بقلم : منى سليمان
القاهرة (الزمان التركية) – أثلج خبر إلقاء القبض على منفذ العملية الإرهابية على ملهى “ارينا” في أسطنبول ليلة رأس السنة صدور المسئولين الأتراك لاسيما الأمنيين منهم الذين طالما وجهت إليهم الإتهامات بالتقصير، رغم أنه جاء بعد مرور 18 يوما على الحادثة التي مثلت نقطة تحول في العمليات الإرهابية بتركيا مؤخرا.
فبينما كانت دول العالم تحتفل بقدوم عام 2017 اقتحم مسلح بملامح آسيوية ملهى ليلي بحي راق في وسط أسطنبول وأطلق النار بشكل عشوائي ما أسفر عن مقتل 39 شخصا وإصابة العشرات ثم خرج من الملهى دون القبض عليه ودون أن يعترضه أحد وهذا في ظل إجراءات أمنية مشددة اتخذتها شرطة أسطنبول جراء التحذيرات المتكررة من حدوث عمليات إرهابية مماثلة ليلة رأس السنة.
ثم توالت العمليات الإرهابية التي استهدفت عدة مدن تركية منذ بدء العام الجديد في (أزمير وغازي عنتاب وأسطنبول)، ليصبح يناير 2017 أكثر الشهور دموية بالبلاد منذ ثلاثة أعوام، حيث أسفرت العمليات الإرهابية في الأيام الخمس الأولى منه عن مقتل وإصابة 120 شخصا. مما يؤهل تركيا لتحتل المركز الرابع عالميا منذ بدء العام الحالي في العمليات الإرهابية بعد سوريا والعراق واليمن، الأمر الذي يؤكد حدوث تغير نوعي في أهداف وإستراتيجيات الجماعات الإرهابية التي تستهدف البلاد لاسيما في ظل تصاعد العمليات الإرهابية منذ النصف الثاني لعام 2016 التي أسفرت عن وفاة 151 مواطنا تركيا وإصابة المئات.
فما هي أسباب هذا التصاعد؟ وكيف ستواجه الحكومة التركية؟ وهل سيشهد عام 2017 مزيدا من العنف والإرهاب بالبلاد؟ هذا ما سنسعى لتوضيحه فيما يلي:
أولا: العمليات الإرهابية بتركيا .. ملاحظات أولية:
هناك بعض الملاحظات الأولية التي يمكن للمتابع المهتم بالشأن التركي أن يؤكد عليها فيما يخص تصاعد العمليات الإرهابية بالبلاد خلال الفترة الأخيرة، فمن حيث العدد نجد أن العمليات الإرهابية بتركيا بدأت في التصاعد منذ منتصف عام 2015 الذي شهد 4 تفجيرات إرهابية متتالية في أنقرة وأسطنبول راح ضحيتها أكثر من 150 قتيلا ليسجل هذا العام أعلى الأعوام في التفجيرات الإرهابية منذ بدء حكم حزب العدالة والتنمية في 2002. ثم تصاعدت التفجيرات والعمليات الإرهابية بضراوة خلال عام 2016 لتسجل أكثر من 170 قتيلا وبداية عام 2017 حتى الآن سجلت أكثر من 120 قتيلا ومصابا، والضحايا من المدنيين والعسكريين، إذن هناك تزايد ملحوظ في عدد العمليات الإرهابية وعدد الضحايا أيضا.
ومن حيث مناطق الإستهداف نجد أن هناك استهدافا داخل تركيا وخارجها، ففي الداخل هناك انتشار لاستهداف مختلف محافظات تركيا حيث تتركز العمليات في أسطنبول وأنقرة ويتم استهداف مراكز التسوق والأماكن المكتظة بالسكان لإيقاع أكبر عدد من الضحايا كما حدث في حادث ملهى “رينا”,
وفي محافظات الوسط والجنوب (دياربكر، غازي عنتاب، أزمير، أضنة، قصري). يتم استهداف مراكز الشرطة والجيش .. أما في الخارج فيتم استهداف القنصليات والسفارات التركية المنتشرة في مختلف دول العالم بأعمال تخريبية احتجاجا على بعض السياسات التركية الخارجية، كما يتم استهداف القوات التركية المتواجدة في شمال العراق لاسيما في معسكر بعشيقة بالموصل وكذلك المتواجدة في شمال سوريا بمدينة الباب ضمن عملية “درع الفرات” التي بدأتها تركيا بسوريا لمواجهة “داعش”.
ومن حيث الأسلحة المستخدمة في العمليات الإرهابية .. فقد تنوعت بين التفجيرات الانتحارية عبر الأحزمة الناسفة وتلك العمليات ينفذها تنظيم “داعش” والجماعات التكفيرية، والسيارات المفخخة التي يتم تفجيرها عن بعد وتلك العمليات على الأغلب يقوم بها تنظيما حزب العمال الكردستاني و”صقور حرية كردستان”، وإطلاق النار العشوائي وهى أحد الأساليب الجديدة والمنتشرة حديثا في تركيا وقد نفذ بها حادث اغتيال السفير الروسي بأنقرة وحادث الملهى الليلي بأسطنبول.
ومن حيث التنظيمات المتهمة في تنفيذ تلك العمليات: نجد أن هناك تنظيمات تعلن مباشرة وتتبنى تنفيذ العمليات الإرهابية فور حدوثها ومنها التنظيمات الإرهابية “كداعش” و”حزب العمال الكردستاني” وتنظيم “صقور حرية كردستان”، وهناك اتهامات توجه من الحكومة التركية لمنظمات مدنية أخرى ليس لها علاقة بالإرهاب ولا يوجد دليل ضدها مثل الاتهامات التي تلقى جزافا على حركة “الخدمة” واتهامها أكثر من مرة بالضلوع في عمليات إرهابية والتحريض على العنف وهو أمر مناف للحقيقة. وكذلك اتهامات توجه لبعض الأحزاب اليسارية.
ثانيا: أسباب فشل المواجهات الأمنية وتصاعد العمليات الإرهابية:
من خلال التقييم المبدئي لتعامل الحكومة التركية مع تصاعد العمليات الإرهابية بالبلاد سنجد أنها فشلت تماما في مواجهتها، وهذا الفشل يعود لعدة أسباب منها:
- الاستغلال السياسي للعمليات الإرهابية: يصب الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” وأعضاء حكومته جام غضبهم على “حركة الخدمة” ويتهمها بالمسئولية عن كل حادث إرهابي تشهده تركيا، وهى الحركة التي تستلهم أفكار المفكر الإسلامي التركي “فتح الله جولن” وهذا دون تقديم أي دليل مادي ملموس على تلك الاتهامات، كما أن تاريخ الحركة وأنشطتها ومؤسساتها داخل تركيا وخارجها لم تنخرط في أي وقت خلال الأربعين عاما الماضية في أى عمل إرهابي أو تحريض على العنف، كما أنه اتهم الحركة بتدبير أحداث 15 يوليو 2016 التي أطلق عليها الانقلاب العسكري الفاشل وشن حملة شعواء ضدها وضد المنتمين فكريا لها أسفرت عن فصل 85 ألفا و911 موظفا واعتقال أكثر من 41 ألف مواطن وغلق 1125 جمعية مدنية وخيرية وغلق ومصادرة 177 مؤسسة إعلامية وطرد نحو ألفين و500 صحفي من العمل، واعتقال 143 آخرين خلال ستة أشهر فقط. والسؤال الذي يجب أن يجيب عنه “أردوغان” هل الخدمة بعد كل هذه المصادرات والاعتقالات مازالت قادرة على تنفيذ أى عمل سلمي أو إرهابي؟ بالطبع لا. وهدف “أردوغان” من إلقاء تلك الإتهامات جزافا هو “شيطنة حركة الخدمة” داخل وخارج تركيا لأسباب ليس محل ذكرها الآن، وربما يكون نجح في الداخل في تحقيق هدفه لأنه المسيطر على كافة تفاصيل الحياة السياسية بالبلاد فضلا عن تسييس المؤسسات الإعلامية والقضائية لتسير وفق ما يراه هو فقط، ولكن في الخارج لماذا مازالت مؤسسات الخدمة تعمل في أكثر من 170 دولة حول العالم إذا كانت مؤسسات تابعة لتنظيم إرهابي؟ هل كافة تلك الدول ستضحي بأمنها وسلامة شعوبها وتقبل بتنظيم إرهابي على أراضيها؟ هل كافة الأجهزة الأمنية في العالم عاجزة عن اكتشاف حقيقة حركة الخدمة التي اكتشفها “أردوغان” وأجهزته الأمنية؟ ولذا يجب على “أردوغان” أن يبحث عن ضآلته في عنصر آخر أو جماعة أخرى تكون له بمثابة “كبش فداء” يلقي عليه التقصير الأمني المستمر والإختراقات الواضحة في حكومته أو أن يكلف أجهزته الأمنية بتكثيف عملها بشكل جاد لإحباط العمليات الإرهابية قبيل حدوثها والكشف عن المتورطين فيها وفق الأدلة القانونية الملموسة.
2- نقض الهدنة مع حزب “العمال الكردستاني”: منذ نقض الهدنة التي كانت موقعة بين الطرفين الحزب والحكومة التركية وفشل مفاوضات “أوسلو” في منتصف عام 2013، بدأت الحكومة التركية حملة ضد الحزب والمدن الكردية والأحزاب السياسية المدنية المتعاطفة معه، وتم اعتقال رئيس حزب الشعوب الديمقراطي الكردي “صلاح الدين دميرطاش” وأكثر من 23 نائبا منتمين للحزب المتعاطف مع القضية الكردية، فضلا عن الحصار المفروض منذ ما يقرب من عام على مدينة “دياربكر” ذات الأغلبية الكردية التي استباحتها قوات الشرطة التركية وتشهد عمليات قتل وتهجير واعتقالات شبه يومية، والحقيقة أن الحكومة التركية هى التي بادرت بنقض الهدنة وهى تعلم أن حزب العمال الكردستاني هو الجناح العسكري للأكراد يؤمن بتحقيق أهدافه بالكفاح المسلح، والنتيجة الطبيعة لنقض الهدنة هو عودة الحزب للعمل العسكري الذي راح ضحيته أكثر من 10 ألاف مواطن تركي منذ بدء الحزب عمله في 1982، فلماذا تضحي الحكومة التركية بالهدنة التي كانت تحافظ على دماء شعبها؟ ولماذا تراجعت عن خطابها التصالحي مع زعيم لحزب المعتقل “عبد الله اوجلان”؟ أليس الأحرى تحقيق السلام مع الأكراد لأن الصراع الذي لم يحسمه السلاح على مدى 30 عاما لن يحسمه السلاح الآن، والأفضل هو وقف الحكومة التركية استهداف المدن الكردية والإفراج عن السياسيين الأكراد المعتقلين ثم العودة لطاولة المفاوضات مرة أخرى لحقن دماء الطرفين، لأنه خلال فترة الهدنة التي امتدت لعامين ونصف لم تشهد المدن والمحافظات التركية عملية ارهابية واحدة قام بها حزب “العمال الكردستاني”.
3-إفراغ المؤسسات الأمنية من الكفاءات: في إطار حملة الحكومة التركية ضد مؤسسات حركة الخدمة التي اتهمتها بتدبير الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو 2016، تم فصل 150 جنرالا من الجيش التركي، و3 آلاف و724 ضابطا، وألف و633 ضابط صف، و157 موظفا إداريا. فضلا عن 1699 موظفا بوزارة العدل. مما أدى لحدوث فراغ كبير في سير العمل بالمؤسسات الأمنية التركية التي تقوم على مواجهة التنظيمات الإرهابية ثم التحقيق في العمليات الإرهابية بعد حدوثها، وهذا يثير تساؤلات عدة كيف كان الانقلاب العسكري بسيطا وفاشلا واستمر لمدة ساعتين ويقف خلفه كل هؤلاء؟ مما يؤكد أن الفصل تم بشكل تعسفي وغير صحيح من قبل الحكومة التركية ودفع ثمنه المجتمع التركي من أمنه واستقراره. لاسيما وأن هذا الفراغ أدى لقصور شديد في عمل الأجهزة الأمنية.
4-عدم الجدية في محاربة “داعش”: بدأت أنقرة عملية “درع الفرات” في سوريا والعراق بغية محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي وبالفضل حققت انتصارا عليها ووقفت زحفها على مدينة الباب السورية، وهذا جاء بعد سنتين من الاتهامات المتواصلة لأنقرة والرئيس التركي بالتواصل مع “داعش” وبعض الجماعات الإرهابية ومنها “فتح الشام”، حيث كشفت تقارير غربية وبعض وثائق “ويكيليكس” عن ضلوع “بيرات البيرق” صهر الرئيس التركى وزير الطاقة في تهريب نفط تنظيم “داعش” إلى تركيا، كما كشفت تقارير صحفية عام 2014 عن دخول عناصر “لداعش” و”جبهة النصرة” سابقا لتلقي العلاج في المستشفيات التركية بغازي عنتاب المحافظة الحدودية مع سوريا.
مما سبق نستنتج عدة نقاط منها .. أن استهداف داعش لتركيا منذ بداية عام 2016 يؤكد وجود علاقة بين تركيا وداعش قبل ذلك التاريخ والدليل هو تهديد “أبي حسن المهاجر” المتحدث باسم “داعش” في 10 ديسمبر 2016 لتركيا بسلسلة من الهجمات غير المسبوقة ردا على تحول أولويات سياساتها الخارجية مما يؤكد أن التنظيم كان قادرا على استهداف تركيا قبل ذلك ولكن لم يقدم على تلك الخطوة لوجود توافق بين رؤيته والسياسات التركية الخارجية.
وثاني تلك النقاط هو الغموض حول تقاعس وتغاضي أجهزة الأمن التركية عن إلقاء القبض على الخلايا الإرهابية المتواجدة في بعض محافظات الجنوب “كغازي عنتاب” التي تؤكد التقارير الاستخباراتية الغربية أنها أصبحت ملجأ لعناصر وقيادات “داعش” تحت سمع ونظر الأمن التركي، وكذلك الوضع في إسطنبول وأنقرة فهل من المعقول عدم وجود عناصر إرهابية مندسة في أكبر مدينتين تركيتين رغم تصاعد العمليات الارهابية مؤخرا بهذا الشكل، وهذا مرده إلى ضعف قدرات الأجهزة الأمنية نتيجة لتسريح القيادات والكفاءات الهامة منها أو أنه تنفيذا لأوامر القيادات السياسية التي تستخدم العمليات الإرهابية لإخضاع المجتمع التركي لرغباتها عبر تخويفه المستمر ولذا فمن مصلحة تلك القيادات استمرار الإرهاب حتى على حساب أمن واستقرار الشعب التركي.
4-تراجع السلام المجتمعي بتركيا: تبنى حزب “العدالة والتنمية” منذ وصوله للسلطة عام 2002 ولمدة عقد كامل، خطابا مجتمعيا تصالحيا مع كافة طوائف وفئات المجتمع، وقد اتخذ خطوات عدة لإثبات ذلك منها السماح للأكراد بتدريس لغتهم في محافظات الجنوب، والسماح للعلويين الأتراك بممارسة طقوسهم الدينية، وإعادة افتتاح بعض الكنائس القديمة، بيد أن هذا الخطاب التصالحي قد تراجع بشدة مؤخرا وحل مكانه لغة متشددة من جانب “أردوغان” وبعض المسئولين الأتراك بل والنواب أيضا، فقد نقض الهدنة مع الأكراد .. وخاض معارك قضائية ضد بعض رؤساء الأحزاب السياسية والمؤسسات الصحفية والجمعيات الخيرية ورجال الأعمال وجمعيات حقوق المرأة نتيجة لقراراته وأرائه ضدهم، متناسيا أنه رئيسا لجميع المواطنين وأصبح خصما لهم، تزامن مع ذلك انتشار الجماعات الدينية المتشددة والسلفية في المجتمع التركي القادمة من سوريا والتي بدأت في نشر أفكارها داخل المدن التركية حتى إسطنبول نفسها، نضف لذلك حالات الاعتقالات والفصل التعسفي من العمل وإغلاق المؤسسات الإعلامية والإقتصادية والتربوية بعد محاولة الانقلاب الفاشل التي أدت لوجود ملايين من المواطنين الأتراك بلا عمل بل ومتهمين بالتورط في الانقلاب على نظام الحكم، مما أدى لوجود حالة من الاحتقان بين جميع فئات المجتمع أثرت سلبا على حالة السلام المجتمعي بتركيا التي عرفت بقبول الآخر والتسامح معه، وهذه الحالة ستستمر خلال السنوات القادمة وسيكون لها العديد من التداعيات الإجتماعية والسياسية السلبية على المجتمع التركي، الذي سيشهد العديد من الظواهر الإجتماعية الجديدة عليه بالإضافة لتصاعد ظاهرة الإرهاب.
5- تناقض السياسة الخارجية واستعداء الدول ضد أنقرة: اتسمت السياسة الخارجية التركية خلال العام الأخير بالتناقض وتغير التحالفات كل فينة وأخرى، فقد تصالحت مع روسيا بعد فترة جفاء وتوتر في العلاقات بين البلدين وتقارب الدولتان ووصل التعاون بينهما للتنسيق العسكري مما أزعج واشنطن حليف أنقرة الأطلسي، كما أن أنقرة غيرت موقفها من الأزمة السورية وأصرت على بقاء قواتها في العراق وسوريا مما أزعج منافسها الإقليمي المعروف إيران، كما أنها تتقارب تارة مع إسرائيل ثم تتراجع في تعهداتها معها، وكذلك الحال بالنسبة لعلاقاتها مع اليونان والأتحاد الأوروبي التي تشهد توترا لم يسبق له مثيل بلغ حد تعليق الاتحاد مفاوضات انضمام أنقرة له، هذه التوترات في السياسية الخارجية تكون دافعا مناسبا لعدد كبير من الدول لزعزعة استقرار تركيا عبر تنفيذ العمليات الإرهابية، لإلهائها في الشأن الداخلي والضغط عليها لتغيير مسار سياساتها الخارجية، لاسيما وأن بعض العمليات الإرهابية التي شهدتها إسطنبول تتطلب دعما استخباراتيا دوليا رفيعا ومن الصعب قيام تنظيم إرهابي بتنفيذها بمفرده ومنها عملية اغتيال السفير الروسي بأنقرة.
مما سبق نستنتج أن.. هناك علاقة طردية بين تصاعد العمليات الإرهابية بتركيا والتناقض الحالي في سياسات حزب “العدالة والتنمية” في الداخل والخارج، وأولى خطوات مواجهة الإرهاب بتركيا لابد أن تتم سياسيا عبر تصويب ومراجعة مسار التحرك التركي في الخارج لاسيما في ملفي سوريا والعراق وفي الداخل عبر إجراء مصالحة وطنية مع مختلف فئات الشعب التي يتهمها أردوغان يوميا بأنها تقف ضده، ومراجعة الإجراءات التي اتخذت بعد محاولة الانقلاب الفاشلة من حملات فصل تعسفي واعتقالات عشوائية، كما يجب إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية التركية وعلاج القصور الذي أصابها إثر تسريح وفصل المئات من القيادات الهامة، لأن استمرار النهج التركي الحالي سيؤدي إلى إستمرار تصاعد العمليات الإرهابية التي ستحصد أرواح العشرات وربما المئات فضلا عن تأثيرها الإقتصادي الواضح في تراجع قطاع السياحة الذي يساهم بحوالي 12% من مجمل الناتج المحلي للبلاد، وتأثيرها الإجتماعي الذي يؤدي لزيادة حالة الاحتقان بين فئات المجتمع. فإلى متى سيدفع الشعب التركي دماءه ثمنا لسياسات أردوغان الخاطئة؟!.
*باحثة دكتوراة بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة متخصصة بالعلاقات الدولية.