إسطنبول (زمان عربي) – منذ بدء تحقيقات الفساد في 17 ديسمبر / كانون الأول الماضي، والتي كشفت تورّط العديد من المسؤولين الكبار في الحكومة التركية في أعمال الفساد والرشوة، لم تتوقّف الصحف الموالية لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، وفي مقدمتها صحيفتا “صباح” و”تقويم” عن نشر الأكاذيب التي لم يشهد تاريخ الإعلام لها مثيلا.
ولا تعير الصحيفتان أي اهتمام للقرارات التي تصدرها المحاكم حول أخبارها الكاذبة، وتتجنّبان، حتى اليوم، نشر هذه القرارات على صفحاتهما، فضلاً عن ذلك فإنهما تعيدان نشر الأخبار نفسها، التي يتم تكذيبها رسمياً، على صفحاتها بعد مرور وقت، بلا خجل.
واستمرارا لهذا النهج أعادت الصحيفتان نشر خبرين سبق أن نشرتاهما في 21 يناير/ كانون الثاني و14 فبراير/ شباط الماضيين، تحت عنواني: (لمن هذا القصر) و(قصر فتح الله جولن)، وذلك على الرغم من أن المحكمة سبق أن أكّدت في قرار صادر عنها عدم صحّة محتوى الخبرين.
أما المزاعم الواردة في الصحيفتين فإنها مثيرة للسخرية، إذ تدّعي الصحيفتان أن عائلة “إيباك”؛ صاحبة المجموعة الإعلامية المعروفة باسمها، تعدّ أحد المنازل الفاخرة المملوكة لها في أنقرة للداعية الإسلامي فتح الله جولن ليقيم فيه عند عودته من الولايات المتحدة إلى أرض الوطن، غير أن الجميع، وعلى رأسهم نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم، يعلمون بأن عائلة “إيباك” تمتلك هذه المنازل منذ زمن بعيد ولا يزال أفراد العائلة يقيمون فيها.
وبالإضافة إلى أن المحكمة أصدرت قراراً بتكذيب الخبرين، فإن نور الله آلبايراق؛ محامي الأستاذ جولن نشر بياناً أدان فيه الممارسات غير المهنية للصحيفتين المذكورتين، وطالب مجلس الصحافة التركي بإدانة هذه الممارسات، وأصدر المجلس بدوره بياناً، ندد فيه بقيام الصحيفتين بنشر أخبار كاذبة، رغم تكذيب المحكمة لها من قبل.
وعلى الرغم من كل ذلك، عادت الصحيفتان، بعد سبعة أشهر، وبلا مبرر لنشر الخبرين، ولم تراعيا أي مبدأ أخلاقي، وانتهكت الحقوق الشخصية لعائلة إيباك في شهر رمضان المبارك، كما انتهكت الصحيفتان خصوصية العائلة في ممارسة دنيئة، إذ حلّقت في المرتين الأولى والثانية لنشر الخبرين طائرة مروحية، لا يعرف إن كانت تابعة لهما أم مملوكة للدولة، فوق الحديقة الخاصة بالمنازل المملوكة لعائلة إيباك لالتقاط صور لها، وهو الأمر الذي يجب أن يتم الكشف عنه.
ويعتبر قانون العقوبات التركي انتهاك الخصوصية العائلية جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن المشدد لمدة تتراوح مابين عامين وخمسة أعوام.
وتقدّمت عائلة إيباك بشكوى ضد الصحيفتين إلى نيابة منطقة” جول باشي” بالعاصمة أنقرة، بتهمة الاعتداء على الممتلكات الخاصة والحياة الشخصية عبر تحليق مروحيات على ارتفاع منخفض فوق منازلها، وينتظر صدور نتيجة التحقيقات خلال الأيام المقبلة.
ويعد إصرار الصحيفتين الموالتين لحكومة أردوغان على إعادة نشر الأخبار التي تم تكذيبها رسميا، انتهاكا صارخا للقوانين المعمول بها في البلاد، واعتداء سافرا على الحريات والحقوق الشخصية المصانة بالدستور.