(زمان التركية)–حركة الخدمة التركية حركة اجتماعية مرجعيتها الدين الإسلامي السمحة الوسطية منذ نشأتها، وهذه الحركة تعرضت لشتى المشاكل منذ نشأتها من العسكريين، والعلمانيّين المتشددين، والقوميين، والسياسيّين ألخ…، ولكن أزمتها الأخيرة التي تعرضت لها منذ ثلاث سنوات هي مختلفة عن ما سبق، وكان من يريد عرقلة حركة الخدمة قبل هذه الأزمة هم الذين لا يعيشون الدين الإسلامي ولا يهتمونه به بشكل مباشر.
وأما الهجوم الأخير الذي يهدف إلى إبادة حركة الخدمة فقد جاء من حزب سياسي أصوله “الإسلام السياسي”، وهم يستخدمون الدين لمصالحهم الشخصية والسياسية، وبسبب ذلك الشعب التركي ظن أنهم متدينون حقًّا لأنهم -وعلى رأسهم رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية حاليًا- أظهروا أنفسهم متدينون حقًّا، أردوغان يتكلم عن الدين الإسلام في كل مكان، وكلما اقترب موعد الانتخابات صلى مع الناس في المساجد واشترك في الجنائز وقرأ القرآن أمام التلفاز إلخ. علما بأن الشعب التركي لم يرَ قبل ذلك أيًّا من الرؤساء يصلي أمام الناس ويهتم بالعبادة والدين الإسلامي بشكل كبير.
وهكذا أردوغان بدأ باستغلال الدين والمؤسسات الدينية، والجماعات الإسلامية، والمدارس الشرعية مثل ثانوية الأئمة والخطباء والجامعات وكليات الإلهيات وما شابه ذلك، ومن أهمها رئاسة الشؤون الدينية التركية، وهي أسست في سنة (1924م)، ومنذ نشأتها لم تتدخل فيها السياسة إلى هذا الحد الكبير، وبعض القوى الحاكمة قديما استخدمها لمصالحه في أيامهم مثل الجيش عندما قام بالانقلاب على الحكومة في (1980م)، ولكن لم يكن ضررها على الاسلام والمسلمين بالقدر الذي نشهده اليوم من تفسير الإسلام كاملًا وتفصيله على مزاج الطغمة الحاكمة اليوم.
وهم يسبون حركة الخدمة وعلى رأسهم الأستاذ فتح الله كولن في الخطب والمواعظ التي تُلقى للناس كافة في المساجد، ويكفرون الأستاذ ومحبي حركة الخدمة وينسبون إليهم الارتداد، والنفاق، والضلالة، والنظام الإرهابي، وأنهم من الحشاشين، وأنهم انقلابيون خرجوا على السلطان المسلم العادل…
إنهم يؤولون النصوص والآيات القرآنية الخاصة باليهود والنصارى والمنافقين وكأن المقصود بها هو حركة الخدمة ومنتسبيهم.
ولعبت رئاسة الشؤون الدينية التركية دورًا مهما في الانقلاب الفاشل 15 يوليو/ تموز 2016، لأنه ظهر بعد ذلك أن رئيس المخابرات ورئيس رئاسة الشؤون الدينية كانا في اجتماع ثنائيّ أثناء الانقلاب، وأمروا الأئمة والمؤذنين أن يقرؤوا الصلوات الشريفة على المآذن ليحركوا الشعب التركي في الشوارع ضد الجيش.
أمر أردوغان رئاسة الشؤون الدينية بإصدار كتاب شامل عن آراء الأستاذ فتح الله كولن ليقضي عليه ويُسيء سمعته أمام الناس، وبدأت رئاسة الشؤون الدينية شغلها وبعد سنة نشرت كُتيّبًا صغيرًا جدّا لا يتجاوز 130 صفحة صغيرة الحجم، وهم لم يستخدموا القواعد العلمية والأسلوب المهني في هذا العمل، وافتروا على الأستاذ فتح الله كولن افترائات بشعة… ولقد حققوا هدفهم المنشود، ألا وهو نسبة الضلال إلى حركة الخدمة وتكفيرها.
الفعاليات الأخرى لرئاسة الشؤون الدينية ضد الحركة الخدمة:
- تم إبعاد وطرد آلاف من الأئمة الذين يحبون الخدمة والأستاذ فتح الله كولن دون أدنى قرار من المحكمة.
- تم توظيف وتعليم الأئمة الذين يعتنقون فكر الإسلام السياسي الموافق لأردوغان وحزبه، وتم تعميمهم في كل أرجاء تركيا.
- تأسيس المؤتمرات الدولية لتقبيح صورة حركة الخدمة في العالم الإسلامي خاصة في العالم العربي.
- البرامج المختلفة التي أقامتها رئاسة الشؤون الدينية في كل أنحاء تركيا ضد حركة الخدمة.
- ظهر أن الأئمة التابعين لرئاسة الشؤون الدينية في ألمانيا يعملون لصالح المخابرات التركية وهم يرسلون أسماء محبي حركة الخدمة.
- بعض الأئمة التابعين لرئاسة الشؤون الدينية لم يصلوا صلاة الجنازة على المتوفى من منتسبي حركة الخدمة ورفضوا دفنه في مقابر المسلمين.
وبعد ذلك بعض الجماعات الدينية والطرق الصوفية الموالية لأردوغان قالوا: إن حركة الخدمة خرجت عن الدين الإسلامي، وهم يحبون النصارى واليهود، دمائهم هدر وأموالهم حلال ونسائهم غنيمة لنا… وبدؤوا يستحلون مؤسسات الخدمة الموجودة في كل أنحاء تركيا التي يزيد عددها على الآلاف مثل الجامعات، المدارس الخاصة، والمستشفيات، سكن الطلاب وما شابه ذلك.
وهم أيضًا استخدموا النصوص الدينية وأولوها على أهدافهم السياسية، وإذا ظهر كذبهم وافتراءاتهم قالوا: نحن نمتثل أوامر النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: “الحرب خدعة“، ونحن نحارب الآن هذه الجماعة الإرهابية. (!)
وأريد أن أنهي الموضوع بواقعة حقيقية عِشتها قبل سنة ونصف تقريبًا:
رأيت العدد 313 لمجلة ” “Diyanet Aylık Dergi الصادرة من طرف رئاسة الشؤون الدينية التركية شهريًّا في تاريخ 15 يناير/ كانون الثاني 2017 وهم أصدروها ضد حركة الخدمة؛ وكانت كل المقالات ضد حركة الخدمة والمفكر الإسلامي فتح الله كولن، وأما المؤلفون فقد كانوا من الأكاديمين من جامعات الإلهيات، وأردت أن أطّلع على ما قالوه ضد الأستاذ وبعد ذلك قرأت مقالًا عن الخدمة تحت اسم “حركة نفاق” وألفه الأستاذ الدكتور “حلمي دمير” في جامعة.
هذا الأستاذ الكبير البروفسور أخذ قولًا من كتب الأستاذ ونسبه إليه[2] وبعد ذلك كتب مقاله على هذا القول. أولًا أردت أن أقرأ ما قاله الأستاذ فتح الله كولن في الكتاب المذكور، ووجدت القول ولكن فوجئت بأن هذا القول -الذي ينسبه صاحب المقال إلى الأستاذ- ليس من قول الأستاذ بل كتبه شخص آخر مقدمةً لكتاب الأستاذ فتح الله كولن. وكتبتُ رسالة لصاحب المقال عبر التواصل الاجتماعي تويتر وقلت له: “مقالكم من ألفها إلى يائها تعتمد على الجملة المنسوبة إلى فتح الله كولن ولكن هذا ليس من كلامه، وإنما هو من كلام شخص آخر كتب تقديمًا للكتاب”، ولكن هو لا يرد ولو ببنت شفة ورفضني من التتبع في تويتر.
وفهمت أنهم يستغلون الدين الإسلامي، والمؤسسات الدينية ومناصبهم الموجودة في المؤسسات الدينية، وألقابهم الأكاديمية ضد الأستاذ وحركة الخدمة.
بقلم:_ اسماعيل مصطفى