بروكسيل (زمان التركية) – اعتبرت جريدة “دي مورجين” البلجيكية أن إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هي الرابح الأكبر من قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل مقر القنصلية السعودية في إسطنبول مطلع الشهر الجاري.
وأوضحت الجريدة أن واقعة مقتل خاشقجي تسببت في ضغط كبير على العلاقات السعودية الأمريكية، مشيرة إلى أن أردوغان يتحرك بأريحية تامة في الأسبوعين الأخيرين.
وبحسب الجريدة فإن الدول الأوروبية تريد دليلًا ملموسًا أكثر من السلطات السعودية في الرياض على روايتها التي تقول إن خاشجي قتل إثر شجار في القنصلية. كما دعا الجمهوريون والديمقراطيون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى توقيع عقوبات على السعودية باعتبارها تنتهك حقوق الإنسان.
إلا أن ترامب لا يرغب في إعادة النظر في العلاقات مع المملكة العربية السعودية أحد أغنى دول العالم باحتياطات البترول. الأمر الذي يجعل هذا المشهد يمثل ضغطًا سياسيًا كبيرًا على كل من الإدارة الأمريكية والمملكة العربية السعودية.
وزعمت الجريدة أن تركيا هي الدولة التي خرجت أقوى من وراء اللعبة التي انكشفت بواقعة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، قائلة: “إنها المرة الأولى التي يتجه فيها أردوغان إلى الموازنة والتكتيك تجاه عملية استفزازية في قلب البلاد بدلًا من الصراخ كالعادة”.
أما العلاقات الأمريكية التركية، فلم يكن إفراج السلطات التركية عن القس الأمريكي أندرو برونسون الذي اعتقل في تركيا لأكثر من 3 سنوات بتهم التجسس السياسي والعسكري ومساعدة التنظيمات الإرهابية، مما تسبب في أزمة كبيرة وتوتر بين البلدين، مجرد صدفة، خاصة وأنه جاء عقب أيام قليلة من اختفاء جمال خاشقجي.
فقبل أن تندلع الأزمة مع المملكة العربية السعودية أصدرت أنقرة تعليمات بالإفراج عن برونسون، وبهذا تخلصت من إحدى الصعوبات والأزمات التي كانت تثقل عاتقها على الجبهة الأمريكية.
الأمر الذي جعل تلك الخطوة بناءة بشكل نسبي في حماية الاستقرار في العلاقات مع الرياض.
كما سلطت “دي مورجين” الضوء على التحقيقات التي تجريها السلطات القضائية التركية حول قضية مقتل خاشقجي، بالإضافة إلى اتفاق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تشكيل فريق تحقيق تركي سعودي مشترك للوقوف على ملابسات الواقعة، وأشارت إلى أن أردوغان وقف بعيدًا عن تصريحات وخطابات التخمين، قائلة: “إن أردوغان ضرب ومسح الألم”.
وأكد بوراك أوزبك عضو هيئة التدريس بجامعة الاقتصاد والتكنولوجيا التركية، في تصريحات الجريدة، أن تركيا تجنبت التصرف بعاطفية، وبهذا تجنبت أي خسائر قد تظهر في الأزمة الدبلوماسية المحتملة.
وأشار أوزبك إلى أن الاستثمارات السعودية الموجودة في تركيا تزيد عن مليار دولار أمريكي في عام 2017، فضلًا عن وجود أكثر من 750 ألف ثري سعودي جاءوا إلى تركيا للسياحة وقضاء عطلة، موضحًا أن الرئيس التركي أردوغان لا يريد أن يفقد مصدر الدخل السعودي السخي في تلك الفترة التي تمر فيها البلاد بأزمة اقتصادية.
وأكد الخبراء في تصريحاتهم للجريدة أن أنقرة وواشنطن والرياض سيتجنبون تمامًا الدخول في صدامات سياسية في الفترة المقبلة.