أنقرة (زمان التركية)ــ مع أداء رئيس حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان القسم الدستوري الأسبوع المقبل أمام البرلمان التركي تتحول البلاد إلى النظام الرئاسي الجديد الذي يلغي العديد من المناصب مثل رئيس الوزراء وتنتقل صلاحياته وصلاحيات مجلس الوزراء إلى رئيس الجمهورية.
وبالرغم من فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية جديدة لرئاسة الجمهورية بعد أن حصل على 52% من الأصوات في الانتخابات التي أجريت في 24 يونيو/ حزيران الماضي، بفارق كبير بينه وبين مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض محرم إنجيه، إلا أن الرأي العام منشغل بالحديث عن التعديلات التي تثير العديد من علامات الاستفهام حول عدم استقلالية القضاء، وغياب الرقابة ومحاسبة رئيس الجمهورية، وعدم الفصل بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وتمكنَّا من خلال هذا المقال تلخيص الشكل الذي سيكون عليه النظام في البلاد عقب تنصيب أردوغان رئيسًا للبلاد والانتقال للنظام الرئاسي، من خلال ست مواد:
* مراحل الانتقال للنظام الرئاسي:
عقب إعلان اللجنة العليا للانتخابات النتائج النهائية في 5 يوليو/ تموز 2018، ونشر النتائج في الجريدة الرسمية، من المقرر أن يتوجه النواب ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان إلى البرلمان لأداء القسم الجمهوري في 8 يوليو/ تموز، وفي 13 يوليو/ تموز سيتم اختيار رئيس البرلمان. ومع قسم رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان وبدء فترته الرئاسية الثانية ينتهي دور الحكومة القديمة فعليًا وينتهي النظام البرلماني بشكلٍ رسمي، ويبدأ العمل بالنظام الرئاسي.
ولكن قبل الانتقال إلى لنظام الرئاسي الجديد الذي يحظى فيه رئيس الجمهورية بصلاحيات واسعة، يجب إجراء تعديلات على نصوص مواد القوانين المعمول بها في البلاد؛ على سبيل المثال، سيتم استبدال كل المواضع التي ورد فيها مصطلح “رئيس الوزراء” أو مجلس الوزراء” إلى “رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى إلغاء بعض المواد كاملة بشكلٍ رسمي.
وبناءً عليه من المنتظر من الحكومة أن تصدر مرسومين خلال الأسبوع الجاري، استنادًا على قانون الصلاحيات الذي تم الموافقة عليه في شهر مايو/ أيار الماضي. بالإضافة إلى أنه من المنتظر أن يصدر أردوغان أول قرار “فرمان” رئاسي بعد أن يبدأ ولايته الثانية. وسيتم إعلان تشكيل الحقائب الوزارية الجديدة بقرار من رئيس الجمهورية.
* ما هي قرارات رئاسة الجمهورية؟ هل لها حدود؟
توضح المادة 104 من الدستور المنظمة لصلاحيات ومهام رئيس الجمهورية، أن رئيس الجمهورية سيصدر مرسوم قرار رئاسي في الموضوعات ذات الصلة بالصلاحيات التنفيذية. إلا أن الحقوق الأساسية والحقوق الشخصية والحقوق السياسية لن يتم تنظيمها بمرسوم رئاسي. كذلك لن يصدر مراسيم رئاسية في الموضوعات التي يتم تنظيمها بالقوانين والموضوعات المتوقع تنظيمها بقوانين خاصة كما هو موضح في الدستور.
وفي حالة وجود أحكام مختلفة بين المراسيم الرئاسية والقوانين، سيتم تطبيق أحكام القوانين. وفي حالة إصدار البرلمان التركي قانونًا في الموضوع نفسه، يكون مرسوم رئاسة الجمهورية غير نافذ.
* نفوذ لا حدود له في حالة الطوارئ
ولكن عملية تقييد إصدار مراسيم رئاسة الجمهورية، لا تكون سارية في حالة إعلان حالة الطوارئ. حيث تنتقل صلاحيات إعلان حالة الطوارئ في البلاد إلى رئيس الجمهورية من مجلس الوزراء الذي يجتمع برئاسة رئيس الجمهورية.
في حالات الطوارئ، وفي الموضوعات التي تستوجب إعلان حالة الطوارئ، سيكون من صلاحيات رئيس الجمهورية إصدار مرسوم رئاسي دون الخضوع للحدود المنصوص عليها في المادة 104 من الدستور. ولكن في حالة عدم مناقشة البرلمان المراسيم الرئاسية التي تصدر عن رئيس الجمهورية في ظرف 3 أشهر خلال فترة حالة الطوارئ وعدم إصدار قرار فيها، يتم إلغائها تلقائيًا.
* هل تحل مراسيم رئاسة الجمهورية بديلًا عن مراسيم حالة الطوارئ؟
وفي حالة انتهاء تطبيق حالة الطوارئ المعلنة في البلاد منذ عامين، سيكون لمراسيم رئاسة الجمهورية المهام نفسها لمراسيم حالة الطوارئ. ومن الناحية الفنية تحمل مراسيم رئاسة الجمهورية تشابهًا مع مراسيم حالة الطوارئ الصادرة خلال فترة إعلان حالة الطوارئ. وفي النظام الحالي تصدر مراسيم حالة الطوارئ بالصلاحيات الممنوحة لمجلس الوزراء من قبل البرلمان، أما في حالة الطوارئ، يصدر مجلس الوزراء مراسيم حالة الطوارئ برئاسة رئيس الجمهورية، دون الحاجة إلى إصدار البرلمان قانونا بالصلاحيات.
أما النظام الجديد فلرئيس الجمهورية صلاحيات إصدار مراسيم رئاسية في الحالات العادية وحالات الطوارئ على سواء. ولكن الشيء الأهم الذي يميز بين مراسيم حالة الطوارئ والمراسيم الرئاسية، هو أن الأخيرة لا تحمل حكم القوانين. فضلًا عن أن مراسيم حالة الطوارئ يتم عرضها على البرلمان للحصول على موافقة المجلس، بينما يتمكن رئيس الجمهورية من إصدار مراسيم رئاسية دون حاجة للحصول على موافقة البرلمان.
ومن خلال التعديلات التي أجريت على الدستور، سيتم تنظيم عمل هيئة الرقابة الحكومية، ومهام ومدد أعضاء الهيئة، والاختصاصات الأخرى وكذلك تشكيل الأمانة العامة لمجلس الأمن الوطني ومهامه بشكل مباشر من قبل مراسيم رئاسة الجمهورية.
* من له صلاحيات مراقبة مراسيم رئاسة الجمهورية؟
في النظام الرئاسي الجديد الذي تنتقل إليه البلاد، تُمنح المحكمة الدستورية صلاحيات مراقبة مدى توافق القوانين والمراسيم الرئاسية واللائحة الداخلية للبرلمان، دون النظر إلى مواد وأسس الدستور. ولكن في حالة الطوارئ والحروب، من غير الممكن أن يتم رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية للطعن على المراسيم الرئاسية التي تتعارض مع الدستور.
كما ينص النظام الجديد على أن يتم تخفيض عدد أعضاء المحكمة الدستورية إلى 15 عضو فقط، بعد حذف الأعضاء الذين كانوا ذو خلفية عسكرية. ويتم اختيار 3 أعضاء من خلال الاقتراع السري داخل البرلمان. بينما يقوم رئيس الجمهورية بتعيين الأعضاء الباقين (12 عضوًا).
الأعضاء الباقين يتم اختيارهم كالتالي: 3 منهم من قبل المحكمة العليا، و2 من قبل مجلس الدولة، و3 من قبل مجلس التعليم العالي. ويقوم رئيس الجمهورية مباشرةً بتعيين أعضاء مجلس التعليم العالي. يختار رئيس الجمهورية جميع أعضاء المحكمة العليا، وربع أعضاء مجلس الدولة، بينما يختار المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين ثلاثة أرباع أعضاء مجلس الدولة.
ويحدد رئيس الجمهورية بشكل مباشر أربعة أعضاء من المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين المكون من 13 عضوًا من بينهم وزير العدل ومستشاره.
* موقع البرلمان من النظام الجديد
وفيما يتعلق بالطعن على صحة المراسيم الرئاسية ومخالفتها للدستور، فإن هذه الصلاحية تخص رئيس الجمهورية، والتكتل البرلماني المكون من الحزبين السياسيين صاحبي أكبر عدد من الأعضاء، وكذلك خمس أعضاء البرلمان مكتملًا.
وللحكم بإلغاء أو بطلان المراسيم الرئاسية، يجب ان يصدر البرلمان قانونًا في الموضوع نفسه أو أن يكون قد تم تنظيم الأمر في قوانين سابقة أو وجود أحكام مختلفة في القوانين القائمة بالفعل.
لذلك، فإن البرلمان له صلاحية مراقبة مراسيم الرئاسة، ولكن نظرًا لأن المعارضة التركية لا تمتلك الأغلبية داخل البرلمان، لن يكون ذلك ممكنًا. ومع تمتع حزب رئيس الجمهورية بأغلبية برلمانية، ستكون إمكانية مراقبة البرلمان للمراسيم الرئاسية قليلة إن لم تكن منعدمة.
لقراءة الخبر باللغة التركية اضغط على الرابط التالي: