أدلى رئيس الوزراء التركي “رجب طيب أردوغان” بتصريحات اعترف خلالها بـ”المؤامرة” التي تحيكها حكومته ضد حركة الخدمة التي يطلق عليها “البنية الموازية” منذ بدء تحقيقات الفساد والرشوة الكبرى في الـ17 ديسمبر المنصرم، والتي يراها محاولةً للإطاحة بحكومته، على حد زعمه.
وفي إطار ردّه على سؤالٍ لوسائلِ الإعلام الموالية لحكومته حول ما “إذا بدأت عملية اقتحام جحور أفراد حركة الخدمة أم لا”، أجاب أردوغان بأن “البنية الموازية تعرقل خطوات السلطة التنفيذية، ولكن التعديلات القانونية التي أجريناها تنتظر الآن موافقة رئيس الجمهورية، وعندما تتم الموافقة عليها فإن تلك الخطوات ستتسرّع”.
أما في معرض إجابته على سؤالٍ عن احتمالية النظر في جميع الملفات والدعاوى المرفوعة ضد أفراد الخدمة من قِبل محكمة واحدة عند انتهاء التحقيقات، فقد قال أردوغان: “إن العملية التي نخطّط لتنفيذها ستشمل خطوات عديدة، بدءًا من إصدار نشرات حمراء وانتهاءً بفتح دعاوى. فكما أنهم فتحوا مئات الدعاوى ضدنا، فنحن كذلك سنفتح مئاتٍ بل آلافاً من الدعاوى ضدهم. وحينها سيتغيّر مسار الأمور ومجريات الأحداث. وقد ظهرت بوادر ذلك فعلاً”، على حد تعبيره.
ولفت أردوغان إلى إغلاق بعض المدارس التابعة للمنظمة الموازية، على حد وصفه، في دول وسط آسيا وأفرقيا، ثم أردف بكلام لا يمكن أن يصدر من فم رئيس وزراء بلد ديمقراطي تسود فيه دولة القانون: “نعمل في الوقت الراهن على “تطوير مشروع”، وعند الفراغ منه، فإن هذه العملية ستتسرّع”، وفقاً لقوله.
وكان وزير الداخلية الأسبق في حكومة أردوغان “إدريس نعيم شاهين” قد كشف الغطاء عن مخطَّط عملٍ تديره بشكل سري للغاية وزارةُ الداخلية، يتشكَّل من 23 مادة، ويطالب بتسخير جميع إمكانيات الدولة من أجل إلصاق تهمة “التنظيم المسلَّح” بحركة الخدمة، وذلك من خلال الطلب الذي تقدّم به إلى البرلمان لاستجواب وزير الداخلية الحالي “أفكان علاء” حول الموضوع. إذ قال الوزير السابق: “وفي هذا الإطار تجري مساعٍ جِدِّية لإلصاق جرائم اغتيالات خلال العقد الأخير بحركة الخدمة، كاغتيال رجل الأعمال التركي من أصل يهودي “عزير جاريه”، والكاتب والمؤرّخ التركي “نجيب هابلميت أوغلو”، والراهب الكاثوليكي “سانتورو”، والصحفي التركي أرمني الأصل “هرانت دينك”، وجرائم أحداث “دار الذروة للنشر” وغيرها”.
ومن الملفت أن الأحكام الصادرة عن المحاكم المكلّفة بالنظر في قضية شبكة “أرجنيكون” الإرهابية كانت أدانت أعضاء هذه الشبكة، المفرج عنهم جميعا مؤخّراً، بالوقوف وراء عمليات الاغتيال هذه، سعياً لنشر الفوضى والبلبلة والاضطراب في البلاد لتهيئة الظروف لإحداث انقلاب عسكري، الأمر الذي يعطي فكرة عن حلفاء حكومة أردوغان في محاولتها للقضاء على حركة الخدمة.
وكذلك فإنه وفقاً لهذا “المخطّط السري للغاية”، سيعزل المجلسُ الأعلى للقضاء القضاةَ والمدَّعين العامِّين المسؤولين عن النظر والتحقيق في قضية الفساد والرشوة الأخيرة، وستطلق نيابة مكتب الجرائم المرتكَبة ضدّ النظام الدستوري، التابعة للنيابة العامة في أنقرة، عملياتٍ متسلسلةً ضدّ القضاة والمدَّعين العامِّين السابق ذكرهم وعناصرِ جهاز الأمن رفيعي المستوى قُبَيل الانتخابات الرئاسية وبدء العطلة القضائية، حتى يمكن ترجمة هذا المخطّط المشبوه إلى أرض الواقع.