باليكسير (تركيا) (زمان عربي) – بلدات ألتين أولوك وأدرميت وأيواليك وساريمساقلي وجزيرة جوندا.. إذا كنتم تريدون أن تبتعدوا عن مشاكل الحياة التي لاتنتهي وأردتم الاستجمام بضعة أيام، فكل واحد من هذه الأماكن يستحق أن يكون على رأس قائمة اختياراتكم للاستمتاع بالاسترخاء وسط الجمال الخلاب.
ولاشك في أنكم فكرتم في الأوقات التي أرهقكم فيها عناء العمل وكثرة المشاغل، وربما يقول كل منكم: “ليتني كنت الآن في مكان أريح فيه ذهني وأخلو فيه إلى نفسي بضعة أيام؛ مكان هادئ بلاصخب، ليس فيه إلا البحر بمياهه الزرقاء ، وجو مشمس قليلا، ومن حوله الغابات خضراء”.
ثمة أماكن يستمتع الإنسان بزيارتها في موسم الصيف، وثمة أماكن أخرى لا يحلو للمرء زيارتها إلا في ختام الموسم السياحي، عندما يسودها الهدوء، خاصة إن كنتم من الذين يفضلون الهدوء والسكون ليكون التنزه فيها والتجول له طعم خاص، مثل أيواليك وأكتشاي وأدرميت وألتين أولوك وساريمساقلي وجزيرة جوندا الموجودة على حدود مدينة باليكسير شمال غرب تركيا، إذ تصل درجة حراراتها إلى 20 درجة في النهار وتميل للبرودة ليلا ويكفيك فقط أن ترتدي معطفًا ثقيلًا، حيث إنها منتجعات سياحية يندر فيها صوت الإنسان، وتعلو فيها أصوات الطبيعة والأمواج.
ومع أنها تترك أيامها التي تمضي في حركة ونشاط إلى أيام الهدوء، وذلك مع انتهاء موسم العطلة الصيفية، لكن مَن منّا لا يشتاق إلى هذا الهدوء والأجواء البعيدة عن الصخب والضوضاء؟ إذ تلتقط فيها أجمل الصور الفوتوغرافية لنفسك دون أن يتداخل فيها الكثير من الناس حولك، وأينما وليت وجهك تجد الطبيعة الخلابة بكامل تفاصيلها تنتظرك لتضغط على زر ماكينة التصوير لالتقاط أجمل الصور.
أزقة مرصوفة بأحجار تفوح منها رائحة اليوسفي
بالطبع فإن ترتيب الأماكن المفضلة للسفر شيئ يرجع للذوق الخاص، إلا أننا نريد أن نعرفكم بالأماكن التي ذهبنا إليها وتجولنا فيها وأعجبنا بها، ونستهلها بـ “جورا”، فهي بلدة تقع على بعد 12 كيلومترًا من منطقة أدرميت، إحدى محافظات مدينة باليكسير، وهي تمتد على مشارف جبل “كازداغي” ، وتعتبر المكان الثاني بين أكثر الأماكن المنتجة للأكسجين في العالم، ويتوافد عليها جموع كبيرة من الزائرين نظرًا لأنها تقع على شاطئ بحر إيجة وبها مياه شافية.
في أشهر الصيف تكون مكتظة بالسائحين والزوّار لدرجة أنك لو ألقيت بإبرة من أعلى لن تسقط على الأرض من شدة الزحام، أمّا الآن فيسودها هدوء كامل إن جاز التعبير، وإن أفضل شيئ يمكن فعله هنا هو ممارسة رياضة المشي على طول الشاطيء الذي يمتد لخمسة كيلومترات، تجد البحر في جهة، وفي جهة أخرى تجد جبال “الكاز” بجمال طبيعتها وغاباتها المحتوية على جميع الدراجات المتفاوتة من اللون الأخضر .
لا تعودوا من أكتشاي دون رؤية تلك الأماكن
هناك بعض الأماكن التي ينبغي عليكم ألا تعودوا قبل الذهاب إليها، ومنها شلال “سوتوفان” وبركة “حسن بوغولدو” ووادي “شاهين داره” ،وهذه الجماليات الطبيعية موجودة داخل حدود الحديقة الوطنية لجبال الكاز، نمر من الطرق المتعرجة التي تنتشر بطولها أشجار الزيتون متجهين صوب سوتوفان.
بداية نوقف سيارتنا ونلتقي بالخالة خديجة، البالغة من العمر 80 عاما، التي تبيع التوت والرمان والجوز والسفرجل، الذي جمعته من قرية زيتنلي على قارعة الطريق، وتتحدث الخالة خديجة بلكنة سكّان بحر إيجة دون أن تلتقط أنفاسها: “يقام السوق في الشلال يوميًا، فاذهبوا إلى الأخت جوليزار التي توجد في آخر صف الطاولات واشتروا منها بعض الأشياء، فبضاعتها طيبة، وأخبروها أنني ارسلتكم إليها”.
قصة عشق حزينة
قصة عشق حزينة للغاية دارت على ألسنة سكان منطة البركة” كولات”.. إنها الفتاة أمينة؛ جميلة الجميلات، وآية في جمالها، تحمل المنتجات التي تزرعها في قريتها إلى سوق أدرميت الذي يقام يوم الأربعاء من كل أسبوع، وبينما كانت على رأس طاولتها التقت عيناها بعيني شاب وسيم من شباب القرية يُدعى حسن، ووقعا في الحب وقررا أن يتزوجا بعد فترة، إلا أن أسرة أمينة لم تكن راضية عن زواجها بحسن، لأنه من سكان السهول أمّا هم فمن الرحل (البدو) ، وفكرو أن حسن لن يكون قادرًا على نمط الحياة البدوية، وعليه قرروا أن يختبروه حسبما جرت العادة في أعرافهم وتقاليدهم.
ولكي يتزوج حسن بأمينة اشترطت اسرتها أن يقوم حسن بحمل شِوال ملح ثقيل من السهل إلى منطقة البدو، على ظهره وتسير أمينة أمامه، وبعد فترة يفكر حسن في أنه لن ينجح في هذا الأمر، ثم يعرض على أمينة أن يهربا إلى بلدة أخرى، إلا أنها رفضت طلبه. حيث أنهما سيدخلان القرية مرفوعي الرأس، لكن حسن أصبح لا يقوى على حمل الشوال بسبب الملح المتسرب منه إلى ظهره العرقان الذي بدأ الملح يكويه.
وسرعان ما قفز في مياه البركة الباردة دون ليتمرغ فيها أن يشعر أحد، وواصلت أمينة طريقها كأن حسن معها لكن بعد فترة نظرت خلفها فإذا بحسن توارى عن أنظارها، وعندما رجعت إلى الوراء لتبحث عنه لم تجد سوى الإيشارب الفلكلوري الذي أهدته لحسن طافيا على سطح مياه البركة، وبمجرد أن رأت أمينة ذلك أدركت أن حبيبها غرق، ولم تتحمل هذا الألم وشنقت نفسها بالإيشارب على شجرة الدلب، ومنذ هذا اليوم أطلق على الشجرة اسم “شجرة أمينة”، وعلى البركة “بركة غرق حسن “.
أجمل هضبة تغرب عليها الشمس
الآن نغادر البركة “جولات” وفي طريقنا إلى أيواليك، وعلى خط سيرنا يوجد مكان يسمى بمائدة الشيطان “شيطان سوفرسي” ،على بعد ثمانية كيلومترات جنوب المدينة (أيواليك) ،وهنا هضبة من أروع الهضاب الصخرية، التي يمكن لك أن تشاهد من فوقها منظر غروب الشمس، ثم تغوص في المناظر الخلابة للجزر القريبة من أيواليك وفي مقدمتها جزيرة ميديلي.