(زمان التركية)ــ يناقش هذا التقرير حق الحرية في الحركة ويركز تحديدًا على حق المواطنين الأتراك والمواطنين المزدوجي الجنسية وكذلك الأجانب المقيمين في تركيا بمغادرة البلاد التي فرضت بها حالة الطوارئ في أعقاب محاولة انقلاب الخامس عشر من يوليو/تموز عام 2016. ويستعرض التقرير مدى صحة الادعاءات بأن انتهاكات حكومة تركيا المتواصلة لحقوق الإنسان قد حوّلت الدولة إلى سجن مفتوح للعديدين، بغض النظر عن حُرمان الأفراد رسميًا من حرياتهم أم لا.
وبحرمانهم من أي أمل في المستقبل بـ تركيا ومواجهتهم –ضمن أمور أخرى – الاعتقالات التعسفية والقضاء على الآمال في محاكمة عادلة والبطالة والاضطهاد، يسعى عدد كبير من الموظفي الحكوميين والأساتذة الجامعيين والمحامين والصحفيين والقضاة وضباط الشرطة وأفراد الجيش وغيرهم من أصحاب المهن الأخرى المعرضين للخطر، لمغادرة البلد وطلب الحماية الدولية.
والحق في مغادرة البلد سواء كانت موطن الفرد أو بلد إقامته بها جزء متأصل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومعاهدات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ذات الصلة التي وقعت عليها ونفذتها جمهورية تركيا. والتمتع بحق مغادرة الدولة ليس مجرد حقًا منفصلًا. إنه بكل حق يعد شرطًا ضروريًا للتمتع بعدد من حقوق الإنسان الأخرى، خاصة الحق في الحماية الدولية ضد التعذيب أو المعاملة غير الآدمية أو المهينة أو العقاب.
لا يعد التمتع بحق مغادرة البلد في ذاته حقًا مطلقًا. فيمكن فرض القيود على الحق في مغادرة البلد خلال إجراءات قانونية رسمية، في حالة إن كانت هذه القيود مبررة ومتوافقة مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وهيئات معاهدات الأمم المتحدة، سواء عبر السوابق القضائية أو خلال التعليقات العامة ذات الصلة. وينبغي إقرار القيود على هذا الحق بالقانون ويجب “حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق أو حقوق وحريات الآخرين”. وفي جميع الأحوال يحظر على القيود “نفي مبدأ حرية الحركة وينبغي أن تحكمها ضرورة اتساقها مع الحقوق الأخرى التي يقرها العهد.”
وتنشب القضايا الحرجة للغاية المتعلقة بالتمتع بحق مغادرة البلد كلما استهدفت القيود الأفراد المنتمين أو الذين يُنظر إلى أنهم ينتمون إلى مجموعات مهمشة معينة وكلما فُرضت بأسلوب تمييزي وفي سياق قمع المعارضة السياسية أو غيرها من المعارضة. وهذه القيود التي صممت عمدًا في حالات كثيرة وسهلتها إعلان حالة الطوارئ، مثل الحال في تركيا لا تؤدي فقط إلى تأثير سلبي لكنها تخلق عوائق كثيرة أمام حق المغادرة – وأثبتت أنها تجريد مدمر لهذا الحق لجماعات ومجتمعات وأسر بأكملها.
الحق في مغادرة البلد سواء كانت بلد الفرد أو بلد إقامته جزء متأصل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومعاهدات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ذات الصلة
مقدمو طلبات اللجوء من المواطنين الأتراك لأول مرة في الاتحاد الأوروبي (الربع الثالث من 2016 – الربع الثالث من 2017)
مباشرة بعد محاولة انقلاب الخامس عشر من يوليو 2016، وفي الربع الثالث من عام 2016 (يوليو-سبتمبر 2016)، سجلت الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي زيادة قدرها ثلاث مرات (بنسبة 228%) في المتقدمين للحماية الدولية لأول مرة من تركيا، مقارنة بالربع نفسه من العام 2015.
انخفض عدد المتقدمين لأول مرة للحماية الدولية في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بنسبة 55% في الربع الثالث من عام2017 مقارنة بالربع نفسع في العام 2016. وفي مقابل ذلك، ارتفع عدد طلبات اللجوء السياسي بشروطه المطلقة لمواطني فنزويلا (زيادة بعدد 1500)، وتركيا (زيادة بعدد 1100) وفلسطين (زيادة بعدد 1000). وورد عدد 4240 مقدمي الطلبات لأول مرة من تركيا في الربع الثالث من 2017، أو زيادة بنسبة 35% عن الربع نفسه من العام 2016.
وفي نهاية عام 2017، كشف مكتب اللجوء السياسي اليوناني عن طلب 186 مواطن تركي اللجوء في عام 2916 وسجل ارتفاعًا ملحوظًا في عام 2017. ووفق بيانات حديثة من المسئولين اليونانيين التي حللتها وسائل الإعلام الموالية للحكومة في تركيا، من المقدر أن حوالي 1750 عضوًا أو متعاطفًا مع حركة غولن فروا من الاضطهاد في تركيا بعد الانقلاب إلى اليونان عبر نهر الفرات في مقاطعة أدرنة أو عبر الجزر على الساحل الغربي لتركيا. ولم يحالف غيرهم العديدين الحظ نفسه؛ فإما تم اعتقالهم من قوات إنفاذ القانون التركية أو ترحيلهم إلى بلدهم من نظراء هذه القوات في اليونان. ولقى الكثيرون حتفهم أثناء محاولتهم الهرب من الاضطهاد القاسي الذي تستهدف به الحكومة التركية أعضاء حركة غولن.
محاولة الانقلاب
في الساعات الأخيرة من يوم 15 يوليو/ تموز 2016، حاولت مجموعة صغيرة من القوات المسلحة التركية التي تطلق على نفسها “مجلس السلام” الانقلاب عسكريًا عبر السيطرة على عدة أماكن رئيسية في أنقرة واسطنبول ومناطق أخرى. ووفق المصادر الرسمية، تم قتل ما لا يقل عن 246 شخصًا وإصابة أكثر من 2000 آخرين أثناء محاولة الانقلاب.
في يوم 20 يوليو/ تموز 2016، أقر البرلمان التركي الإعلان عن حالة الطوارئ بـ346 صوت مقابل 115 صوتًا. وفي 21 يوليو/ تموز 2016، أبلغت السلطات التركية الأمانة العامة للاتحاد الأوروبي بموجب المادة الخامسة عشر من اتفاقيـة حمايـة حقوق الإنسان والحريات الأساسية أن الإجراءات المتخذة أعقاب محاولة الانقلاب قد تتضمن الإعفاء من الالتزامات المفروضة من اتفاقيـة حمايـة حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وفي اليوم نفسه (21 يوليو/ تموز 2016)، أبلغت كذلك الأمانة العامة للأمم المتحدة بموجب المادة الرابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن إعفاء الذي تنفذه تركيا من حق حرية التنقل من ضمن أمور أخرى، كما تنص عليه المادة الثانية عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.