إسطنبول (زمان عربي) – أفضت الحسابات الخاطئة للإدارة التركية إلى وقوع مشاكل اجتماعية بين الأتراك والسوريين في مختلف أنحاء البلاد، الأمر الذي يحتّم إيجاد حلول عاجلة حتى لا يتسع الجرح ويتحول إلى غرغرينا.
وبينما مرّت ثلاثة أعوام ونصف العام على بدء الحرب الأهلية في سوريا، وصل عدد السوريين الذين عبروا إلى تركيا خلال فترة فتح المعابر لمدة ثلاثة أشهر إلى نحو مليوني شخص، وهو ما جعل تركيا، التي كانت قد أعدت خططها لاستقبال ربع مليون لاجئ سوري فقط، تواجه مشاكل لم تكن تتوقعها أبدًا.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]بينما مرّت ثلاثة أعوام ونصف العام على بدء الحرب الأهلية في سوريا، وصل عدد السوريين الذين عبروا إلى تركيا خلال فترة فتح المعابر لمدة ثلاثة أشهر إلى نحو مليوني شخص، وهو ما جعل تركيا، التي كانت قد أعدت خططها لاستقبال ربع مليون لاجئ سوري فقط، تواجه مشاكل لم تكن تتوقعها أبدًا.[/box][/one_third]ولأن مخيمات اللاجئين الاثنين والعشرين المقامة في 10 ولايات لم تكفِ لاستيعاب اللاجئين، انتشر السوريون بسرعة البرق في مختلف الولايات التركية الإحدى والثمانين، وظهرت مشاكل اجتماعية جديدة بسبب عدم استعداد البلديات وسائر مؤسسات الدولة الأخرى في تركيا لهذه الموجة العاتية من اللاجئين السوريين، وتغيّرت أجواء الأخوة وارتفع مؤشر التوتر بين أفراد المجتمع التركي وضيوفهم من السوريين بسبب ارتكاب بعض السوريين أعمال شغب، وحوادث تعدد الزوجات، وزيادة نسب الدعارة والتسوّل، وعدم كفاية الاحتياجات الأساسية كالمستشفيات والمدارس، وارتفاع إيجار المساكن.
وتعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها ولايات غازي عنتب وقهرمان مراش وأضنة، التي يقطنها اللاجئون السوريون بكثافة، هي خير دليل على هذه المشكلات المجتمعية، ويحذر ممثلو منظمات المجتمع المدني وقادة الرأي والخبراء من أنه في حالة عدم إيجاد حلول شاملة وعاجلة لهذه القضايا، فإنها ربما تتحول إلى صراعات عنصرية، أو حتى صراعات أخوية بين الأتراك والسوريين.
وكانت ولاية غازي عنتب شهدت نشوب شجار بين عدد من المواطنين الأتراك وبعض السوريين الذين ادُعي في حقهم استغلالهم الجنسي لطفلة تبلغ من العمر 12 عامًا، وهاجم أقارب الطفلة الضحية المنزل الذي يقيم فيه السوريون وسيارتهم بالحجارة، فيما نظم مجموعة من الأفراد في ولاية كهرمان مراش مظاهرة بحجة انزعاجهم من السوريين المقيمين في الولاية، الأمر الذي أفضى إلى نشوب مناوشات أدت إلى سقوط مصابيَن أحدهما من رجال الشرطة، كما تحوّل الصراع بين عدد من الحرفيين واللاجئين السوريين في أضنة حول عدم فتح محال تجارية بالمنطقة إلى عراك عنيف، وعمد عدد من الأشخاص الملثمين الذين يحملون السواطير إلى مهاجمة متاجر السوريين وتحطيم زجاجها وتدمير بضائعهم.
وقد عاشت ولاية غازي عنتب توترًا بين الأتراك والسوريين بعدما صدمت سيارة تحمل لوحات سورية أسرة تركية مكونة من أربعة أفراد، ما أدى إلى إصابة الأم وابنتها، وبعدها أوقف عدد من المواطنين الأتراك السيارة المتسببة بالحادث وبعض السيارات السورية التي كانت تسير في الطريق نفسه ودمروها.
وتعتبر هذه الأحداث هي بعض ما تشهده المدن التركية بين المواطنين واللاجئين السوريين، وهي تؤكد أيضا أن تركيا تواجه حاليًا حقيقة واقعة تتمثل في أن اللاجئين السوريين الذين هربوا من بطش نظام بشار الأسد قبل ثلاث سنوات أصبحوا يقيمون على الأراضي التركية بشكل دائم.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا تخطى حاجز المليون، فيما تقول الإحصائيات غير الرسمية إن مليوني سوري دخلوا تركيا منذ اندلاع الأزمة في بلدهم، وتتزايد أعداد اللاجئين السوريين بمرور الوقت، فيما كان يعتبرهم الجميع في بادئ الأمر أنهم “ضيوف” سيعودون إلى وطنهم خلال فترة قصيرة فور انتهاء الحرب وسقوط نظام الأسد. ونُصبت الخيام وبُنيت مخيمات اللجوء، لكن المنتظَر لم يحدث، ويقيم في الوقت الراهن نحو 220 ألف لاجئ سوري في 22 مخيما في مختلف المدن التركية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا تخطى حاجز المليون، فيما تقول الإحصائيات غير الرسمية إن مليوني سوري دخلوا تركيا منذ اندلاع الأزمة في بلدهم، وتتزايد أعداد اللاجئين السوريين بمرور الوقت، فيما كان يعتبرهم الجميع في بادئ الأمر أنهم “ضيوف” سيعودون إلى وطنهم خلال فترة قصيرة فور انتهاء الحرب وسقوط نظام الأسد. ونُصبت الخيام وبُنيت مخيمات اللجوء، لكن المنتظَر لم يحدث، ويقيم في الوقت الراهن نحو 220 ألف لاجئ سوري في 22 مخيما في مختلف المدن التركية.[/box][/one_third]ولم توفر هذه المخيمات الاحتياجات اللازمة للسوريين، حيث أنها لا تلبي حتى الاحتياجات الأساسية لخُمس ما تذكره الأرقام الرسمية، ويعيش السوريون الذين لم تسعهم مخيمات اللجوء اليوم، جنبًا إلى جنب مع السكان المحليين من الأتراك في مراكز المدن، وأصبح هناك لاجئون سوريون في كل ولاية تركية تقريبًا.
وبخلاف الولايات الحدودية مثل أضنة وهطاي ومرسين وغازي عنتب وكهرمان مراش وشانلي أورفا، يعيش السوريون في ولايات كبرى لا سيما إسطنبول وأنقرة وإزمير وبورصا، وفي الوقت الذي تطلّ فيه المشاكل برأسها بسبب السوريين الذين فتحوا متاجر لكسب لقمة العيش في أضنة ومرسين، بدأ السكان المحليون في ولايات مثل غازي عنتب وشانلي أورفا وهطاي وكهرمان مراش تنظيم الاحتجاجات على المشاكل الاجتماعية التي يعيشونها بسبب زيادة عدد السوريين.
ويرى منسق شؤون اللاجئين لشعبة منظمة العفو الدولية في تركيا فولكان جورنداغ أن حكومة حزب العدالة والتنمية أظهرت عجزًا كبيرًا فيما يتعلق بمسألة تسكين اللاجئين السوريين، مؤكدًا أن أنقرة لم تطبق أي برنامج للتعاطي مع هذا الوضع فيما عدا سياسة الباب المفتوح.
وقال جورنداغ إن الحكومة التركية فتحت الباب أمام اللاجئين السوريين، لكن أحدًا لم يراعِ المتطلبات الاجتماعية اللازمة لهم مثل الإيواء والغذاء، وكان يجب أولًا ترسيخ نظام لتسجيل هؤلاء اللاجئين، لكن حتى الحكومة لا تعرف عدد اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، أو في أي مدن يعيشون؟ وكم عددهم؟ وماذا يأكلون ويشربون؟
وأضاف أنه عندما تُجهَل هذه الأمور يصبح من الصعب تقديم الخدمات الأساسية، فالسوريون تُركوا لمواجهة مصيرهم المجهول.
وأضاف جورنداغ قائلًا: “أما أكبر المشاكل حاليًا فهي العلاقة بين السوريين والسكان المحليين من الأتراك، فعدم انتهاج الحكومة التركية سياسة واضحة المعالم أفضى إلى ظلم كلا الطرفين، وهو الأمر الذي دفع السوريين للتسول وممارسة الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية والفعاليات غير القانونية والاستغلال والعمالة الرخيصة وغير ذلك من مجالات الاستغلال”.