عبد الحميد بيليجي-بوخارست
عندما بادر المتطوعون من الأتراك في المجال التعليمي إلى طرق باب المسؤولين الرومانيين قبل 20 عامًا، وقد راودتهم فكرة فتح مدرسة في رومانيا، استغرب المسؤولون في بوخارست كثيرًا.
كان المسؤولون الرومانيون يعرفون الحرفيين ورجال الأعمال الأتراك جيدًا، لكنهم كانوا يعتقدون أن هؤلاء لا يفقهون شيئًا سوى مزاولة الأعمال الحرفية مثل صناعة الخبز والكباب، أما عملية التعليم فيظنون أنها أكبر من قدراتهم.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]كانت لجنة التعليم بالبرلمان الروماني قد اختارت مدارس “لومينا” التركية كنموذج في دراستها الدستورية التي قامت بها قبل فترة حول قانون التعليم الخاص الابتدائي والمتوسط، ودعت اللجنة مدراء المدارس إلى البرلمان، واستمعت إلى عروضهم، وتوصياتهم في مجال التعليم الخاص، واليوم تمتلك مدارس “لومينا” سمعة كبيرة في جميع أنحاء رومانيا.[/box][/one_third] لقد نظر أحد مسؤولي وزارة التعليم الوطني في رومانيا إلى هذا المقترح ببرودة قائلًا: “أنتم لا تعرفون شيئًا عن التعليم”. وعندما أصرّ رجال الأعمال الأتراك سمح لهم بافتتاح مدرسة في إحدى المناطق النائية ببوخارست.
حفّزت بداية كهذه المعلمين المتطوعين أكثر!.. ثم سرعان ما انبهر المسؤولون الرومانيون بالنجاحات التي حققتها المدرسة في فترة وجيزة، هذا إضافة إلى أن طلاب مؤسسات “لومينا” التعليمية التركية بدؤوا يشكلون العمود الفقري للفِرق المشكَّلة من أجل تمثيل رومانيا في المسابقات الأولمبية الدولية، وكانت نسبة نجاحهم لدخول الجامعة هي 97%.
وعندما ربح طلاب “لومينا” ثلث الجوائز التعليمية في عموم رومانيا، أشار وزير التعليم الروماني “أندروسكو” ببنانه إلى التربويين الأتراك قائلًا “ترون كيف فازوا بالكثير من الجوائز!.. وهم يستحقون التصفيق الأكبر”. كان رئيس الوزراء الروماني يستقبل الطلاب الناجحين ومُعلّميهم كل عام ويهنّئهم، وكان رئيس الجمهورية يمنح المدارس التركية جائزة التّميز.
ولمّا رأى المسؤول الروماني الذي تردد بسماح تأسيس المدارس التركية قبل 20 عامًا بقوله :”أنتم لا تعرفون شيئًا عن التعليم”، لمّا رأى النجاحاتِ التي حققتها هذه المدارس، اعتذر من مسؤوليها بسبب تصرفه السابق، وأعرب عن تقديره لجهودهم الحثيثة الساعية للارتقاء بمستوى العملية التعليمية في بلاده. وكانت لجنة التعليم بالبرلمان الروماني قد اختارت مدارس “لومينا” التركية كنموذج في دراستها الدستورية التي قامت بها قبل فترة حول قانون التعليم الخاص الابتدائي والمتوسط، ودعت اللجنة مدراء المدارس إلى البرلمان، واستمعت إلى عروضهم، وتوصياتهم في مجال التعليم الخاص، واليوم تمتلك مدارس “لومينا” سمعة كبيرة في جميع أنحاء رومانيا، وتتكون سلسلتها التعليمية من 10 مدارس تخدم 3500 طالب، ولقد أنشأت المؤسسة التركية قبل فترة قصيرة جامعة لتنضم إلى مجموعة منشآتها التعليمية في رومانيا.
يقوم المتطوعون من المدرّسين والتربويّين في المدارس التركية برومانيا بأعمال تضاهي أعمال الملحَقين الثقافيين إلى جانب الشق التعليمي بطبيعة الحال. وهم يُنظمون مهرجانًا سنويًا منذ ثلاثة أعوام في بوخارست للتعريف بتركيا وثقافتها، وقد شارك في نسخته للعام الحالي 200 ألف مواطن روماني، وحازت العروض الفنية التركية المتنوعة مثل الأناشيد العثمانية ورقصات الصوفية إعجابًا كبيرًا من الحضور، وقال “هدايت أوصلو”، المدرس بمركز اللغات والذي كان مسؤولًا عن تقديم الشاي والقهوة للضيوف: إنه تعجَّب كثيرًا من الإقبال الكبير الذي حظي به المهرجان مشيرًا إلى أن الأخوات المتطوعات بِعن 18 ألف قطعة من المعجنات التركية، وآلاف الطرابيش التي تمثل الثقافة العثمانية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن هذا المشهد الرائع كافٍ حتى يتسنّى للجميع أن يروا كم أن رئيس الوزراء التركي “رجب طيب أردوغان” وحكومته يسيرون في طريق الخطأ، وذلك بعد أن اشتكوا المعلمين من المتطوعين الأتراك للدول الأجنبية من أجل إغلاق المدارس التركية، ولم يمنحوا الطلاب الأجانب التأشيرات، ولم يسمحوا باستئجار القاعات لإقامة فعاليات هذه المسابقات الثقافية.[/box][/one_third] وها هي المدارس التركية في رومانيا، بسمعتها المتميزة، تستضيف نهائيات مسابقة الأغنية والأداء الصوتي التي أجريت للمرة الأولى خارج تركيا هذا العام. وقد استضافت العاصمة بوخارست منذ أيام 100 طالب قادمين من 22 دولة حول العالم نجحوا في الصعود للنهائي، وذلك لحضور النسخة الثانية عشر من مهرجان اللغة والثقافة الدولي الذي يحتضنه مركز (Sala Palatului)، الذي يعتبر أكبر مركز ثقافي في قلب بوخارست. واستقبل البرلمان الروماني وفد الطلاب الأجانب ما إن وطأت أقدامهم الأراضي الرومانية، واحتشد عدد كبير من الناس القادمين لمشاهدة الفعاليات، من هولندا وبريطانيا غربًا إلى تركيا شرقًا، وامتزجت الفرحة بالدموع في تلك الليلة.
كان من المثير للغاية أن تستمعوا إلى أغاني “نشأت أرطاش” و”أورخان جنجابي” من طلاب المدارس التركية القادمين من بلدان مختلفة من الموزمبيق جنوبًا إلى ألمانيا شمالًا. ولم يُرِد 80 ألف تتاري وتركي يعيشون في منطقة “دوبروجا” الرومانية أن يتركوا طلاب اللغة التركية بمفردهم، فاستقلوا الحافلات وسافروا لحضور المهرجان الثقافي الكبير، وأذاع التليفزيون الروماني مباشرةً فعاليات المهرجان الذي شارك فيه عدد من الوزراء والنواب الرومانيين، إضافة إلى عشرات السفراء الأجانب في بوخارست.
إن هذا المشهد الرائع كافٍ حتى يتسنّى للجميع أن يروا كم أن رئيس الوزراء التركي “رجب طيب أردوغان” وحكومته يسيرون في طريق الخطأ، وذلك بعد أن اشتكوا المعلمين من المتطوعين الأتراك للدول الأجنبية من أجل إغلاق المدارس التركية، ولم يمنحوا الطلاب الأجانب التأشيرات، ولم يسمحوا باستئجار القاعات لإقامة فعاليات هذه المسابقات الثقافية، وقالت وزيرة الموارد المائية والغابات الرومانية “أدريانا بانا” في كلمتها أمام الجمع الحضور في حفل التصفيات النهائية لمسابقة الغناء ضمن الدورة الثانية عشر لأولمبياد اللغة التركية “لقد نجحتم في تحقيق ما لم تستطع السياسة والدبلوماسية التقليدية تحقيقه”. ولقد أظهرت هذه الكلمات التي قالتها الوزيرة الرومانية سخافة حملة التشويه العقيمة التي كُلّف الدبلوماسيون الأتراك بالقيام بها في الخارج، كما لفت الرئيس السابق لمجمع اللغة التركية البروفيسور “خلوق شكري”، الداعم لأولمبياد اللغة التركية منذ 10 أعوام، والذي لم يغير موقفه حسب الرياح السائدة، لفت الانتباه إلى مهمة المدارس التركية التي أضحت علامة عالمية مهمة لتركيا، وقال: “سلام على مَن جعلوا الغربة وطنًا للغة التركية”.