تقرير: محمد عبيد الله
أنقرة (الزمان التركية) – ظهر خطأ كبير في أحد تطبيقات المحادثة، تزعم الحكومة التركية أنه كان وسيلة تواصل الانقلابيين فيما بينهم، وتجري على أساسه اعتقلات جماعية تستهدف المدنيين أكثر من العسكريين، في إطار تحقيقات الانقلاب الفاشل، إلا أن السلطات المعنية تتهم بعضها البعض، وتهرب من تحمل المسؤولية.
فقد تبين أن جهاز الاستخبارات التركية أرسل لوزارة العدل خطابًا في 27/05/2017 يحمل عنوان “استخدام تطبيق بايلوك”، معترفًا بحدوث خطإ في البيانات الخاصة بمستخدمي التطبيق.
وحذر جهاز الاستخبارات في خطابه المرسل إلى وزارة العدل من أن القائمة الخاصة بمستخدمي تطبيق بايلوك قد تكون غير دقيقة، بسبب إمكانية مشاركة الإنترنت مع الآخرين عن طريق الشبكات اللاسلكية “واي فاي”.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن السلطات التركية تعتقل كل من نزل تطبيق بايلوك (ByLock) من جوجل بلاي أو آب ستور على هاتفه الشخصي يتبين حجم المظالم التي تسبب فيها هذا الخطأ إن لم يكن متعمدًا!
ومع أنّ المنتظر والمطلوب من وزارة العدل أن تقوم بالواجب، وتصحح الأخطاء الواردة في هذا الصدد بشكل دقيق، وإزالة المظالم التي تعرض لها عشرات الآلاف من المواطنين، أغلبهم من حركة الخدمة، بحجة استخدامهم هذا التطبيق، ومن ثم القيام بتعويضهم، إلا أنها اكتفت بإرسال نسخة من هذا الخطاب إلى محاكم الجنايات المختصة في تاريخ 13/07/2017 فقط.
وأوضحت الاستخبارات التركية في خطابها أنها قدَّمت القوائم والبيانات الخاصة بالتطبيق للنيابة العامة على قرص صلب (هارد ديسك) من نوع سوني HD-B1، لافتة إلى أن الملفات الخاصة بالقضية كان في صورتها الخام وتحتاج إلى مزيد من العمل عليها.
ومن اللافت للانتباه في خطاب جهاز الاستخبارات هو استخدامه للمرة الأولى كلمة “تطبيق بايلوك”، بعد أن كانت جميع مراسلاته الرسمية تصفها بـ”برنامج المراسلات المشفر بايلوك”، بغية إضافة أسرار وغموض إلى هذا التطبيق ليسهل إقناع الرأي العام بالاعتقالات الجماعية التعسفية بتهمة الانقلاب استنادًا إليه.
بايلوك: أساس اتهامات أردوغان ضد الخدمة
وكان ما يسمى بـ”الإعلام الموالي” نشر وثائق نسبها إلى جهاز الاستخبارات حول محتويات مراسلات ومكالمات “سرية” زعم أنها جرت بين الانقلابيين عبر تطبيق “بايلوك”، وقدمها لقراءها على أنها دليل على وقوف حركة الخدمة التي تستلهم فكر الأستاذ فتح الله كولن وراء الانقلاب الفاشل الذي حدث في منتصف العام الماضي. ورغم أنه كان مجرد تطبيق للتواصل مثل نظيراته من عشرات التطبيقات للمحادثات “واتس آب” و”فيبر” و”لاين” و”وي تشات” و”سكايب” و”إيمو” و”بي بي إم” وغيرها، إلا أنه كان الأساس الذي اعتمد عليه الرئيس رجب طيب أردوغان في اتهامه لحركة الخدمة بتدبير هذه المحاولة الغاشمة.
تطبيق بايلوك مفتوح للجميع
ومع أن أردوغان زعم أن تطبيق بايلوك كان “الوسيلة السرية لتواصل الانقلابيين”، و”لا يستخدمه إلا المنتمون إلى حركة الخدمة”، و”لا يمكن تحميله إلا من خلال واصلة أو بولوتوث”، وكل عمليات الاعتقال والفصل تجري بتهمة استخدام هذا التطبيق وإن لم تكن مشاركة فعلية في محاولة الانقلاب، ولا تزال تستمر هذه العمليات، إلا أن ديفيد كينز؛ صاحب برنامج وتطبيق بايلوك، أكد أن التطبيق توقف تداوله وطرحه في كل من Google Play وAppstore منذ شهر يناير / كانون الثاني من عام 2016، أي قبل ستة أشهر من وقوع الانقلاب الفاشل، وأن التطبيق نزله حوالي 600 ألف شخص، وهو مفتوح للجميع، وليس مقتصرًا على المنتمين إلى حركة الخدمة، كما زعم أردوغان.
وفي 17 من شهر يناير المنصرم نشرت معظم الصحف التركية تقريرا أعدته المخابرات التركية يتناقض مع أطروحات أردوغان حول تطبيق بايلوك. ومع أن التقرير أعد أصلا من أجل الدعاية السوداء ضد الخدمة، وتقديم أدلة جديدة تساند نظرية وقوفها وراء الانقلاب الفاشل، إلا أن “قراءة ما بين السطور” تكشف أن المخابرات التركية تعترف بشكل صارخ بأن التطبيق يمكن أن يحمله أي شخص من Google Play المفتوح للجميع. بمعنى أنها نفت مزاعمها السابقة التي ادعت فيها أنه لا يمكن تحميله إلا من خلال واصلة أو بولوتوث، وأنه خاص بأفراد حركة الخدمة، كما أقرت بأن هذا التطبيق قد بدأ عرضه على المستخدمين عبر Google Play منذ بداية عام 2014 حتى مطلع عام 2016، أي انتهى عرضه قبل 6 أشهر من الانقلاب الفاشل، التقرير الذي أيد تصريحات صاحب التطبيق وأسقط مزاعم أردوغان.
الاستخبارات تقاريرنا ليست أدلة قانونية
ويشير حقوقيون إلى أن جميع عمليات الاعتقال بتهمة استخدام تطبيق بايلوك تعسفية وغير قانونية حتى لو افترضت صحة مزاعم أردوغان المذكورة، ذلك أن هذه المزاعم مصدرها الاستخبارات التي سبق أن أعلنت بشكل رسمي: “أن الوثائق والتقارير الاستخباراتية التي نقدمها لمؤسسات الدولة الأخرى، والتي نُعّدها بعد تقييم وتفسير الوثائق والمعلومات التي تأتي إلى جهازنا من مصادر مختلفة، لا يمكن استخدامها كأدلة قانونية”.