علي أونال
كان سيدنا الحسين وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس، رضي الله عنهم، أبرز خمسة شخصيات مهمة في معارضة خلافة اليزيد.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن أغلب الشمال الإفريقي، باستثناء مصر، فتح وسطع عليه نور الإسلام في عصر اليزيد، لكن اليزيد لم يكن أهلا للخلافة وقيادة الأمة، فقد كان سفيها، حيث قال الإمام أبو الأعلى المودودي، رحمه الله، إن الإدارة الإسلامية في عهد اليزيد تعرضت للانقلاب، ففي عهده ألغي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكانت المنكرات والممنوعات قد تقنعت بقناع المشروعية، وكانت الثروات تجمع فوق الثروات، وكانت الطغمة الحاكمة تستخف بالشعب.[/box][/one_third]عندما بويع يزيد بالخلافة عارض الحسين وتوجه إلى العراق، وكان وحده مثل إبراهيم عليه السلام الذي ألقي في النار من قبل النمرود، ويوسف الذي ألقي به في البئر من قبل إخوته، وزكريا الذي قسم إلى نصفين بالمنشار من قبل الملك الذي كان يتدين بدينه، ويحيى الذي قطع رأسه من أجل عاهرة، ولم يكن حول الحسين سوى عائلته وأقاربه مثل أولئك الأنبياء عليهم السلام جميعا.
إن أغلب الشمال الإفريقي، باستثناء مصر، فتح وسطع عليه نور الإسلام في عصر اليزيد، لكن اليزيد لم يكن أهلا للخلافة وقيادة الأمة، فقد كان سفيها، حيث قال الإمام أبو الأعلى المودودي، رحمه الله، إن الإدارة الإسلامية في عهد اليزيد تعرضت للانقلاب، ففي عهده ألغي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكانت المنكرات والممنوعات قد تقنعت بقناع المشروعية، وكانت الثروات تجمع فوق الثروات، وكانت الطغمة الحاكمة تستخف بالشعب، فالغالبية العظمى من الشعب كانوا يطيعونه، كما جاء في القرآن فيما يتعلق بفرعون وشعبه، وكان مبدأ الاستشارة قد اختفى كليا، وكان الذي يتحكم في والي الكوفة بن زياد، هو المنافق والخائن شمر، الذي كان من المقاتلين إلى جانب سيدنا علي في صفين وكان يدعي أنه شيعي.
ومبدأ مساواة جميع الناس أمام القانون كان يطبق شبيها بكيفية تطبيقه في قصة الروائي جورج أورويل “مزرعة الحيوانات” حيث جاء فيها: “كل الحيوانات متساوية في المزرعة ولكن الخنازير أكثر مساواةً”، وكان الحكام يتصرفون في بيت مال المسلمين كما يحلو لهم، بينما يجب على الخليفة أن يكون مستعدا دائما للمساءلة والمحاسبة أمام عموم الشعب عن كل قرش أو فلس يصرفه من خزانة الدولة لأن وضع الخليفة تجاه بيت المال كوضع الوصي تجاه أموال اليتامى تماما.
وفي ظل هذه الظروف تابع الحسين طريقه وهو يعلم أنه سيقتَل وكان يقول: “هذا وقت دفاع كل المؤمينن عن الحق في سبيل الله” ، وقال له الشاعر الفرزدق الذي صادفه في الطريق: “قلوب أهل الكوفة معك ولكنهم سيشهرون مع ذلك سيوفهم ضدك” ،وكان أهل الكوفة المتدينون بدينه والمؤيدون له قد خذلوا من قبل أباه عليا وأخاه الحسن وتركوهما وشأنهما ولم يقفوا معهما، وهو تابع سيره إلى الكوفة مع أنه كان يعلم كل ذلك جيدًا، لأنه كان سيترك إرثين عظيمين لمن يأتي من بعده من أجل مستقبل الإسلام وبقائه:
- لم يكن من المعقول لمرشد كلي مثل الحسين أن يبايع اليزيد أو حكمه.
- كانت الأمة ستدرك أن بقاء الإسلام لا يرتكز على السياسة والسياسيين بل على العلم والقيم المعنوية وبناء حضارة تعتمد على العلم والقيم المعنوية، وستتجه الأمة إلى ذلك.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]التاريخ عبارة عن لوحة وخليط يتكون من الأحداث التي تتكرر بمثلها لمن ينظر إليه ويستفيد منه بأخذ الدروس والعبر.[/box][/one_third]وقد تعرض الحسين للعطش في ضفة نهر الفرات، وشرب هو وعائلته وأقاربه جميعا إلا عددا قليلا منهم شرب الشهادة بدلا عن الماء، وهناك درس وعبرة أخرى تجلت في تلك الحادثة وهي أن قائد الجيش الذين قتلوه هو عمرو بن سعد بن الوقاص، إذ باع نفسه لليزيد مقابل تنصيبه على ولاية المدائن.
كان الفائز الحقيقي هو الحسين، لأن الميراثين اللذين تركهما للأمة أصبحا دعامتين من الدعائم الأساسية لبقاء الإسلام، ومن جانب آخر إذا كنا نذكر ما قاله أبو الكلام آزاد في هذا الصدد: “إن كل ماجرى في كربلاء سنة 62 ه. قد تكرر في جميع أرجاء العالم الإسلامي إلى أن انسحب اليزيديون من ساحات التاريخ وأثناء انسحابهم، فظلم الحجاج وبطش عبد الملك ومن شابهه من الخلفاء من بعده كان بمثابة صبَّ الزيت على النار، وإن محاولات إطفاء النار في كل مكان قد أدت إلى انتشار النيران في كل أرجاء العالم الإسلامي بسبب الغرور والتكبر الناجمين عن البقاء في السلطة، وفي نهاية المطاف تدحرجت أجساد ورؤوس أصحاب التيجان وعبّاد العروش على الأرض وتمرغت بالتراب وتلطخت بالدماء، ودُهسوا بحوافر الخيول، ومُدت الموائد فوق أجسادهم التي تحتضر وتئن، وقد نُبشت قبور أولئك المغرورين، وحطِّمت عظامهم وسحقت، ولم يتعرض الحكام وحدهم للمعاناة بل الشعب أيضا عانى ما عانى، وقد تجلى بكل وضوح وعظمة حقيقة قوله تعالى: “وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ” وقوله: “سيعلمون غدا من الكذاب الأشر“.
فالتاريخ عبارة عن لوحة وخليط يتكون من الأحداث التي تتكرر بمثلها لمن ينظر إليه ويستفيد منه بأخذ الدروس والعبر.