بعضُ أعضاء حكومة رجب طيب أردوغان، الذين هم أعضاءٌ ومؤيدون لحزب العدالة والتنمية في الإعلام كذلك، أصبحوا يستخدمون خطابًا مزدوجًا بشكلٍ متزايدٍ تزايُدَ التناقُض بين ما يقولون بالإنجليزية والتركية! فبينما يستخدمون لغةً مُعادِية للغرب والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أو لغة مُعادِية للسامِيَّة في اللغة التركية، فإنهم يستمرُّون في ادعاء أنهم حلفاء للغرب والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وحلف شمال الأطلنطي، باللغة الإنجليزية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]فبينما يستخدمون لغةً مُعادِية للغرب والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أو لغة مُعادِية للسامِيَّة في اللغة التركية، فإنهم يستمرُّون في ادعاء أنهم حلفاء للغرب والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وحلف شمال الأطلنطي، باللغة الإنجليزية.[/box][/one_third]وهكذا ينسون أن ما يقولونه بالتركيَّة يُترجَم فورًا إلى اللغة الإنجليزية، وأنه من الغباء أن نلقي اللوم على جريدة “تودايس زمان” على ذلك، في حين يتحدث أكثر من 300 ممثِّلٍ للإعلام الأجنبي في إسطنبول وحدها إلى الناس يوميًّا، يشاهدون التليفزيون، ويحصلون على الأخبار مُترجَمةً، إلخ، حتى إن بعضهم يعرف التركية بالفعل أو لديه موظَّفون يتحدثون التركية على كل حال. علاوةً على ذلك، تراقب آلاف الشركات الأجنبية وموظفوها كل ما يجري عن كَثَب. كذلك ترقب مئات السفارات والقنصليات الأجنبية تطوُّرات ما يحدث باهتمام.
ويدّعي مؤيدو أردوغان أن جريدة “تودايس زمان” خائنة، لكنهم ينسون أن منبرين لهما أُطلقا كي “يُزوّدا” الدول الأخرى بما يجري في تركيا باللغة الإنجليزية: بوابة “تيركي أجندا” الإلكترونية، ونسخة “صباح دايلي” الإنجليزية. ويَظهَر الخطاب المزدوج بوضوحٍ في “صباح دايلي”، ففي حين تنشر النسخة الإنجليزية تصريحات نائب رئيس الوزراء بولنت أرينج قائلاً إنه يعمل بجِدٍّ لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإن أساطيل المساعدات التركية ستتلقَّى الإذن من السلطات الإسرائيلية لمساعدة الفلسطينيين، وما إلى ذلك، فإنك لا تستطيع أن تجد مثل هذه التصريحات الموالية للغرب ولإسرائيل في إصدار “صباح دايلي” التركية. ولا يزال إعلام أردوغان (كجرائد الصباح وأقشام وأكيت ويني شفق وستار وتركيا وتقويم) ينشر الأخبار الملفَّقة حول كيف أن القوى الغربية تغار من أردوغان وأنها تحاول الإطاحة به، إما عن طريق شباب غازي وإما عن طريق دُميتهم الأخرى حركة “الخدمة”، إلخ.
لقد كانت وكالة أنباء الأناضول التي يتحكم أردوغان بنفسه فيها، هي من نشر الخبر القائل إن نائب رئيس الوزراء بشير أتالاي أوضح أن أردوغان كان يعني اللوبي اليهوديّ بقوله “لوبي المصلحة”. ونفى أتالاي في وقتٍ لاحقٍ قوله هذا، ولكن لماذا قد تفتعل وكالة أنباء يسيطر حزب العدالة والتنمية عليها تمامًا مثل هذه القصة؟ إن حقيقة أن أردوغان بإهانته أحد المتظاهرين مؤخرًا ووصفه بأنه “سائل منوي إسرائيلي” لَهو دليل على عقليتهم المزدوجة تلك.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]ويَظهَر الخطاب المزدوج بوضوحٍ في “صباح دايلي”، ففي حين تنشر النسخة الإنجليزية تصريحات نائب رئيس الوزراء بولنت أرينج قائلاً إنه يعمل بجِدٍّ لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإن أساطيل المساعدات التركية ستتلقَّى الإذن من السلطات الإسرائيلية لمساعدة الفلسطينيين، وما إلى ذلك، فإنك لا تستطيع أن تجد مثل هذه التصريحات الموالية للغرب ولإسرائيل في إصدار “صباح دايلي” التركية.[/box][/one_third]فعديد من كُتَّاب الأعمدة في “تودايس زمان”، وأنا من ضمنهم، يحصلون على جميع أنواع الرسائل من أنصار أردوغان يتهموننا فيها بأننا عبيد لليهود والأميركيين. أما حين يتحدث أنصار أردوغان إلى الغرب، فإنهم يبتعدون عن الصدق تمامًا. الأهم من ذلك أنهم يزعمون أن حركة “الخِدمة” مناهضة للعلمانية. فعلى سبيل المثال، كتب عثمان كان، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، في جريدة “ذي فاينانشال تايمز”، أن حركة “الخدمة” مناهضة للعلمانية. أما في تركيا فإنهم يزعمون أن حركة الخدمة يتحكم فيها الأمريكان. على سبيل المثال صرَّح نائب رئيس الوزراء أرينج علنًا بأن الأستاذ فتح الله كولن يتحكم فيه “عقل متفوِّق” مشيرًا إلى الأميركيين، الخ.
ومنذ أيام قليلة شهدنا مظهرًا آخر من مظاهر هذا الخطاب المزدوج، حتى إنه يبدو اعترافًا من مؤيِّدٍ ليس بالذكاء الكافي لأردوغان. فقد كتب راسم أوزان كوتايالي (كاتب عمود في صحيفة “الصباح” التابعة لأردوغان) في جريدة “مونيتور” باللغة الإنجليزية أن القضاة الذين قرَّروا إلقاء القبض على ضُبَّاط الجيش الإسرائيلي في قضية “مافي مرمرة” من مؤيدي حركة “الخدمة” التي تريد أن تدمِّر العلاقات بين أردوغان وإسرائيل. حتى إنه كتب أن أردوغان لا يستطيع انتقاد المحكمة، فقد يفقد بعض الأصوات. وهذا اعتراف شديد الوضوح بأن أردوغان ميكافيليّ الفِكْر، يستخدم خطابًا معاديًا لليهود والسامية، ولإسرائيل، وللغرب، والاتحاد الأوروبي ومناهض للولايات المتحدة، لكي يرسِّخ قاعدته الانتخابية، غير أنه ليس صادقًا بما يكفي ليقول هذه الأشياء بالإنجليزية للأطراف ذات الصلة. هذه هي لعبته، فعلى الجانب الأول، وبينما يستخدم هذا الخطاب المعادي للغرب وما إلى ذلك، ليحصل على أصوات جماهير الريف، المحافظين وغير المتعلمين، يخدم على الجانب الآخر مصالح الولايات المتحدة، إلخ.
ومع ذلك، فلهذه اللعبة حدودها، لا لأردوغان فقط وإنما للولايات المتحدة أيضًا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم إحسان يلماز، جريدة تودايس زمان، 30 مايو 2014.