كوسوفو (زمان التركية) – اهتزت كوسوفو والعالم أجمع أمس الخميس بنبأ اختطاف خمسة معلمين أتراك يعملون في مدرسة تابعة لحركة الخدمة وطبيب واحد، بتنسيق بين المخابرات التركية ونظيرتها الكوسوفية، تمهيدا لترحيلهم إلى تركيا، من دون محاكمة قضائية واتباع للقوانين المرعية في البلاد.
وبحسب معلومات أدلت بها زوجة أحد المختطفين فإن مجموعة كانت ترتدي الزي الشرطي أوقفت سيارتهم وأخرجت زوجها وابنها من السيارة من دون ذكر أي سبب ثم ذهبت بزوجها إلى جهة مجهولة، لافتة إلى أن المجموعة التي زعمت أنها أفراد شرطة المرور ضربت كلاً من زوجها وابنها وأجبرتهما على النزول من السيارة
ونشرت وكالة أناضول التركية الرسمية صور 6 معلمين أتراك من مدرسة “محمد عاكف أرصوي” في كوسوفو وأعلنت أن المخابرات التركية نفذت عملية عابرة للحدود في كوسوفو بالتعاون مع الجهات المحلية وقامت بإرسال المعلمين إلى تركيا.
لكن مع مرور الوقت تبين أن المعلمين المختطفين كانوا محتجزين في مطار كوسوفو الدولي ويتم الاستعداد لترحيلهم إلى تركيا ويحاول مجموعة من المحامين التابعين للأمم المتحدة منع استكمال عملية الترحيل غير القانونية.
وقد خلقت عملية اختطاف المعلمين الأتراك في وسط أوروبا أزمة حقيقية في كوسوفو، إذ أعلن رئيس وزراء البلاد راموش هاراديناج أن السلطات المعنية لم تقم بإبلاغه مثل هذه العملية، لذا أمر بفصل عناصر المخابرات والشرطة الذين تورطوا في العملية التعسفية.
كما أعلن أنه سيتعامل مع هذه القضية وفق الدستور والقوانين في كوسوفو وسيستخدم كل صلاحياته الدستورية في هذا الصدد.
وفي أعقاب انتشار خبر اختطاف المعلمين الأتراك، هرع طلبة المدرسة التي تحمل اسم الشاعر الوطني التركي الشهير محمد عاكف أرصوي إلى مطار كوسوفو الدولي واحتجوا على محاولة ترحيل معلميهم إلى تركيا بطريقة غير قانونية.
واهتمت الصحافة المحلية في كوسوفو، وكذلك الصحافة العالمية، بخبر محاولة ترحيل المعلمين الأتراك إلى تركيا دون علم حكومة كوسوفو لمجرد انتماءهم إلى حركة الخدمة، حيث نقلت كبرى الصحف ووكالات الأنباء الغربية الحدث المثير للجدل إلى متابعيها، وعلى رأسها صحيفة نيويورك تايمز وواشنطن بوست ووكالة رويترز وغيرها.
وأفادت مصادر مطلعة أن الضغوطات التي تمارسها الأوساط الديمقراطية والحقوقية المحلية والدولية لعرقلة ترحيل المعلمين الأتراك لا تزال مستمرة، مشيرة إلى أن هذه العملية ستخلق أزمة جدية جديدة بين تركيا والاتحاد الأوربي.
يذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتهم حركة الخدمة بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل ويسعى انطلاقًا من ذلك إلى اعتقال كل من له صلة بالحركة سواء شارك في الانقلاب أم لم يشارك أو أسند إليه جريمة مادية أو لم يسند؛ كما يمارس ضغوطا على حكومات العالم لاستعادة المنتمين إلى الحركة العاملين في الخارج إلى تركيا، أو يوظف عناصر مخابراته أو عناصر غير قانونية لاختطافهم، خاصة المعلمين، عبر طرق أشبه بالمافيوية، بل يوصل الأمر أحيانًا إلى ارتكاب عمليات اغتيال ضدهم.
إلا أن المعارضة التركية تتهم أردوغان بتدبير انقلاب مسيطر عليه لتصفية العراقيل التي تقف أمام مشاريعه في الداخل التركي والمنطقة، خاصة في سوريا، فضلاً عن أن عديدًا من التقارير المخاراتية الدولية نشرت في العام المنصرم كشفت صحة هذا الادعاء وبراءة حركة الخدمة من تهمة الانقلاب.
وكان الداعية الإسلامي فتح الله كولن نفى اتهامات أردوغان جملة وتفصيلاً، ودعا أردوغان والمجتمع الدولي إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في محاولة الانقلاب الفاشلة وكشف المجرمين الحقيقيين والمحرضين عليها، معلنًا أنه مستعد للعودة إلى تركيا والقتل شنقًا إن أثبتت هذه اللجنة ولو واحدًا من هذه الاتهامات، الدعوة التي لم تلق صدى إيجابيا حتى اللحظة من قبل أردوغان.
وكانت الأمم المتحدة كشفت عن تقرير جديد يرصد انتهاكات ضخمة في ملف حقوق الإنسان داخل تركيا في ظل حالة الطوارئ المعلنة في البلاد عقب محاولة انقلاب 15 يوليو/ تموز 2016 بحجة التصدي للانقلاب.
ووثقت لجنة الأمم المتحدة في تقريرها المكون من 28 صفحة، والمنشور في 20 مارس/ أذار الجاري، الآلاف من حالات انتهاك الحقوق والحريات لممارسة التعذيب داخل تركيا في ظل تمديد الحكومة التركية حالة الطوارئ أكثر من مرة.
وأشار التقرير إلى أن فترة حالة الطوارئ المستمرة في البلاد منذ 18 شهرًا، شهدت اعتقال 160.000 شخصًا، وفصل 152.000 شخصًا من وظائفهم، منهم قضاة ومدعون عامون وأكاديميون من دون أي تحقيق.
ولفت التقرير إلى تفاصيل مثيرة للغاية، مشيرًا إلى أن السلطات التركية ألقت القبض على ما يقارب 100 سيدة حامل، ومنهن من أوشكت على وضع حملها، لمجرد كون أزواجهن مشتبهًا فيهم.