بقلم: نازلي إليجاك
فور وقوع تفجير أنقرة الغاشم خرج رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان أمام الجميع ليعلنا أنهما اكتشفا المسؤول عن الحادث، قائلين: “لقد تعرفنا على المسؤول عن التفجير. إنه المدعو صالح نجار، من مواليد قرية عامودا في شمال سوريا. وقد دخل إلى تركيا وسط اللاجئين السوريين”.
ما لبثوا حتى أعلنوا أيضًا انتماءه لحزب الاتحاد الديمقراي الكردي في سوريا (PYD). الأمر الذي أدهش الجميع، بسبب التوصل إلى هوية الجاني وانتمائه بهذه السرعة. وظهر في الأفق بعض الغاضبين، قائلين: “إذا كان لديكم جهاز مخابرات فعال إلى هذا الحد لاكتشاف الجاني بهذه السرعة، لماذا لم يتم التوصل إليه قبل وقوع الحادث، للحيلولة دون وقوع الكارثة”.
انشغل الجميع بالسرعة التي تم الكشف بها عن هوية الجاني؛ إلا أنه لم يخطر ببال أحد أن الاسم من الممكن أن يكون خطأ! لأنهم كانوا يتحدثون بثقة كبيرة.
في البداية أصدرت عائلة “نجار” الموجودة في قرية عامودا، تعليقًا على تصريحات المسؤولين الأتراك، قائلة: “إننا العائلة الوحيدة في هذه القرية، التي تحمل لقب “نجار”. وهذا الشخص المدعو لا ينتمي إلى عائلتنا. فضلًا عن عدم وجود شخص يحمل اسم “صالح نجار” في قرية عامودا. ولكن يوجد شخص وحيد يحمل هذا الاسم في قرية أخرى، ويبلغ من العمر 60 عامًا”.
وعند نشرت صور الجاني، ظهر أمام الجميع شخص آخر، ويزعم أن الشخص المدعو صالح نجار هو ابنه، قائلًا: “إن اسمه عبد الباقي سومير، وليس صالح نجار”. وبالفعل أثبتت فحوصات الحمض النووي “DNA” صحة تصريحات الأب سومير.
وردًا على التساؤلات المنتشرة حول التقييم الخاطئ للمتحدث الرسمي باسم الحكومة نعمان كورتولموش للواقعة، فقد قال: “إن اختلاف الاسم لا يغير من حقيقة الأمر شيئًا”. وأصبح كل من لديه فطرة وحس سليم ينتظر من الحكومة إعلان اسم الجاني الجديد “عبد الباقي سومير” من مدينة فان شرق تركيا، بدلًا عن “صالح نجار” السوري.
أو حتى التوضيح أمام الرأي العام والشارع التركي أسباب وقوعهم في هذا الخطأ، واعتذارهم أمام الجميع، وما إلى ذلك…
إلا أن الحكومة التركية لم تغير موقفها تجاه الحادث، لأنها تورطت في الأمر بعد أن أعلنت في البداية هوية المسؤول عن الحادث ثم بدأت في جمع الأدلة اللازمة لإثبات صحة تصريحاتها… وتصر على تحميل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا، مسؤولية الحادث. فليكن لاجئا سوريا، أو حتى مواطنا تركيا من مدينة فان التركية؛ أو ليكن صالح نجار أو حتى عبد الباقي سومير؛ ليكن ما يكون إلا أن الصورة الذهنية لديهم هي نفسها لا تتغير. لأنهم يحيكون سيناريو ما، ويستمرون في لعب دور البطولة فيه…