(زمان التركية)ــ أعدَّ حقوقيان تركيان، تقريرًا، لصالح الاتحاد الدولي للكتاب (PEN)، عن انتهاكات حرية التعبير التي تشهدها تركيا منذ محاولة انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016.
فقد أعدَّ البروفيسور يامان أقدنيز عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق في جامعة بيلجي Bilgi في إسطنبول، والأستاذ المساعد كرم ألتيبارماك عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق في جامعة أنقرة، تقريرًا لصالح الاتحاد الدولي للكتاب، بعنوان: “حرية التعبير المحتضرة في تركيا: انتهاكات لحقوق الكتاب والناشرين والأكاديميين في ظل حالة الطوارئ”.
يتكون التقرير من 78 صفحة، ويقدم تقييمًا عامًا عن انتهاكات الحقوق والحريات في ظل حالة الطوارئ المعلنة في البلاد منذ محاولة انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016، مؤكدًا أن المراسيم والقوانين المتخذة في ظل حالة الطوارئ ما هي إلا أداة جديدة “لسياسة تكميم الأفواه”.
ويوضح الحقوقيان في التقرير أن الأكاديميين والمفكرين والصحفيين يحكم عليهم بالسجن، بزعم دعم أعمال العنف والأنشطة الإرهابية في ظل القوانين الموجودة منذ 20 عاما، قائلين: ” كانت مكافحة الإرهاب أحد الذرائع الرئيسية لتقييد الحريات، في وقت قريب وفيما بعد محاولة الانقلاب”.
في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، كانت ذرائع تقييد حريات التعبير هي “إهانة أتاتورك، وإهانة العرق التركي، وإهانة وحدة وسلامة البلاد”، أمَّا في عهد حزب العدالة والتنمية فقد تحولت تلك الحجج إلى إهانة الدين، وإهانة الحكومة، وإهانة رئيس الجمهورية.
وقالا في تقريرهما: “بالرغم من أن التعدي الجسدي على الصحفيين نادر للغاية، وأن وقائع تعذيب المفكرين والطلاب وتعريضهم لمعاملة سيئة أمر استثنائي، إلا أن كل من ينتقد الحكومة يتعرض لعقوبات بالسجن لأسباب بسيطة. فإن المتهمين في تلك القضايا يحكم عليهم بالسجن بنسبة كبيرة، أو بعقوبات متنوعة”.
استراتيجية جديدة
وبحسب التقرير تتبع السلطات استراتيجية جديدة تعتمد على “القليل من العنف والكثير من التأثير”.
وقال التقرير إن أزمة حرية التعبير في تركيا التي تعتبر جزءًا من سياسة تكميم الأفواه تتداخل مع أزمة القضاء، ويشير إلى أن ذلك نابع من القضاء تمامًا على سيادة القانون.
كما أشار التقرير إلى أن تحقيقات العقوبات المفتوحة ضمن مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة، هي الجزء الأهم من الاستراتيجية الجديدة المعروفة بـ”القليل من العنف والكثير من التأثير”، موضحًا أنه بتغيير موقف تركيا ضمن مكافحة الإرهاب يضع المزيد من العقوبات المغلظة في قضايا حريات التعبير والتنظيم.
محكمة محلية تعترض على المحكمة، وتقول: ما شأنك أنت؟”
أورد التقرير أن الدائرة 13 من محكمة العقوبات المغلَّظة في إسطنبول أصدرت قرارا بأغلبية الأصوات، رأت فيه أن المحكمة الدستورية تقوم بـ”اغتصاب المهام”؛ وأصبحت بإعلانها عدم تطبيق القرار الصادر في حق الصحفي شاهين ألباي، أول محكمة محلية تعترض على المحكمة الدستورية وتقول لها “ما شأنك أنت؟”.
وبحسب التقرير، فإنه بالرغم من أن عدم تطبيق محكمة محلية قرارات صادرة عن المحكمة الدستورية تعتبر هي الواقعة الأولى في تاريخ القضاء التركي، إلا أن سجلات التاريخ ستسجل بأنها أكبر إشارة على عدم استقلالية القضاء عن القرار السياسي.
وأوضح التقرير أن مشهد حرية التعبير في تركيا قبل محاولة الانقلاب كان مخيفًا، وتحول إلى وضع أسوأ إذ لم يعد هناك مجال لحرية التعبير وخاصة فيما يتعلق بحرية الصحافة، عقب إعلان حالة الطوارئ، قائلًا: “في ظل حالة الطوارئ تم إغلاق 20 مؤسسة إعلامية ومؤسسة نشر بما فيها وكالات الأنباء، والصحف، والمجلات، ومحطات الراديو، ومحطات التليفزيون، ودور النشر والتوزيع. وقد ألغي قرار الإغلاق في حق 25 منها فقط. يقال إن عدد المؤسسات المغلقة منذ 31 ديسمبر/ كانون الأول 2017 تراجع إلى 175 مؤسسة”.
التحقيق مع 38 ألف و254 بتهمة إهانة أردوغان
قدِّم التقرير إحصاءات حول التحقيقات بتهمة إهانة أردوغان، جاءت على النحو التالي: “بعد أن تم انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسًا للجمهورية شهدت القضايا التي فتحت بموجب المادة 299 من القانون التركي بشأن تجريم إهانة رئيس الجمهورية قفزة كبيرة في عدد المحكوم عليهم. وبلغ العدد الإجمالي للدعاوي التي رفعت في الفترة ما بين 2010-
2016 6 آلاف و860 دعوى قضائية، بينها 6 آلاف و272 قضية عقب اختيار أردوغان رئيسًا للجمهورية. خلال عام 2014 حيث بدأ أردوغان أول أيامه في رئاسة الجمهورية برفع 682 دعوى قضائية، وخلال عام 2015 فُتح 7 آلاف و216 تحقيقًا، وخلال عام 2016 شهدت تلك الأعداد ارتفاعًا كبيرًا لتسجل 38 ألفًا و254 تحقيقًا جنائيًا.”
وفي الفترة ما بين عامي 2010 – 2017 رفع أكبر عدد من الدعاوي بزعم الانتماء لتنظيمات إرهابية ضمن المادة 314/2 من القانون التركي. وقد شهدت تلك الأعداد زيادة كبيرة في أعقاب محاولة الانقلاب. وفي عام 2015 رفعت 14 ألف و854 دعوى قضائية بناءً على هذه المادة، وفي 2016 سجل هذا الرقم زيادة قدرها 100% لتصل إلى 29 ألف و434 دعوى.
في ظل حالة الطوارئ تم فصل 116 ألف و250 موظف عمومي بموجب أحكام وقوانين حالة الطوارئ، فيما تم إعادة 1.69% فقط من هذا العدد لوظائفهم. واعتبارًا من 31 ديسمبر/ كانون الأول 2017 وصل عدد الذين يستمر قرار الفصل التعسفي في حقهم عند مستوى 114 ألف و279.
أمَّا فيما يتعلق بالأكاديميين في ظل حالة الطوارئ، فقد وصل عدد المفصولين منهم بنهاية عام 2017 إلى 5 آلاف و822 من 118 جامعة حكومية. وقد ألغي قرار فصل في حق 141 أكاديمي فقط خلال تلك الفترة.