أنقرة (زمان التركية) أنهت لجنة العمل المشترك، التي تقرر تشكيلها خلال القمة التي جمعت وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيليرسون مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في العاصمة أنقرة في 23 فبراير/ شباط الماضي لتوحيد المواقف تجاه الأزمة السورية بين كل من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، أولى اجتماعاتها في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الجمعة الماضية.
وبحسب صحيفة (حريت) فإن الإدارة الأمريكية تنظر بإيجابية إلى موقف تركيا المُصر على تطهير مدينة منبج في شمال سوريا من عناصر تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الإرهابي.
وبالرغم من وصف المسؤولين الأمريكيين للاجتماعات التي عقدت في واشنطن بأنها “اجتماعات أوّلية”، إلا أن الجانب الأمريكي ينظر بإيجابية إلى موقف أنقرة المُصر على تطهير مدينة منبج من عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي أحد أذرع حزب العمال الكردستاني في سوريا. أمَّا فيما يتعلق بكيفية تطبيق هذا الموقف على أرض الواقع وأجندة العمل، فإن المفاوضات بين الجانبين ستستمر في الفترة المقبلة.
ترأس الوفد التركي المشارك في الاجتماعات نائب المستشار المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية التركية سدات أونال، بمشاركة عدد من الدبلوماسيين، ومسؤولين عسكريين من وزارة الدفاع ورئاسة هيئة أركان القوات المسلحة. بينما ترأس الوفد الأمريكي نائب مستشار وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون الأوروبية والأورواسية ويس ميتشيل.
استمرت أولى الاجتماعات بين الطرفين التركي والأمريكي يوم الخميس الماضي حتى ساعات الظهيرة. وأكد الجانب الأمريكي خلال الاجتماعات أنه من المنتظر من عملية غصن الزيتون التي تشنها تركيا في مدينة عفرين، أن تخفض مؤشرات التوتر في عفرين. إلا أن الجانب التركي أكد أن مدينة عفرين، ليست محل حديث الاجتماعات. وعلى الجانب الآخر، كانت البنتاجون الأمريكي قد أشار في تصريحات أحد المتحدثين باسمه خلال الأسبوع الماضي إلى أن عفرين تعتبر جزءًا من اللقاءات الدبلوماسية التي تعقد بين البلدين معربًا عن قلق بلاده مما تشهده المنطقة، الأمر الذي سرعان ما نفته أنقرة ببيان شديد اللهجة صادر عن وزارة الخارجية.
وكشفت مصادر مطلعة على كواليس الاجتماعات التي تدور في الأروقة الدبلوماسية بواشنطن، أن الجانب الأمريكي غير مُصر على أن يكون انسحاب تركيا من عفرين ضمن أجندة المفاوضات. إلا أن المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية هيثر ناورت لفت في حواره خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في اليوم نفسه، إلى أن التطورات الأخيرة التي تشهدها عفرين تشتت التركيز على مكافحة تنظيم داعش، مشيرًا إلى أن ملف عفرين ضمن مباحثات الجانبين، وقال: “لقد قال ذلك من قبل الجنرال فوتيل، وكذلك أنا وعدد آخر من الدبلوماسيين الأمريكيين. هذا الوضع يقلقنا للغاية”.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الجانب الأمريكي، طالب في اقتراحه المكتوب في نهاية اجتماعات الخميس، أن يكون جزء من عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ضمن المجلس العسكري في منبج.
اتفاق على المبادئ ومفاوضات حول التطبيق
خلال اجتماعات اليوم التالي، أبلغ الوفد التركي الجانب الأمريكي عدم موافقته على بقاء أي عنصر من عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في منبج. الأمر الذي دفع المسؤولين الأمريكيين إلى محاولة التوصل إلى طرق مشتركة من أجل عدم إغضاب شريكها في ساحة المعركة حزب الاتحاد الديمقراطي من جانب، وتخطي الأزمة مع من جانب آخر. إلا أنه في النهاية وافق بشكل مبدأي على طلب أنقرة، قبل انتهاء اجتماعات اللجنة المشتركة في واشنطن يوم الجمعة الماضية.
ومن المقرر أن تشهد الاجتماعات المقبلة للجنة المشتركة مناقشة من سيكون المسيطر وكيف سيكون الوضع على الأرض في سوريا، بعد أن يتم طرد عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي إلى شرق الفرات. وطرح على طاولة المفاوضات عدد من الاقتراحات من بينها عمل دوريات مشتركة بين القوات التركية والأمريكية في المنطقة أو إحضار بعض الجماعات المسلحة التابعة للجيش السوري الحر إلى منبج.
ويشير المشاركون في الاجتماعات إلى أن هناك العديد من التفاصيل والنقاط التي تحتاج إلى المناقشة على طاولة المفاوضات، إلا أن هناك احتمالات كبيرة أن يشهد الملف العديد من التطورات الهامة إلى أن يحل صيف العام الجاري. وبحسب مصادر مطلعة، فإن أنقرة تنتظر من الإدارة الأمريكية أن تتخذ خطوات في سبيل استهداف حزب الاتحاد الديمقراطي في شرق الفرات، بعد أن يتم الانتهاء من ملف منبج.
بالرغم من التعهدات التي قدمتها أمريكا إلى تركيا خلال الاجتماعات بشأن منبج، إلا أن قيادة القوات المركزية الأمريكية لا تزال تحاول جاهدة لبقاء دعمها لحزب الاتحاد الديمقراطي وعدم التخلي عنه، الأمر الذي يثير التساؤلات عن كيفية الشكل الذي سيكون عليه الوضع على أرض الواقع.
فأنقرة التي لدغت من الجحر قبل ذلك، عندما تعهدت لها الإدارة الأمريكية بانسحاب حزب الاتحاد الديمقراطي إلى شرق الفرات عقب تطهير منبج من داعش، ولكنها لم تفي بوعودها، تتعامل اليوم بتفاؤل حذر. وتعتبر الزيارة التي سيجريها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى واشنطن خلال الأسبوع المقبل، مهمة للغاية لمتابعة سير العملية.