إسطنبول (زمان عربي) – أصدرت صحيفة زمان التركية بيانا أعربت فيه عن القلق من المناخ السائد في البلاد حاليا والمعادي للديمقراطية وحرية التعبير ودولة القانون.
وقالت الصحيفة في بيانها: “إننا نعيش أسوأ أيام تاريخنا فيما يتعلق بحرية الصحافة التي تُعتبر المؤشر الأهم للديمقراطية ودولة القانون. فالمثقفون ورجال الأعمال والفنانون، والعاملون في مؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، والصحفيون، يتم إسكاتهم بالتهديد والابتزاز.
أما الذين يعملون على النشر الحر رغم كل شيء فيعانون أقصى درجات الضغوط.
إذ أصبح العنوان الأول الذي يتواجد فيه الصحفيون بالدرجة الأولى هو قاعات المحاكم لا مراكز الأخبار.
فما زال كثير من زملائنا الذين اعتُقلوا مراراً، ورُفعت ضدهم عشرات القضايا، في السجون.
وكان آخر من تعرض لهذه المظالم رئيس تحرير جريدة جمهوريت جان دوندار، وممثل الجريدة في أنقرة أردم جول. فبعد اعتقال دام أكثر من 3 أشهر أُفرج عنهما بموجب قرار من المحكمة الدستورية.
ولكن يبدو أن فرحة أنصار الديمقراطية لن تكتمل؛لأن الرئيس رجب طيب أردوغان صرح قائلا: “لن ألتزم بهذا القرار، ولا أحترمه”، وبالتالي أصبحت المحاكم تتعرض لهجمات عنيفة وضغوط كبيرة.
كما أن اللوبي القائل “إنهم سيُعتقلون مجددا” وهو لوبي مقرب من الحكومة، يعمل دون هوادة.
ففي هذا الأسبوع فقط تم حجب قناتي بانجي تورك (Bengütürk) وآي أم سي (İMC) من القمر الصناعي توركسات الذي تملكه الدولة، وهما قناتان ذواتا توجهات سياسية متناقضة. ومؤخراً تعرضت مجموعتا سامان يولو وإيبك الإعلاميتان لنفس المصير والمعاملة. وبذلك تم إسكات عشرات القنوات التلفزيونية.
وثمة طريقة أخرى لترهيب الصحافة، وهي تعيين أوصياء على الشركات الإعلامية. فقبيل انتخابات 7 يونيو/ حزيران عُين وصي على مجموعة بوجون -كانال تورك،وهي من المجموعات القليلة التي يمكن للمعارضة أن تتكلم فيها. وقد تسبب الأوصياء بإفلاس جريدتين وقناتين تلفزيونيتين في هذه المجموعة، ما أدى إلى توقفهما عن النشر منذ أيام.
مع أن التشريعات الوطنية ولا سيما دستور الجمهورية التركية، والاتفاقيات الدولية التي كُلفنا بها؛ تحمي حرية الصحافة التي تُعد ضماناً للحصول على الأخبار، دون أن تترك أي مجال للشبهات. علما بأن المادة 26 من الدستور تضمن حرية الفكر والرأي، والمادتين 28 و30 اللتين تضمنان حرية الإعلام والصحافة، هي مواد في غاية الوضوح ولا تدع مجالاً لاحتمال معاكس.
فالمادة 30 من الدستور تنص على ما يلي: “لا يمكن مصادرة أو تعطيل المطبعة التي تم تأسيسها من أجل عمل الصحافة بشكل قانوني،ولا مستلزماتها وأدوات الصحافة، بحجة أنها أداة للجريمة”. وهذه المادة في الوقت نفسه هي ضمان حرية الاستثمار أيضاً.
في حين أن المادة العاشرة من مذكرة حقوق الإنسان الأوروبية ملزمة للقضاء التركي.
فجريدة زمان التي تعد أكبر جريدة تركية من حيث المبيعات تتعرض لضغوط كبيرة منذ ما يزيد على السنتين، كرفض الاعتماد الصحفي لمراسليها، والتفتيش الضريبي، ومعاقبة من ينشر فيها دعاية، وتهديد القرّاء. ونحن الآن نواجه تهديداً بالمصادرة وتعيين وصي. لذا فإننا قلقون إزاء كل هذه التطورات التي أودت بتركيا إلى الحضيض في الديمقراطية.
ونحن نؤمن بأنه لا يوجد سوى سبيل واحد للنجاة من هذا الكابوس الذي نعيشه، وهو العودة مجدداً إلى الديمقراطية وسيادة القانون.
ونحن نعبر عن قلقنا أمام شعبنا ومثقفينا المؤمنين بالديمقراطية والعالم المتحضر في هذا الصدد.