بقلم: بولند كوروجو
كنتُ ضمن الصحفيين الذين تابعوا المؤتمر الذي عقده أمس” الخميس” المرشّحُ التوافقي للمعارضة التركية أكمل الدين إحسان أوغلو، لإطلاق حملته لانتخابات الرئاسة التركية، وإذا علمنا أن المرشح الآخر، رئيس الوزراء “رجب طيب أردوغان، لا يخرج إلاّ أمام الصحفيين الداعمين له فقط، فإن هذا المؤتمر الصحفي ينطوي على أهمية وقيمة كبرى.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]يعرف أردوغان، في الواقع، بأنه سياسيّ مفرط في الثقة بنفسه، لكن يبدو أن جهازه العصبي لا يتحمّل ثقل الأسئلة المحتمل طرحها عليه من قبل الصحفيين، إذن فهو لا يفضّل المؤتمرات والمحافل المفتوحة للأفكار ووجهات النظر المعارضة.[/box][/one_third]يعرف أردوغان، في الواقع، بأنه سياسيّ مفرط في الثقة بنفسه، لكن يبدو أن جهازه العصبي لا يتحمّل ثقل الأسئلة المحتمل طرحها عليه من قبل الصحفيين، إذن فهو لا يفضّل المؤتمرات والمحافل المفتوحة للأفكار ووجهات النظر المعارضة، لاسيما بعد الكلام الجدلي الذي جرى بينه وبين رئيس جمعية المحامين متين فيزي أوغلو، خلال اجتماع لمجلس الدولة.
ويبدو أن المرشح أردوغان لن يظهر على أية قناة لإجراء محاورات ومناقشات مع منافسه إحسان أوغلو حول القضايا المطروحة، على الرغم من أنه أصبح أحد التقاليد العالمية المعروفة، على كلّ حال، فلندع هذه المسألة جانباً ونعود إلى المؤتمر الصحفي لإحسان أوغلو.
لنبدأ بكلام معهود: إن إحسان أوغلو يتمتّع بخصائص وميزات ذاتية ومهنية تثير غبطة الآخرين، إلاّ أن قدرته على عرضها وتقديمها وتسويقها للآخرين لا تتناسب مع حجم تلك الخصائص والميزات، إذا صحّ التعبير.
وإذا قارنّا بين شخصيتي المرشّحيْن، فإن إحسان أوغلو يبدو كالوجه الشفاف للمرآة، بينما أردوغان كالوجه الملون المطلي لها، فصورة إحسان أوغلو هي صورة حقيقية، في حين أن صورة أردوغان هي صورة استكملت عملية الرتوش، وقد أعطى إحسان أوغلو إشارات على ذلك خلال مؤتمره الصحفي، وسعى للردّ على ترف أردوغان ببساطته، وعلى لغته العدوانية بهدوئه، وهو يفضّل الأجوبة القصيرة دون الخوض في المشادات الكلامية، وهو يتكلّم مؤكّداً اختلافه عن منافسه، ليس على مستوى الأسلوب فحسب، وإنما على مستوى المضمون والمحتوى أيضاً.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إذا قارنّا بين شخصيتي المرشّحيْن، فإن إحسان أوغلو يبدو كالوجه الشفاف للمرآة، بينما أردوغان كالوجه الملون المطلي لها، فصورة إحسان أوغلو هي صورة حقيقية، في حين أن صورة أردوغان هي صورة استكملت عملية الرتوش، وقد أعطى إحسان أوغلو إشارات على ذلك خلال مؤتمره الصحفي، وقد أكد اختلافه عن منافسه، ليس على مستوى الأسلوب فحسب، وإنما على مستوى المضمون والمحتوى أيضاً. [/box][/one_third]كما ظهر من مؤتمره الصحفي، فإن الإطار الدستوري والسعي من أجل المصالحة الوطنية يشكّلان أساس الدعاية الانتخابية لإحسان أوغلو، وأكد أنه مثلما دفع الثمن أيام انقلاب 28 فبراير/ شباط العسكري عام 1997 لدفاعه عن حقوق المرأة المحجّبة في التعليم، سيقف إلى جانب منْ وُصفوا بـ”المخربين” في أحداث “جيزي بارك” بمدينة إسطنبول العام الماضي.
طرح إحسان اوغلو أيضا أفكاراً مهمة بخصوص القضية الكردية، إذ قال: “إن التكلّم بلغة الأم حقّ إنساني أساسي ثابت مثل حليب الأم، فإذا تمكّنت من التكلّم بلغتك الأم في مكان ما، فهو وطن بالنسبة لك، أما إذا لم تستطع ذلك فهذا يعني أنك لا تعيش في وطنك”.
وينظر إحسان أوغلو إلى السياسة الخارجية لتركيا على أنها غير ناجحة، ولخّص انتقاداته في هذا المضمار على النحو التالي: “إذا كان يتمّ احتجاز دبلوماسييكم كرهائن، وإذا كان لا يوجد لكم سفير في الدولة المعنية، وإذا كانت الطرق التجارية تغلق في وجوهكم، فإن ذلك يعني أن هناك مشكلة ما”.
وفي معرض ردّه على هجوم أردوغان عليه بشأن القضية الفلسطينية وما يجري في قطاع غزة، ذكر إحسان أوغلو قائمة طويلة مما فعله في هذا الشأن، وكرّر عبارة: “لقد أجريتُ كثيراً من الزيارات إلى قطاع غزّة، وصلّيتُ في القدس، في أكثر من موضع وسياق”، ولعلّه كان بذلك يعيد إلى الأذهان إعلان أردوغان أنه سيزور غزّة قبل شهور، ثم تراجعه وإعلانه تأجيل زيارته إلى أجل غير معلوم.