بقلم: عبد الحميد بيليجي
تتفطر القلوب إزاء أخبار الدماء والدموع ونحن نعيش شهر رمضان، الذي هو أقدس شهور السنة بالنسبة لنا كمسلمين.
فغزة تعيش تحت القنابل الإسرائيلية منذ أسبوع، وقالت الناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل نفذت أكثر من 1300 غارة جوية منذ 8 يوليو/تموز حتى الآن، كما سقط 800 صاروخ على الأراضي الإسرائيلية، وتجاوز عدد الشهداء الفلسطينيين 160 شهيدًا في حين أن الصواريخ المصنوعة يدوياً، والتي أُطلقت من غزة لم تصب سوى 3 إسرائيليين بجروح، وقالت الأمم المتحدة إن 80% من القتلى الفلسطينيين هم من المدنيين الذين لا علاقة لهم بالاشتباكات، وبينهم أطفال رُضَّع وآخرون في ربيع العمر، أما الجرحى فقد تجاوز عددهم الألف.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]المتابعون للأوضاع في الشرق الأوسط، خصوصًا، يرون أن اتفاقية سايكس-بيكو المتمثلة في الوضع الراهن المستمر منذ الحرب العالمية الأولى قد بدأت بالتصدع، لا شك في ذلك، لكن الفرق بين الأمس واليوم هو أنه لا توجد بين القوى الكبرى عناصرُ فاعلة لتؤسّس نظاماً جديداً للعالم وتتصدّى للمخاطر المحتملة بسبب ذلك. وقد ازداد خطر المنافسة والصراعات كثيراً في منطقتنا التي يتوسع فيها نفوذ السياسة الجغرافية الهشة نتيجة عدم تدخل قوى العولمة المسيطرة في الخلافات، وتم تهميش الأمم المتحدة.[/box][/one_third]وعلى الرغم من دعوة مجلس الأمن في الأمم المتحدة إلى وقف إطلاق النار إلا أن إسرائيل تطلب عبر منشورات جوية من سكان بيت لاهيا البالغ عددهم 100 ألف نسمة أن يتركوا بيوتهم. وآلاف البشر يتركون بيوتهم بسبب خوفهم على حياتهم، ولا أحد يعلم متى ستتوقف هذه الهجمات، ففي عام 2009 استشهد 1417 فلسطينياً بينهم 926 مدنياً جرَّاء الغارات الإسرائيلية التي سميت بالرصاص المصبوب، والتي استمرت 22 يوماً، وكان 355 من الشهداء أطفال، وحينها هُدم 4000 مبنى، وتشرَّد عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وأصبحت غزة مدينة منكوبة.
إن النظام العالمي عاجز تماماً، فهناك الكثير من الكلام لحل الأزمات، لكن ما من محاولة جادَّة على صعيد الدول، وقد سئم الناس من أخبار قصف مدينة غزة التي يعيش فيها مئات الآلاف من البشر حتى إنه لا يوجد أي تعاطف مع الشهداء الفلسطينيين الذين يُذبحون في أثناء مباريات كأس العالم لكرة القدم.
هل اللامبالاة وعدم الاكتراث موجود في الوضع الفلسطيني فقط؟ لا، ففي العراق نشاهد أحداث القتل الممنهج، وآلاف الناس يقتلون على يد تنظيم داعش الذي يُصوِّر ذلك عبر الفيديوهات التي ينشرها على الإنترنت، ولا يزال 49 شخصاً بينهم القنصل التركي العام يلماز أوزتورك، و30 عنصراً من شرطة المهام الخاصة، و18 موظفاً مع عائلاتهم رهائن لدى تنظيم داعش، حتى أن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي يخطط لإنشاء حكومة، وآلاف التركمان اضطروا لترك بيوتهم لتفادي بطش هذا التنظيم.
وقد أعلنت منظمات حقوق الإنسان أنه تم قتل 255 سنياً بدءاً من 9 يونيو/حزيران إلى الآن في ست مدن مختلفة من قبل قوات الأمن العراقية والميليشيات الموالية للنظام، وغدا لغزًا محيرًا معرفة كيف سيتحقق السلام والاستقرار في العراق ومتى سيكون ذلك؟ ومع ازدياد احتمال التقسيم في العراق يعلن الأكراد عن إجراء استفتاء حول الاستقلال.
أكثر من 160 ألفاً قُتلوا في سوريا، والمأساة التي يعيشها الشعب السوري منذ 3 سنوات أكثر بؤسًا مما يجري في فلسطين، وأصبحت نكبة البلد الذي هجره الملايين من سكانه للحفاظ على حياتهم تتفاقم باستمرار.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]يبدو أنه من المستحيل إنهاء الصراعات العرقية والمذهبية في سوريا والعراق اللتين بينهما حدود مصطنعة إلا بتدخل خارجي، والنتيجة الحتمية لعدم قدرة القوى الإقليمية على إيجاد نظام، ولعدم اتفاق القوى المتناحرة فيما بينها، هي الصراع المستمر والفوضى والانقسام، فهذا نظام فوضوي لا يسود فيه أي معيار، ولذك فإن المدن التي تتعرض للقصف والدول المقسَّمة والمدنيين الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة في حالة استسلام للقدر.[/box][/one_third]ليس في الشرق الأوسط فقط، فما يجري في أوكرانيا لا يختلف كثيرًا عن ذلك، فبسبب الاشتباكات الداخلية التي تجري في شرق البلاد جراء فقد جزء من الأراضي الأوكرانية بلغ عدد اللاجئين إلى روسيا أكثر من 200 ألف، ففي مدينتي دونستك (دنيز) ولوجانسك في شرق البلاد فقد 48 شخصًا حياتهم هذا الأسبوع فقط نتيجة العمليات التي نُفذت ضد الانفصاليين.
والمتابعون للأوضاع في الشرق الأوسط، خصوصًا، يرون أن اتفاقية سايكس-بيكو المتمثلة في الوضع الراهن المستمر منذ الحرب العالمية الأولى قد بدأت بالتصدع، لا شك في ذلك، لكن الفرق بين الأمس واليوم هو أنه لا توجد بين القوى الكبرى عناصرُ فاعلة لتؤسّس نظاماً جديداً للعالم وتتصدّى للمخاطر المحتملة بسبب ذلك. وقد ازداد خطر المنافسة والصراعات كثيراً في منطقتنا التي يتوسع فيها نفوذ السياسة الجغرافية الهشة نتيجة عدم تدخل قوى العولمة المسيطرة في الخلافات، وتم تهميش الأمم المتحدة.
ويبدو أنه من المستحيل إنهاء الصراعات العرقية والمذهبية في سوريا والعراق اللتين بينهما حدود مصطنعة إلا بتدخل خارجي، والنتيجة الحتمية لعدم قدرة القوى الإقليمية على إيجاد نظام، ولعدم اتفاق القوى المتناحرة فيما بينها، هي الصراع المستمر والفوضى والانقسام، فهذا نظام فوضوي لا يسود فيه أي معيار، ولذك فإن المدن التي تتعرض للقصف والدول المقسَّمة والمدنيين الذين يحاولون البقاء على قيد الحياة في حالة استسلام للقدر.
وإذا كنا لا نريد أن نعيش هذه الأحداث المؤسفة علينا أن نتكاتف كي نجعل بلدنا ديمقراطيًا ليكون دولةَ حقوق واقتصاد قوي وأن نبتعد عن الإجراءات الاعتباطية والمهاترات الفارغة، وإن نجحنا في ذلك فإننا من الممكن أن نكون عندئذٍ دواءً لسوريا والعراق ومصر وغزة.
صحيفة ” زمان” التركية