قال الكاتب رضا زليوت في مقال له بصحيفة (أيدينليك) أنه ليس من المفهوم لماذا قد يصوت الأتراك للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أعلن نهاية الأسبوع الماضي أن الخريطة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه، تتعهد للمجتمع بـ”الحرية والعدل والديمقراطية” ما يعني أن العدالة والتنمية لم يأت بالحرية والعدل والديمقراطية للمجتمع بالقدر الكافي.
وجاء في المقال: هذا الحزب يتولى حكم تركيا منذ 16 عاما ولم يمنح هذا الشعب فرصة كهذه لأي حزب في فترة تتعدد فيها الأحزاب، لكن العدالة والتنمية لم يستغل هذه الفرصة وفعل عكس وعوده ليدفع البلاد اليوم إلى وضع حرج أشبه بعنق الزجاجة.
أصبحت تركيا في عزلة على الصعيد الدولي، بينما تحولت على الصعيد المحلي إلى مجتمع منقسم وفقير يعادي بعضه البعض. باتت تركيا يتدهور فيها التعليم بسرعة وتتخلف عن العالم الحديث ويتم فيها استعباد النساء بسرعة.
تحولت إلى دولة يبني فيها المقاولون المؤيدون للحزب الحاكم الطرق والجسور كي يتمكنوا من أن يصبحوا أغنياء بسهولة على حساب خزانة الدولة ولم يُفتح فيها مصنع يوفر العمل والكسب للمواطنين وقضى على الإنتاج المحلي وبات المواطنون في حاجة إلى الدول الأجنبية وتستورد حتى القطن والفاكهة من الخارج.
لماذا يجب على هذا الشعب أن يمنح أردوغان فرصة أخرى؟ فتركيا بحاجة إلى قيادة راسخة ومحل ثقة بدلا من زعيم يخدع وينخدع باستمرار.
25 في المئة زيادة في تكلفة المراحيض العمومية
حزب العدالة والتنمية الذي يطالب الشعب بمنحه الحكم مجددا دفع أكثر من 300 مليار دولار إلى المحتكرين في الداخل والخارج خلال 15 سنة من حكمه، بينما كان بإمكانه استثمار هذه الأموال في إنشاء 6 آلاف مصنع بتكلفة 50 مليون دولار كل واحد منها بواقع 75 مصنع لكل مدينة وحل أزمة البطالة.
لكن أعضاء حزب العدالة والتنمية الفطنين ساروا على خطى كمال درويش (وزير أسبق مسؤول عن الاقتصاد) المؤيد لصندوق النقد الدولي، حيث قاموا ببيع أو إغلاق المصانع الموجودة بالفعل واقترضوا من الخارج وأقدموا على شراء منتجات الصين وألمانيا وبيعها في الداخل وحققوا أرباحا هائلة.
التجار صاروا أعلى مرتبة من الصناعيين وقد انتهى هذا الطريق المظلم بحائط، حيث ارتفع الدولار ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة على الرغم من إعلان أردوغان معارضته للفائدة طوال الوقت وبات غلاء المعيشة يخنق المواطنين.
رفعوا تكلفة المراحيض العمومية في منطقة شيشلي بإسطنبول بواقع 25 في المئة، حيث تناول الشاب الذي يجمع النقود في المرحاض العلاوة بقوله “هنا مرحاض عمومي ولكن معدلات التضخم ارتفعت”. إن كنت ترغب في غسل يدك هنا عليك دفع “مليون ومئتين وخمسين ألف ليرة(!) (بالعملة القديمة).
ويتجول ثلث خريجي الجامعات بدون عمل. ماذا سيفعل المواطن؟ هل سيقولون لأردوغان “أفقرتنا وتركت أبنائنا بلا عمل ولهذا نشكرك ونمنحك أصواتنا مرة أخرى”؟!
الجمهوريون في موضع قوة
بدأ المواطن في الشوارع يرى أن حزب العدالة والتنمية لن يستطيع تقديم شيء إلى تركيا ويبحث المواطنون عن خيارات جديدة، فظهور حزب الخير وخوضه الانتخابات رغم المكيدة التي حيكت ضده أغضب حزب العدالة والتنمية وحليفه الصغير (حزب الحركة القومية) كثيرا.
وأحد الأدلة على هذا هو الاعتداء بالأسلحة والسكاكين على منصة حزب الخير في منطقة باغجيلار وإصابة 7 من أعضاء الحزب.
وقد ظهر بفضل حزب الخير خيار آخر في المعسكر السني في مواجهة حزب العدالة والتنمية الذي قام حتى يومنا هذا بتقسيم المجتمع بناء على المذهب وتولى رئاسة المعسكر الأكبر وفاز بالانتخابات.
وتوضح التطورات في الأناضول أن تحالف الجمهور في مأزق. فهل يختارون طريقة تأجيج التوترات لجذب الناخب السني إلى أنفسهم؟
أود تذكير الذين لديهم حسابات خاصة أن هذا الأمر خطير جدا وقد يمتد إلى ما بعد الانتخابات.