخير، بسبب حملاتها الرامية إلى ترسيخ جذور الديمقراطية في البلاد وتنفيذها للإصلاحات التي تتطلّبها عملية عضوية الاتحاد الأوروبي، انطلقت نحو أوروبا بالتزامن مع بدء جولة أردوغان الذي أعلن عقب فضيحة الفساد والرشوة الكبرى أنه ينبغي حرمان أفراد الخدمة حتى من “الماء”، وذلك بأنهم لم يبايعوه ولم يخضعوا له! وتقاطعت طرقات الجانبين الأسبوع الماضي. ففي الساعات التي انطلق فيها برنامج “ألوان العالم” الذي يحتضن العالم بأسره في مدينة دوسلدورف، عمد أردوغان، مرة أخرى، إلى شيطنة كلّ مَن عارضه، خلال الاجتماع الحاشد الذي تم تنظيمه في مدينة ليون الفرنسية، في إطار حملاته الدعائية استعداداً لخوض غمار الانتخابات الرئاسية المقبلة.
تم تنظيم أولمبياد اللغة التركيّة، في قاعة (ISSDome) المغطّاة بمدينة دوسلدورف الواقعة على مسافة نصف ساعة من مدينة كولونيا التي ألقى فيها أردوغان الكلمة التي أسفرت عن نقاشات كبيرة في الـ24 من شهر مايو المنصرم. وما بقي من كلمته المذكورة في الأذهان هو صيحات استهجان المعارضين كافة، وعلى رأسهم رئيسة وزراء ألمانيا المستشارة أنجيلا ميركل، والرئيس المشارك للحزب الأخضر الألماني المنحدر من أصل تركي “جَمْ أوزْدَمير” الذي نعته أردوغان بـ”التركي المزعوم”، جراء انتقاده لمحتوى كلمته. وكان هناك من بين المشاركين في هذا اللقاء مَن يساورهم تردّد ووسوسة، وقد سمعنا بعضهم يهمسون: “سيحضر اللقاءَ زهاء 12-13 ألف شخص ملئين بالإثارة والانكسار. آمل أن لا يقذفون أردوغان بكلمة جارحة، أو يرفعوا شعاراً أو لافتة معارضة له، ونوضَع في موقف محرج”.
وبينما يلقي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في كلماته اللوم والتوبيخ على حركة الخدمة، أعرب مقدم البرنامج “كمال كولن” بأسلوب غاية في الاحترام عن حزنه على عدم تنظيم أولمبياد اللغة التركية في تركيا. ولم تصدر منه بذاءة ولوم كما فعل أردوغان.
وشهدت القاعة تصفيقات حادّة أثناء تقدُّم “كولن” بالشكر إلى ألمانيا على استضافتها البرنامج. وعلَت التصفيقات مرة أخرى في ألمانيا عندما قُرئت رسالة الأستاذ فتح الله كولن التي جاء فيها: “أُهنيء ألمانيا؛ تلك الديار التي تولي أهلها أهمية كبيرة لسيادة القانون، وحقوق الإنسان، والحريّات، وتؤكّد على الوحدة والعدالة والحريّة حتّى في نشيدها الوطنيّة، على استضافتها المشاركين الذين جاءوا من 145 دولة. كما وأتقدم بخالص الشكر للمسؤولين وللشعب الألماني”. وحضر البرنامج أناس للتصفيق وليس لإطلاق صيحات استهجان، وللاحتضان وليس للفرقة.. جاءوا ليعتصموا بحبل الحب ضد لغة البغض والكراهية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]ظنّوا أن أولمبياد اللغة التركيّة لن يقام هذا العام بعد ما قال أردوغان “لن نعطيهم ماء”، وأغلَقوا قاعات البلديات بحجة “تفادي الدوس على الحشائش”. ولكن حدث عكس ذلك، إذ انتشرت العروض الفنيّة التي كانت تقام مرة واحدة وفي مكان واحد فقط، إلى ثلاث دول، وقارتين، حيث أُجريت ثلاث مرات في كل من أثيوبيا ورومانيا وألمانيا.فأقيم الأولمبياد في ثلاث دول بينما كان يُقام في دولة واحدة. [/box][/one_third]قُدِّمَ البرنامج باللغة التركيّة والألمانيّة والإنجليزيّة، وزيّنت الصالة بأعلام الاتحاد الأوروبي، ودولة ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، ودول أوروبيّة أخرى، إلى جانب علم تركيا. وألقيتُ نظرة على اللافتات المرفوعة: “طريق الشوق هو سبيلنا”، “كل مكان في بقاع الأرض هو مكان للأولمبياد”، وأكثر ما راق إليّ بين تلك اللافتات هو ما كتب عليها “هناك تجديد عميق لا يشابه التجديد الظاهري”.
ظنّوا أن أولمبياد اللغة التركيّة لن يقام هذا العام بعد ما قال أردوغان “لن نعطيهم ماء”، وأغلَقوا قاعات البلديات بحجة “تفادي الدوس على الحشائش”. ولكن حدث عكس ذلك، إذ انتشرت الروض الفنيّة التي كانت تقام مرة واحدة وفي مكان واحد فقط، إلى ثلاث دول، وقارتين، حيث أُجريت ثلاث مرات في كل من أثيوبيا ورومانيا وألمانيا. فأقيم الأولمبياد في ثلاث دول بينما كان يُقام في دولة واحدة.
علينا أن نفرح بدلًا من أن نحزن لعدم تنظيم الأوليمبياد في تركيا. إذ سُنحت الفرصة لأوروبا أن تتابع عن قرب وخلال شهر واحد برنامج دوسلدورف لحركة الخدمة التي يتعرّض للشيطنة منذ السابع عشر من ديسمبر حتّى الآن، وبرنامج الحزب الحاكم الذي يقف وراء عملية الشيطنة هذه.
جدير بالذكر أن إغلاق الحكومة القاعات في تركيا، مهَّدَ الأرضيّة لأوروبا لترى بنفسها حركة الخدمة المستهدفة من قِبَل الحكومة التركيّة وتقارنَ بينها وبين الحكومة التركيّة.
وقد حملت الكلمات الملقاة في دوسلدورف، كما ذُكر خلال البرنامج، في طياتها روح مولانا جلال الدين الروميّ وبدا ذلك واضحاً على اللافتات المرفوعة من قِبَل المشاركين. وإذ أختم كلامي أترك لكم الإجابة على سؤالي الآتي: ما الروح التي حملتها كلمات أردوغان في “ليون”؟
ــــــــــــــ
جريدة زمان التركية