أنقرة (زمان عربي) – حذر يشار ياكيش أول وزير خارجية في حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا من فقدان مدينة هطاي الواقعة بمحاذاة الحدود السورية في الوقت الذي ترغب فيه الحكومة السيطرة على خط “جرابلس- أعزاز”.
وقال ياكيش الذي عمل سفيرًا لتركيا في دمشق لمدة أربع سنوات “بعض الدول الكبرى ترغب في الزج بتركيا إلى الحرب. قد نضطر للدخول في حرب ضد روسيا في سوريا. إذا دخلت تركيا سوريا ستضطر إلى مواجهة العالم العربي. وحلف شمال الأطلسي (الناتو) قد لا يطبق المادة الخامسة في التدخل في سوريا، أي أنه قد لا يدافع عن تركيا لأنها ستكون هي التي شنت الهجمات”.
موقف أردوغان من 1 مارس
ولفت ياكيش إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان الذي كان يتولى آنذاك رئاسة حزب العدالة والتنمية خلال مرحلة مذكرة الأول من مارس/ آذار عام 2001، المقدمة للبرلمان التركي من أجل فتح الأراضي التركية للاستخدام الأمريكي في حرب العراق، لم يقدم على أي مبادرات من شأنها التأثير على تصويت النواب. إلا أن الحزب أجرى استفتاءً قبل التصويت على المذكرة في البرلمان لاستفسار آراء النواب سواء كشفوا عن أسمائهم أو لم يكشفوا.
وكانت نتيجة الاستبيان أن المذكرة ستُمرر بسهولة من البرلمان. وكانت أصوات الموافقة في التصويت عالية جدًّا؛ حيث وافق 264 نائباً، بينما رفض 250 نائباً. إلا أن المذكرة لم تمرر لعدم الحصول على الأغلبية. إلا أن رئيس البرلمان آنذاك بولنت أرينتش أعلن في البداية عن تمرير المذكرة، لدرجة أن السفير الأمريكي لدى أنقرة هرع إلى سفارته لإبلاغ تمرير المذكرة.
موقف عبد الله جول
وقال ياكيش إن الرئيس الأسبق عبد الله جول كان يشعر ببعض الشكوك في الموافقة على المذكرة إلا أنني لا أعتقد أنه صوت بالسلب بصفته رئيس الحكومة التي أرسلت المذكرة إلى البرلمان. الصراحة تقتضي ذلك لكن جول ترك النواب قبل التصويت مع أنفسهم يقررون في الأمر بإرادتهم الذاتية. ولم يقدم على أية توجيهات قط.
مطالب أنقرة من واشنطن
كان لدينا طلبان مهمّان من الأمريكيين: أولهما؛ إدراج تركمان العراق كعنصر أساسيّ من السكان في الدستور الذي سيتم وضعه بعد صدام حسين. والأمر الثاني؛ كان موضوع مكافحة منظمة حزب العمال الكردستاني المتمركزة في العراق. وكانت ثمة تجاوزات بالغة في أثناء المفاوضات؛ إذ كان يقول الأمريكيون إنه لا يمكن رؤية التركمان كعنصر أساسي من السكان، فضلا عن أن موقفهم من العمال الكردستاني لم يكن واضحًا، ولم يقدموا وعودًا مُرضية لأنقرة في هذا الصدد. وإذا ما نظرنا اليوم إلى العراق الجديدة؛ نرى أن التركمان وكيان العمال الكردستاني قد تبلور في الإطار الذي قِيل لنا عندما جلسنا على طاولة المفاوضات عام 2003. أي أنه حتى لو كانت أرسلت تركيا قوات عسكرية إلى العراق لما كانت لتحصل على ما طلبته مقابل ذلك.
ماذا لو دخلت تركيا إلى سوريا؟
إذا دخلنا سوريا فمن الصعب جدًّا الخروج منتصرين. لم تسمح الولايات المتحدة لمحاولة تركيا تقسيم المنطقة الكردية الواقعة شمال سوريا حتى قبل نزول روسيا إلى المنطقة. ورفضت مطالب إقامة مناطق حظر الطيران والمنطقة الآمنة. ذلك لأنه لا يبدو من الممكن ضمان إقامة منطقة هكذا وتأمينها داخل سوريا التي تموج بحرب أهلية. واليوم روسيا التي أُسقطت طائرتها من قِبَل تركيا موجودة على الساحة في سوريا. ولا شكّ في أنها ستعارض على نحو حاسم تدخل تركيا من جانب واحد. والأكثر من ذلك أن الروس أسَّسوا هذه المنطقة بعدما حصلوا على موافقة دمشق.
هل من الممكن إجراء عملية مشتركة مع السعودية؟
سنحت لي الفرصة لمتابعة وتفقد الجيش السعودي في فترة مباشرتي مهام سفارتنا في الرياض. وأرى أن قدرتهم وسعتهم الموجودة حاليًا لا تكفي للدخول إلى سوريا. فضلًا عن أن جيشها ليست لديه خبرات خوض الحرب مثل القوات المسلحة التركية.
هل الناتو يدعم تركيا؟
قد لا يتم تطبيق المادة الخامسة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي ترى مساعدة الدول الأعضاء التي تتعرض للهجمات. أي أن التحالف قد لا يدافع عن تركيا لأننا سنكون مَنْ شن الهجمات. وقد تترك الولايات المتحدة تركيا وحدها كما حدث في قبرص. زد على ذلك أن سوريا وبعض الدول الأوروبية ترغب في إقحام تركيا والزج بها للدخول إلى سوريا. وأرى أن ثمة دولاً تسعى لإقحام تركيا في سوريا عن طريق الضرب على وتر تهديد حزب الاتحاد الديمقراطي وتنظيم داعش.
وعن ردة فعل العالم العربي حال دخول تركيا إلى سوريا قال ياكيش “أنا أكثر دبلوماسي في وزارة الخارجية زاول مهمته في الشرق الأوسط. لقد عشتُ 12 عامًا في المنطقة؛ حيث أمضيتُ 4 أعوام في دمشق، و4 أعوام في الرياض، و4 أعوام في القاهرة كسفير لتركيا. ويجب التنويه هنا إلى أن المعارضة العثمانية الموجودة لدى الشارع العربي لم تمح من الأذهان بعد. وسيتم إعلان القوات التركية بأنه غير مرغوب فيها في سوريا كما حدث في بعشيقة. ومهما كان المبرر سيعارض العالم العربي تركيا في هذه الخطوة.