بقلم: نوريه أكمان
علينا أن نهنِّئ أردوغان مرتين.. ليس فقط لحصوله على 21 مليون صوت من أصوات 56 مليون ناخب على الرغم من كل السلبيات، وكذلك نهنؤه على إقناعه ل 13 مليون ناخب بعدم ضرورة ذهابهم إلى صناديق الاقتراع؛ لكنه نسي تقديم الشكر لهؤلاء القوميين واليساريين الكماليين الذين لم يشاركوا في الانتخابات لانشغالهم بالعطلة الصيفية، وقدم شكره فقط للذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع وانتخبوا منافسَيه ، وبالتالي لم يكن لبقًا مع الآخرين!
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]علينا أن نهنِّئ أردوغان مرتين.. ليس فقط لأنه وصل إلى منصب سياسي لن يحاسبه فيه أحد، بل لأنه رسم لنا بدقة تامة مستوى الوعي الفائق لدى الشعب الكادح الذي يغض النظر عن السرقات التي تجري في أثناء القيام بالأعمال.[/box][/one_third]يجب شكر أردوغان مرتين لسببين، ليس لأنه شخص لا يُهزم فحسب، بل لأنه أظهر لنا حقيقةً مفادُها أن أكثر من نصف الشعب يريد حكمًا استبداديًّا، حيث قال في خطابه أمام الجماهير: “إن الذين يصفوننا بالاستبداد والدكتاتورية عليهم أن يحاسبوا أنفسهم”، نعم إنه محق تمامًا، فليخجل وليندم من يفكر بهذه الطريقة.
علينا أن نهنِّئ أردوغان مرتين.. ليس فقط لأنه وصل إلى منصب سياسي لن يحاسبه فيه أحد، بل لأنه رسم لنا بدقة تامة مستوى الوعي الفائق لدى الشعب الكادح الذي يغض النظر عن سرقات واختلاسات المسؤولين بحجة لأن الحكومة تسرق لكنها تعمل.
علينا أن نهنِّئ أردوغان مرتين، فقد كان يعرف أن الحزبين القومي واليساري لن يتمكنا من دعم أي مرشح لهما منفردين، ولذلك خوَّف هذين الحزبين المعارضين وساقهما إلى ترشيح مرشَّح مشترك، وكذلك أظهر أن المرشح المشترك بدون قاعدة شعبية لا قيمة له، وبقي مرتاح البال.
علينا أن نهنِّئ أردوغان مرتين لأنه سرعان ما وصل إلى القصر الرئاسي في الوقت الذي بدد فيه جهود الحزبين المعارضين، ووضع زعيميهما في بؤرة الإدراك والوعي ليفكرا في معنى مقولة: “ما من عذر يحل محلَّ النجاح”.
علينا أن نهنِّئ أردوغان مرتين.. لأنه استطاع أن يقول عبارة: “معذرةً فقد قالوا إني أرمني”، ثم سرعان ما انتقل إلى عبارة: “هناك مصطلح “مواطن تركي” قبل أن تكون هناك مصطلحات مثل: أرمني، رومي، تركي”؛ ولأنه نسي أنه قال مرة إنه جورجي، ثم تذمَّر من الذين قالوا إنه جورجي، وكذلك هو يستحق تهنئة لثقته المطلقة بنفسه التي أدت به إلى عدم الاعتذار عن كلمته السابقة “معذرة فقد قالوا إني أرمني”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]علينا أن نهنِّئ أردوغان مرتين، فقد كان يعرف أن الحزب القومي واليساري لن يتمكنا من دعم أي مرشح لهما، ولذلك خوَّف هذين الحزبين المعارضين وساقهما إلى ترشيح مرشَّح مشترك، وكذلك أظهر أن المرشح المشترك بدون قاعدة شعبية لا قيمة له، وبقي مرتاح البال.[/box][/one_third]علينا أن نهنِّئ أردوغان لأنه قال في خطابه عبارة: “الكثرة في الوحدة” وشرحها بعكس معناها قائلًا: “الوحدة في الكثرة” ومع ذلك سحر الجماهير إلى درجة أنهم لم ينتبهوا لهذا الخطأ. فهل هي زلة لسان؟ لا ندري، ولكن أين من يهتمُّ بالمصطلحات الدينية؟ ونظرًا لكون البشر يمثلون الكثرة ولكون الله يمثل الوحدة، فإنه ينبغي على الزعيم حماية تلك الكثرة التي أوجدها الخالق. وربما هذا هو ما قصده أردوغان.
وإلا نصب الإنسان نفسه في مكان الخالق والعياذ بالله، وبتأويلنا هذا قد جعلنا أنفسنا تحسن الظن به. ولذلك فهو يستحق تهنئةً خاصَّةً على ذلك. لنطوِ الآن صفحة التهاني، ولنفتح صفحة الأسئلة:
في الليلة التي انتُخب فيها رئيسًا للجمهورية دعا أردوغان الرئيسَ القرغيزي “أتامباييف” إلى الشرفة التي ألقى أردوغان خطابه منها. ولكن ما الذي أراده أردوغان من هذه العملية؟ وما هي القيمة الرمزية لقرغيزستان بالنسبة لتركيا؟ ونظرًا لأنه خالف جوهر خطاباته الأربعة السابقة، فإلى أية درجة يمكننا أن نثق بخطابه الخامس. فهل انتهت الحرب وتم وقف إطلاق النار؟ وهل أُغمدت السيوف، وبدأت مفاوضات تبادل الأسرى؟ وحين ادَّعى أردوغان انتهاء فترة “رؤساء الجمهورية تحت الوصاية العسكرية”التي استمرت منذ انقلاب 1960، فلماذا لم يستثنِ عهد عبد الله جول؟ ولماذا لم يتقدَّم إليه بالشكر؟ ولماذا لا يريد أن يكون رئيس الوزراء الجديد شخصٌ مثل جول؟ وهل سيستطيع أردوغان أن يحافظ على ديناميكيته التي كان عليها منذ 12 عاما؟ وهل سدة الحكم التي تعب وناضل من أجلها ستكون كما يأمل؟ وهل ستكفيه طباعه كالطمع والعناد على الفوز بالانتخابات؟ وهل سيقول أردوغان بعد مدة لماذا أَتيتُ إلى هنا أو إنه سينتشي بالنصر؟
فهل يمكن دائمًا إدارة سفينة السياسة من قصر الربان الموجود على اليابسة في حين أن السفينة كانت تسير دائما في عرض البحر ذي الأعاصير والأمواج الهائجة؟ وهل يمكن لحزب حاكم أن يحصل على أغلبية الأصوات لتغيير الدستور سنة 2015؟ وهل ثمة فرق بين إخراج الأعضاء الشيوخ المخضرمين من أحد الأحزاب، ووضع مجموعة من الشباب الذين ليست لديهم أية خبرة سياسية فقط لأن الزعيم يريد ذلك، وبين تطعيم شجرة التفاح بالباذنجان؟ فهل شوهد نجاح مثل هذا التطعيم من قبل؟
صحيفة” زمان” التركية