برلين (زمان التركية)ــ قال تقرير نشره موقع (أحوال تركيا) أن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي يبرز خلال مرحلة الاستعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر عقدها الأسبوع القادم، ككيان “يتميز بالتنوع بين مرشحيه” وذلك بعد احتضانه مرشحًا من أصول آشورية.
يعرف عن حزب الشعوب ارتباطه العميق بالحركة السياسية الكردية لكن وجود شخصيات مثل توما شيليك المرشح الأشوري عن مدينة ماردين بجنوب شرق البلاد يُظهر أن الحزب يهدف لتمثيل أقليات أخرى.
الأشوريون من بين أقدم الأقليات العرقية بالمنطقة، ويرجع تاريخهم في الأناضول إلى آلاف السنين.
ورغم ذلك لم يكن لهم وجود يذكر في المرحلة السياسية للجمهورية التركية. وكان ايرول دورا أول برلماني أشوري يناقش قضايا مجتمعه بعد فوزه كمرشح مستقل في انتخابات عام 2011.
وشأنهم شأن المجتمعات المسيحية الأخرى، جرى تعريف الأشوريين بأنهم جماعة أقلية في بنود معاهدة لوزان المبرمة في عام 1923 التي حددت مفاهيم الأقليات وحقوقهم في الجمهورية التركية القائمة حديثا آنذاك.
لكن الأشوريين لم يستفيدوا من حقوق الأقليات حتى الإعلان عن حزمة إصلاحات في عام 2013.
وخلال الحرب العالمية الأولى، تعرض الأشوريون مع الأرمن لمذابح وعمليات طرد إجبارية في حوادث اعترفت بها أطراف عدة على أنها إبادة جماعية، لكن تركيا لم تعترف بهذا الوصف.
هذه الحوادث، وما أعقبها في العقود التالية من عمليات تمييز، دفعت الآلاف من الأشوريين للبحث عن الأمان في الخارج.
ونتيجة لذلك، ورغم بقاء 25 ألف أشوري فقط في تركيا، يملك نحو 200 ألفا آخرين من الأشوريين الأتراك في الشتات حق التصويت في الانتخابات.
ويدلي هؤلاء بأصواتهم على أمل أن يتمكن الحزب الذي يؤيدوه من تهيئة ظروف تسمح لهم بالعودة يوما ما.
وشيليك الذي انتقل إلى سويسرا وهو في سن التاسعة هو أحد هؤلاء الأشوريين في الشتات. وقد عاد الرجل إلى تركيا عازما على رفع مخاوف شعبه، داخل وخارج تركيا، إلى البرلمان.
ورغم امتنانه لما قدمه دورا للسياسة التركية إلا أن شيليك يرى أن مسؤوليته تجاه المجتمع الأشوري أكبر.
وقال شيليك “نوجه الشكر إليه (دورا) لكنه نائب مستقل. لم يملك نفس مكانة النائب التي أمتلكها”.
وأضاف “إنه أشوري لكن لم يجر اختياره كمرشح مشترك من قبل جماعات وجمعيات أشورية…إني مسؤولياتي أكبر لأنني لست فقط مرشح عن حزب الشعوب الديمقراطي – بل لأنني أمثل أيضا الشعب الأشوري ولذلك يتعين علي أن اهتم بمطالبتهم بشكل خاص”.
ومن أهم هذه المطالب هي ضمان تهيئة بيئة آمنة وديمقراطية للأشوريين. وقال شيليك إن هذه المصاعب تفاقمت خلال حالة الطوارئ القائمة حاليا منذ محاولة الانقلاب الفاشل في عام 2016.
ويقيم معظم الأشوريين في منطقة الصراع بين القوات المسلحة التركية وحزب العمال الكردستاني الذي يقاتل منذ عام 1984 بهدف حصول الأكراد على حكم ذاتي في جنوب شرق البلاد الذي تسكنه أغلبية كردية.
ووجد كثير من الأشوريين أنفسهم عاقلين في الصراع بين الطرفين.
وقال شيليك “لدينا مخاوف بشأن الأمن نظرا لأنه من المستحيل معرفة ما سيحدث بين لحظة وأخرى”.
وأضاف “إنه أمر محزن ولكن لا زالت تلازمنا ذكريات المذابح. ولهذا السبب في أي وقت يظهر فيه موقف تتضاءل فيه الديمقراطية والسلام نظن دوما أننا سنكون أول المستهدفين”.
وبجانب قضية الأمن، يواجه الأشوريون الأتراك مشكلات أخرى مرتبطة بهويتهم في بلد يروج بقوة للتركية لغته الرسمية على حساب لغات أصلية أخرى ومنها الأرامية اللغة الأم للأشوريين.
والدين مشكلة أخرى. فمعظم الأشوريين مسيحيون أرثوذكس سريانيين. وقد بذلت الحكومة التركية الإسلامية جهودا لمصادرة أراض تخص الكنيسة، وفي بلد تصل نسبة المسلمين فيه إلى 99 بالمئة من عدد السكان يصعب على الأشوريين ممارسة عباداتهم بسلام. وتعهد شيليك برفع القضيتين إلى البرلمان التركي كمسألتين عاجلتين إذا فاز في الانتخابات، كما يهدف للبدء في إصلاح ما وصفه بأنه ظلم قائم منذ 90 عاما قبل الاعتراف بحقوق الأقلية الأشورية في عام 2013.
وفي مسألة اللغة قال شيليك “كفاحنا يشبه كفاح الأكراد…نملك على الورق (فقط) الحق في ممارسة لغتنا الأم لكن لا توجد مدارس تدرس الأرامية. وتوجد مشكلة أخرى وهي مصادرة الحكومة لأراض تخص الأديرة السريانية. وقد وصل هذا القمع لكنائسنا أيضا. وبهذه الطريقة فهم يفرضون قيودا على حرية الاعتقاد ويحتلون أراضينا”.
وفي ظل ما تظهره استطلاعات الرأي من استمرار الدعم لحزب الشعوب الديمقراطي، يملك شيليك كل فرصة للفوز بمقعد في البرلمان.
ويعتقد الرجل أن الحزب سيفوز بنسبة 14 بالمئة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية مرجعا ذلك لأسباب منها تدفق الأصوات على الحزب من ناخبين يرغبون في اجتيازه لنسبة العشرة بالمئة وهي الحد الأدنى لدخول البرلمان.
وقال شيليك إن هذه هي الطريقة الوحيدة لهزيمة حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي سيستولي على هذه المقاعد في حال الخسارة باعتباره ثاني أكبر الأحزاب في جنوب شرق البلاد.
وأوضح “إن الحكومة تبذل جهودا لحرمان (حزب الشعوب الديمقراطي من اجتياز عتبة العشرة بالمئة). وفي ماردين على سبيل المثال، اقتادوا أناسا صوتوا لنا إلى مركز الشرطة قبل زيارة للحزب وهددوهم.”
وتابع “يتنقل بعض الناس حول المنطقة وهم يحملون بنادق ويرتدون ملابس مدنية ويخيفون الناس”.
ومما يسلط الضوء على هذه النقطة أنه جرى تصوير الرئيس رجب طيب أردوغان هذا الأسبوع وهو يوجه تعليمات لمسؤولين محليين بحزب العدالة والتنمية بتحديد واستهداف ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي في مناطقهم.
وبعد يوم من ظهور هذا التصوير، قتل أربعة أشخاص بالرصاص في شجار بين أقارب نائب عن حزب العدالة والتنمية، وصاحب متجر يؤيد حزب الشعوب الديمقراطي.