بقلم: شاهين ألباي
نشرت صحيفة” راديكال” التركيّة وثائق تكشف أن رئيس جهاز مكافحة الإرهاب بمديريّة الأمن العام، طلب في بيان سري أرسله إلى مديريات الأمن في 30 محافظة تركيّة، التّأكد مما إذا كانت جماعة فتح الله جولن تضم قوة مُسلّحة أم لا.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]حركة” الخدمة”: حركة مجتمع مدني قائمة على الإيمان؛ ليس لها مثيل في العالم، تقوم بتنشئة أجيال من المتعلمين وعلى خُلق، وتبذل الحركة مجهودات بقيم استثنائيّة من أجل النهوض بالدولة والاندماج في العالم وإقامة جسور السلام والتواصل بين الشعوب.[/box][/one_third]ولم يكتف رئيس جهاز مكافحة الإرهاب بذلك؛ إنما طلب أيضًا التحقيق في قضايا مضت عليها أعوام، مثل اغتيال القس “عزيز سانتورو” والهجوم على دار النشر” ذروة” في طرابزون، واغتيال الصحفي الأرميني “هرانت دينك” في إسطنبول، واغتيال نجيب حبلميت أوغلو، وعُزير جريح، للاشتباه في تورط حركة” الخدمة” التي تستلهم فكر الأستاذ جولن، في تلك الاغتيالات.
وكشفت صحيفة” طرف” التركية تحت عنوان: “مطاردة الساحرات تطال من هم دون سن الثامنة عشرة”، أنّ البيان السري تضمن تعليمات بـرصدِ ملايين الطلاب الذين ترددوا على فصول التقوية والسكن الطلابي التابع لحركة” الخدمة” في السنوات العشر الأخيرة، كما كشفت عن قيام فريق عمل سري، تم تشكيله داخل مديرية أمن أنقرة، برصد 100 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة من حيث الحجم والميزانيّة، في جميع محافظات تركيا البالغ عددها81 محافظة، صنفت على أنها تعمل تحت غطاء حركة الخدمة.
كما احتوت بعض الأخبار على وثائق تقول إن الحكومة التركيّة تسعى، بأمر من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، لإظهار أن حركة” الخدمة” هي تنظيم مُسلح يرمي لإسقاط الحكومة، وأنها بدأت إنشاء شبكة (الساحرات) التي لا مثيل لها.
عند قراءة ما قاله أردوغان في الاجتماع العام لحزب العدالة والتنمية الذي توعّد فيه بأنه سيحاسب مسؤوليه الذين سيبقون صامتين وبدون ردّة فعل تجاه حركة” الخدمة”، حينها شعرت بأنني أمام منظر خيالي يستحيل تصديقه بالعقل والمنطق، ولا شك في أن صحيفة” طرف” كانت على حق عندما كتبت في عنوان رئيس: “الحزب الحاكم فقد صوابه”.
والآن لننحي افتراءات أردوغان وطغمته، وأكاذيبه، وإهاناته وخطابه العدائي جانبًا، ولنقف قليلًا على التعريف بفتح الله جولن، فمن هو؟
هو عالم ليس له مثيل في العالم الإسلامي؛ يتقبل الآخر وفقًا لديمقراطيّة الدين الإسلامي، وحقوق الإنسان، وعلمانيّة حريّة الاعتقاد للجميع، وهو من رسّخ مبدأ احترام جميع أنماط العيش والعقائد والأفكار، وهو من نبذ العنف، وبذل ما في وسعه لإحلال المحبة والاحترام المتبادل بين المواطنين والشعوب.
ماهي حركة” الخدمة” ،التي يمثل جولن مصدر إلهامها؟
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]صنفت الحكومة طيفا عريضا من المجتمع كمجرمين، ثمّ سعت لاختلاق الأدلة على ذلك، ولم تشهد أية دولة، سواء كانت متقدمة أم متخلفة، مثل هذه الفوضى القانونية في القرن الحادي والعشرين، ومن ثم فلا داعي للخوض فيما حدث من زاوية الديمقراطيّة.[/box][/one_third]هي حركة مجتمع مدني قائمة على الإيمان؛ ليس لها مثيل في العالم، تقوم بتنشئة أجيال من المتعلمين وعلى خُلق، وتبذل الحركة مجهودات بقيم استثنائيّة من أجل النهوض بالدولة والاندماج في العالم وإقامة جسور السلام والتواصل بين الشعوب.
إلّا أن حكومة أردوغان المتهمة بدعم التنظيمات الإسلامية المتشددة والإرهابيّة في سوريا والعراق والتي تتفاوض خفيّة مع حزب العمال الكردستاني ذلك التنظيم غير الشرعي، تسعى لتشويه صورة حركة” الخدمة” ،التي تمد يد العون لأبناء الأناضول وتبذل ما في وسعها لإحلال السلام والمحبة داخل تركيا وخارجها.
ما السبب وراء ذلك؟
السبب هو أن يبيّن أردوغان للشعب أن ما تزعمه حركة” الخدمة” بشأن قضايا الفساد والرشوة المتهم فيها هو وأفراد أسرته، ما هي إلا مؤامرة تروّج لها الحركة، إلّا أن هذا يتسبب في قلب المسيرة القانونيّة رأسًا على عقبٍ، إذ صنفت الحكومة طيفا عريضا من المجتمع كمجرمين، ثمّ سعت لاختلاق الأدلة على ذلك، ولم تشهد أية دولة، سواء كانت متقدمة أم متخلفة، مثل هذه الفوضى القانونية في القرن الحادي والعشرين، ومن ثم فلا داعي للخوض فيما حدث من زاوية الديمقراطيّة.
لقد رأينا جميعًا أردوغان في خطاباته، التي طالما نعت فيها حركة” الخدمة” بالساحرات، يقول من ناحية: “لم نكن مستقطبين أو عنصريين أبدًا ولن نكون، ولا يصيبنكم أدني ريب في أنني سأكون رئيسًا لكم جميعًا”، ومن ناحية أخرى يقول إنه لن يتهاون في مواصلة مطاردتهم، ويعلن، بتهور، أنه إذا اُختير رئيسًا للجمهوريّة سيكون في الوقت نفسه رئيسًا للوزراء وللحزب الحاكم ، منتهكا الدستور.
حسنا، لا يوجد ما يدعو للتشاؤم؛ فتركيا ليست مجتمعًا بدائيًّا يمكنه أن يقبل مثل هذه البشاعة والظلم، ولا شك في أن هؤلاء الخارجين على القانون سينالون حسابهم إن عاجلا أم آجلا.
صحيفة “زمان” التركية