بقلم: محمد كاميش
لا ريب في أن التاريخ سيذكر الفترة الحالية التي تعيشها تركيا على أنها فترة وصل فيها خطاب الكراهية إلى ذروته وتحول إلى جريمة الكراهية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] أؤمن بأن لداود أوغلو ضميرسيمكنه من إدراك خطورة هذه المرحلة وحقيقة مخطط مطاردة الساحرات. وأدعو الله أن يتذكر أنه لا يستحق أحد أو جماعة أي عقوبة أو اتهام مخالف للقانون لمجرد إطلاق لقب أو تصنيف معين عليه، وأرجو أن يستوعب مجددًا أن القضاء على المدارس التي أسسها أبناء هذا الوطن في جميع ربوع المعمورة بعدما جمعوا الأموال القليلة جنبًا إلى جنب، يعني القضاء على هذه الأمة وأبنائها..[/box][/one_third]وستخلد ذكرى الفترة الحالية في تركيا بصفتها فترة لا يرغب أحد في الدفاع عنها أو حتى أن يقترن اسمه بها، بالضبط كما كان الوضع في الولايات المتحدة خلال عهد جوزيف مكارثي، وفي ألمانيا أيام النازية، وفي تركيا أيام انقلاب 28 فبراير / شباط 1997. وكانت هذه الفترات التي اتُّهم فيها الأبرياء بتهم غير منصوص عليها في القوانين بسبب معتقداتهم أو انتماءاتهم ، وتعرضوا للتهديد، وهضمت حقوقهم بقوة الدولة بشكل مخالف للقانون، وتمت تصفيتهم، قد سجلت في تاريخ الأمم على أنها فترات سوداء ذات وجه مقيت.
لم يتعرض المال العام في تركيا للإهدار والضياع مثلما تعرض اليوم، ولم يُعطَل عمل ديوان المحاسبات، الذي يراقب معاملات بيت المال، بهذه الطريقة منذ أكثر من 900 عام في الدول التركية التي قامت منذ الدولة السلجوقية، ولم تتحول السياسة في أي وقت من الأوقات إلى أداة للثراء الشخصي إلى هذه الدرجة، ولم تتضمن إيرادات المدن المتعلقة برخص البناء تعديلات خاصة بالأشخاص بهذا القدر قبل ذلك، ولم يصل اقتصاد المنافع والمصالح إلى القمة لهذه الدرجة في أي وقت مضى.
لقد تعرض ملايين الأبرياء في تركيا للإقصاء والاتهام في هذه الفترة مجهولة الهوية، والتي تروج لها الحكومة على أنها حقبة مكافحة “الكيان الموازي” المزعوم، كما فرضت على بعض الشركات عقوبات وغرامات لايطيقها أحد بضغط من الحكومة، وأُغلق بعض المدارس والنزل الطلابية التي كانت قد بُنيت بأموال الطبقة الكادحة التي وفرتها من أقواتها بصعوبة بالغة للتبرع بها. والتي لم تُغلق منها تم تدمير حدائقها بإنشاء طرق تمر منها بشكل يهدد حياة الأطفال الصغار بالمدارس.
طُرد عشرات الآلاف من الأبرياء من أعمالهم. ووجهَت اتهامات باطلة، غير مستندة إلى أدلة أو براهين، إلى عشرات الأشخاص بطريقة مخالفة للقانون الإسلامي والقانون الحديث، ولم يستطع أحد من المسؤولين إلى الآن تقديم أي دليل أو وثيقة تثبت الاتهامات التي يوجهونها للأبرياء خلال لقاءاتهم الجماهيرية والصحفية والتليفزيونية، وذلك على الرغم من امتلاكهم كل السلطات والصلاحيات وإمكانات الدولة. هذا فضلًا عن انتهاكهم لأساس مهم وهو “لاتزر وازرة وزر أخرى”، والذي يعتبر أحد أهم الشروط في القانون الإسلامي والقانون الحديث على حد سواء. وهمت الحكومة إلى معاقبة أناس أبرياء جملة واحدة، ممن اتهمتهم دون أدلة وأقصتهم باتهامهم بالانتساب إلى ما يسمى بـ” الكيان الموازي”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] أؤمن بأن البروفيسور داود أوغلو سيتذكر ثانيةً أن القضاء على أشخاص نشأوا في أحضان هذه الأمة ولا يحملون في قلوبهم وعقولهم أي فكر أو مخطط سوى حب هذا الشعب وهذا البلد، هو فقط مراد أعداء ألداء لهذا الوطن، وسيكون داود أوغلو، كما هو الحال بالنسبة للجميع، هو صاحب القرار في اختيار مكانه في التاريخ، ونأمل أن يأخذ مكانه في صف العدالة والقانون.[/box][/one_third]شكلوا محاكم خاصة بالأشخاص، أسوأ مما حدث عقب الانقلاب العسكري الذي نفذه الجيش عام 1960، وعينوا قضاة ومدعين عمومين لمحاكمة أشخاص بعينهم، لكنهم لم يعثروا على جريمة يعاقب عليها القانون في نهاية المطاف، وأطلقوا حملة شبيهة بمطاردة الساحرات لم تشهد تركيا مثيلًا لها على مدار تاريخها. ولا شك في أن هذه الفترة التي عُلق فيها العمل بالقانون ووصلت فيها الإجراءات التعسفية إلى أقصى درجاتها، ستذكَر في كتب التاريخ على أنها انقلاب مدني وحقبة الخزي والعار إن عاجلًا أم آجلًا.
وفي ظل هذه الأحداث، بدأت مرحلة جديدة في تركيا؛ إذ شكل وزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو الحكومة الجديدة، وإذا نال الثقة من البرلمان، سيبدأ عمله بصفته رئيس الوزراء الجديد خلفًا لرجب طيب أردوغان.
كنت قد انتقدت بعض سياسات داود أوغلو عندما كان وزيرًا للخارجية، إلا أنني أؤمن بأن له ضميرسيمكنه من إدراك خطورة هذه المرحلة وحقيقة مخطط مطاردة الساحرات. وأدعو الله أن يتذكر أنه لا يستحق أحد أو جماعة أي عقوبة أو اتهام مخالف للقانون لمجرد إطلاق لقب أو تصنيف معين عليه، وأرجو أن يستوعب مجددًا أن القضاء على المدارس التي أسسها أبناء هذا الوطن في جميع ربوع المعمورة بعدما جمعوا الأموال القليلة جنبًا إلى جنب، يعني القضاء على هذه الأمة وأبنائها.
أؤمن بأن البروفيسور داود أوغلو سيتذكر ثانيةً أن القضاء على أشخاص نشأوا في أحضان هذه الأمة ولا يحملون في قلوبهم وعقولهم أي فكر أو مخطط سوى حب هذا الشعب وهذا البلد، هو فقط مراد أعداء ألداء لهذا الوطن، وسيكون داود أوغلو، كما هو الحال بالنسبة للجميع، هو صاحب القرار في اختيار مكانه في التاريخ، ونأمل أن يأخذ مكانه في صف العدالة والقانون.