أخيرًا عرفنا مَن سينافس حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الرئاسية الجمهورية يوم 10 آب/أغسطس. أعلن اثنان من أكبر أحزاب المعارضة (حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية)، دعم الأمين العامّ السابق لمنظمة التعاون الإسلامي “أكمل الدين إحسان أوغلو” مرشَّحًا مشترَكًا لهما للرئاسة. هذا تطوُّر إيجابي لعدة أسباب:
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]توافق حزبي المعارضة على مرشَّح واحد يعني أن السباق الرئاسي لن يكون سباق نتيجته محدَّدة سَلَفًا. معارضة منقسمة بعيدة عن الفوز قد تكون السيناريو المثالي لحزب الحكومة، ومن ناحية أخرى صيغة كارثية لِمَن لا يريد فوز حزب العدالة والتنمية.[/box][/one_third]أولاً توافق الحزبين على مرشَّح واحد يعني أن السباق الرئاسي لن يكون سباق نتيجته محدَّدة سَلَفًا. معارضة منقسمة بعيدة عن الفوز قد تكون السيناريو المثالي لحزب الحكومة، ومن ناحية أخرى صيغة كارثية لِمَن لا يريد فوز حزب العدالة والتنمية.
ثانيًا، نظرًا إلى تاريخ ومزايا “إحسان أوغلو” فعليه أن يفعل ما هو ضروري للتغلُّب على مرشَّح حزب العدالة والتنمية: إقناع الناخبين المحافظين بوجود بديل حقيقي.
مدَحَ زعيم الشعب الجمهوري “كلشدار أوغلو” صِدق وحُسن سمعة “إحسان أوغلو”، بينما عديد من المعلّقين وصفوا الزعيم السابق لمنظمة التعاون الإسلامي بأنه دبلوماسي ذو خبرة، ومثقف محترم. بعبارة أخرى: زعيم يوحِّد البلاد بدلاً من التقسيم.ولكن السؤال الذي ينبغي طرحه هو: هل ستكفي هذه الخطوة الحكيمة لاختيار “إحسان أوغلو”؟ بصراحةٍ لدَيَّ شكوك؛ أولاً ليس لدَيَّ أي فكرة عَمَّ سيدافع “إحسان أوغلو”. سوف يحافظ معظم الناس على حسن ظنهم حتى يعلن “إحسان أوغلو” مشاريعه لتركيا، لكن لن يكفيه ذلك إن افترضنا أن مرشَّح الحزب الحاكم هو أردوغان.
يجب عدم الاستخفاف بصعوبة إرضاء عموم الناخبيين المعارضين المحتمَلين لحزب العدالة والتنمية. هل سيتقبل الكماليون المتشددون مسلمًا متديّنًا كرئيس لهم في جنكايا؟ أو هل سيعتبرون انتخاب إحسان أوغلو خطوة إلى الوراء ويقعدون في بيوتهم في 10 آب/أغسطس؟
من جهة أخرى، من المتوقع أن حزب السلام والديموقراطية، التابع لحزب العمال الكردستاني، سيعيِّن مرشَّحًا في الدور الأول. ماذا سيقول “إحسان أوغلو” لإقناع الأكراد غير المحافظين لمساندته في الدور الثاني؟ هل لديه خُطّة محدَّدة لحلِّ القضية الكردية دون إزعاج أغلبية ناخبي حزب الحركة القومية؟
سوف تَبذل الصّحافة الموالية لحزب العدالة والتنمية قُصارَى جهدها لتشوِّه سمعة “إحسان أوغلو” من أجل منعه من الحصول على أصوات ناخبي الحزب. وقد بدؤوا ذلك بالفعل، بالإشارة إلى أنّ زوجته لا ترتدي الحجاب. وأنا متأكّد أنهم سيستمرُّون في تقديم بعض القرارات الأخيرة الغامضة لـمنظّمة المؤتمر الإسلامي بمثابة أنها اختيارات شخصية لإحسان أوغلو. ونعلم أن الحزب الحاكم يتَّهم الأمين العامَّ السابق للمنظمة بالخيانة، بسبب الانقلاب العسكري الذي أطاح برئيس الدولة المصرية مرسي في العام الماضي، فقد اعترض أردوغان بشدة على نزع السُّلْطة من مرسي، بينما احترس إحسان أوغلو من ذلك.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]مدَحَ زعيم الشعب الجمهوري “كلشدار أوغلو” صِدق وحُسن سمعة “إحسان أوغلو”، بينما عديد من المعلّقين وصفوا الزعيم السابق لمنظمة التعاون الإسلامي بأنه دبلوماسي ذو خبرة، ومثقف محترم. بعبارة أخرى: زعيم يوحِّد البلاد بدلاً من التقسيم.[/box][/one_third]هذا الادعاء يتميز بالنفاق، لأن الحكومة التركية تعرف أغلبية أعضاء منظّمة المؤتمر الإسلامي، خصوصًا الممثّلين الكبار مثل السعودية، الذين دعموا إبعاد الرئيس من الإخوان المسلمين من الحكم في السنة الماضية، وأردوغان على صلة متينة مع الزعماء السعوديين. صفة إحسان أوغلو أمينًا عامًّا تتميز بتنفيذ القرارات فقط ولا تمكنه من القيام بما يريد أو معارضة الأغلبية داخل المنظمة. صحيح كان بإمكانه أن يستقيل إن كان متّفقًا مع موقف تركيا، ولكن لماذا لم تُوقِف تركيا عضويتها في المنظمة لَمَّا تفوّقت الأصوات المعارضة لها في مسألة هامَّة كهذه؟
إذا تحدثنا عن سياسات منظّمة المؤتمر الإسلامي، فأنا شخصيًّا أعتبر إحدى أولويات المنظَّمة على مدى السنوات التي كان “إحسان أوغلو” أمينًا عامًّا لها، حملة من أجل منع الإساءة إلى الإسلام في الأمم المتحدة. رغم أن هذه الحملة فشلت، إلا أن أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قررت معارضة تشجيع الكراهية ضدَّ المتدينين بدلاً من حماية الأديان. شرح هذه الاستراتيجية يمثل مجرَّد مثال لسياسة التوازن التي يجب على “إحسان أوغلو” أن يؤسِّسها.
بإمكانه أن يؤثِّر إيجابيًّا على ناخبي حزب العدالة والتنمية إذا دافع عن سياسة المنظمة في هذا المجال. من ناحية أخرى، عدم قدرة أو رغبة “إحسان أوغلو” على التمييز بين اتجاهاته الأكثر علمانية ولبرالية، وخُطَط المؤسّسة التي كان يمثلها بين 2005 و2013 التي أثارت الجدل أحيانًا، قد تعني فقدان ناخبيه المحتمَلين من حزب الشعب الجمهوري.
الخبر السارّ أن سيكون سباقٌ رئاسيٌّ قويّ. أما الآن فلا يبدو أن من الممكن التنبؤ بنتيجته على الإطلاق.
ــــــــــــــ
بقلم جوست لاجنديجك