برلين (زمان التركية) كان القصر الرئاسي الفاخر الواقع في العاصمة التركية أنقرة أحد أهداف الانقلابيين خلال محاولة انقلاب الخامس عشر من يوليو/ تموز، بحسب مزاعم السلطة الحاكمة.
وفقًا للرواية الرسمية، قام الانقلابيون بقصف القصر الرئاسي في ساعات الصباح من يوم السادس عشر من يوليو/ تموز، بدلاً من التوجه إلى الفندق الذي كان يمكث فيه الرئيس رجب طيب أردوغان بمدينة موغلا أو مهاجمة طائرته التي انطلقت من مدينة مرمريس متوجهة إلى إسطنبول.
لكن اللافت أن الانقلابيين على الرغم من أنهم لم يستطيعوا إصابة القصر الرئاسي الواسع جدًا (750 ألف متر مربع) وكأنهم عمي، إلا أنهم أصابوا المواطنين الذين احتشدوا في محيط القصر لدعم أردوغان، مما أسفر عن إصابة ومقتل العديد منهم.
ولا تزال علاقات الاستفهام عالقة في الأذهان كيف أخطأ الانقلابيون في إصابة قصر ضخم كهذا تبلغ مساحته 750 ألف متر مربع، على الرغم من أن الطائرات المستخدمة في الهجوم مزودة بصواريخ موجَّهة بالليز لا يمكنها أن تخطئ!
لعل جواب السؤال يكمن في هذا الفيديو الذي نعيد نشره اليوم والذي نشره في وقت سابق إعلام السلطة والقصر على أنه دليل على استهداف الانقلابيين قصر أردوغان، لكن الفيديو يكشف في الحقيقة أن ما سمي انقلابًا كان مسرحية أعدها الرئيس أردوغان وفريقه.
تُظهر المكالمة الهاتفية التي نشرها إعلام أردوغان والتي جرت بين الانقلابيين المستهدِفين للقصر الرئاسي أن القائد المسؤول يطالب الطيار بعدم قصف مبنى القصر الرئاسي ذاته، والاكتفاء بقصف الأماكن المحددة فقط، إذ يأمر بإطلاق النار على الأرض المستطيلة أمام الجامع عند الطريق المقابل للجامع من دون استهداف الجامع نفسه، مؤكدًا “أنهم يريدون هكذا”، من دون الكشف عمَّن يشير إليهم ضمير “أنهم”، مع أن المرجح هو أن هذا الضمير يشير إلى أردوغان! أي أردوغان هو من طالب حلفاءه من العسكريين بعدم إلحاق أي ضرر بقصره!
لكن المذهل أن الانقلابيين استهدفوا أماكن أخرى قريبة من القصر الرئاسي ولم يتجنبوا استخدام القنابل وقصْف المواطنين المدنيين الأبرياء، ما يدل على أن أردوغان قرر زيادة الجانب التراجيدي من السيناريو ليكون أكثر إقناعًا للرأي العام.. بمعنى أن قلبه رقَّ لقصره، ولم يرقّ للمواطنين الذين جاؤوا إلى جوار القصر لدعمه، وضحَّى بالمدنيين ولم يضحِّ بقصره الفاخر!
كان أردوغان اعتبارا من الساعات الأولى للمحاولة الانقلابية اتهم فتح الله غولن وحركة الخدمة بتدبير المحاولة الانقلابية وحملهم المسؤولية عن استشهاد 250 شخصًا خلال هذه المحاولة الغاشمة، إلا أن غولن رفض الاتهامات الموجهة إليه جملة وتفصيلاً، وتحدى بالدعوة إلى تشكيل لجنة دولية لتتولى التحقيق في هذا الاتهام، إلى جانب الاتهامات المشابهة الموجَّهة إليه منذ عام 2012، نظرًا لتسيُّس جهاز القضاء في تركيا بشهادة القاصي والداني، معلنًا استعداده للعودة إلى تركيا والقتل شنقًا بكل أريحية إن أثبتت تلك اللجنة الدولية ولو واحدًا من تلك الاتهامات. أما الرئيس أردوغان الذي وصف هذه المحاولة الانقلابية بـ”نعمة وهدية إلهية” فلم يستجب لهذه الدعوة حتى اللحظة، واكتفى بتوجيه هذه الاتهامات النمطية الجاهزة فقط.
يذكر أن رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليجدار أوغلو وصف المحاولة الانقلابية بـ”المدبرة” و”تحت السيطرة”، بينما وصف بعض أعضاء حزبه ما حدث بـ”المسرحية”.
نقدم لكم الشريط المسجل التالي الذي يتضمّن المحادثات التي أجريت بين الجنود الذين نسقوا الهجوم على القصر الرئاسي والذي نشره كل وسائل الإعلام عقب المحاولة الانقلابية:
محادثة تليفونية بين هاكان كاراكوش من (برج المراقبة) وأحمد توسون قائد الطيارين القاصفين للقصر الرئاسي:
المكالمة الأولى:
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): تفضَّل
أحمد توسون (سرب الطائرات): يا قائدي!
هاكان كاراكوش (برج المراقبة) : تفضل
أحمد توسون (سرب الطائرات): لقد أطلقنا طائرة
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): نعم
أحمد توسون (سرب الطائرات): محملة بالقنابل
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): نعم
أحمد توسون (سرب الطائرات): ولكن لا يوجد اتصال لاسلكي معها
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): نعم
أحمد توسون (سرب الطائرات): قلْ للزميل على الطائرة لقد أعطيناه إحداثيات، سيقطلق النار على الأماكن المحددة فقط، لكن عليه أن ينتظر تعليماتنا.
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): حسنًا!
أحمد توسون (سرب الطائرات): لن يطلق النار على البناء، ولكن سيصوِّب على محيط المكان فقط
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): حسنًا
أحمد توسون (سرب الطائرات): وسيكون في انتظار تعليماتنا بالضرب
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): حسنًا، تم! تمام شكرًا
المكالمة الثانية:
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): أفندم!
محمد فاتح شافور (سرب الطائرات): يا قائدي أنا شافور!
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): تفضل
محمد فاتح شافور (سرب الطائرات): الشيء الذي أقلع يعرف وجهته نعم
محمد فاتح شافور (سرب الطائرات): يريدون إلقاء الحمولة (القنبلة) في اتجاه الغرب من المكان
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): الغرب؟
محمد فاتح شافور (سرب الطائرات): نعم في اتجاه الغرب
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): في أقصى الغرب؟
محمد فاتح شافور (سرب الطائرات): الهدف هو الأرض المستطيلة هناك أمام الجامع… تقصفون الطريق المقابل للجامع
هاكان كاراكوش (برج المراقبة): حسنًا