تقرير: حمزة قدير أوغلو
أنقرة (زمان التركية) – أفاد كاتب صحيفة “حريت” التركية عبد القادر سيلفي أن عملية عفرين العسكرية زادت من دعم حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان.
وأضاف سيلفي المعروف بعلاقاته الوطيدة مع المخابرات أن ثقة الشعب بالحكومة والدولة تزايدت بفعل عملية عفرين بمعدل 8-9 نقاط، مشيرا إلى أن أردوغان يحظى بدعم كبير من الشعب يماثل للدعم الذي حصل عليه عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وذكر سيلفي أن الإحصاءات حول نسب التصويت الأخيرة تعكس بلوغ نسبة المصوتين لصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة أردوغان وصلت إلى 55 في المائة، بعد توزيع أصوات المترددين على الأحزاب.
وعقب انتخاب أردوغان رئيسًا في عام 2014، كان قد حصد خلال الفترة بين أكتوبر/ تشرين الأول وديسمبر/ كانون الأول على 55 في المائة من الأصوات، واعتبارًا من يناير/ كانون الثاني تراجعت هذه النسبة بسبب الصراعات داخل الحزب.
ويزعم سيلفي أنه بالتزامن مع عملية عفرين وبعد فترة طويلة بلغت نسبة من يرغبون التصويت لحزب أردوغان إلى 55 بالمائة.
وعلى صعيد آخر يرى الخبراء أن الخطابات القومية والإسلامية لأردوغان تحظى بدعم كبير في الداخل، غير أنه يفقد الكثير من الدعم بمرور الوقت على الصعيد الخارجي، فعلى الرغم من انقضاء نحو شهر على انطلاق عملية عفرين فقد الجيش التركي 32 من جنوده ولم يقطع مسافة تستحق الذكر.
وكان الكاتب عبد القادر سلفي نفسه أعلن أن العمليات الأمنية والعسكرية ضد العناصر المسلحة التابعة لحزب العمال الكردستاني لعبت دوراً كبيرًا في توجه القوميين الأتراك إلى حزب أردوغان وعملت على ارتفاع نسبة دعمه بعشر نقاط على الأقل.
وعلى الرغم من حديث الجيش التركي عن قضائه على أكثر من 1600 إرهابيًا خلال العمليات ليزيد بذلك حماس الشعب التركي، فإن هذه الأرقام لا تبدو واقعية، وعلى جانب آخر تحظى تهديدات أردوغان للولايات المتحدة الأمريكية بذكره “الصفعة العثمانية” واتهامه إياها بإرسال آلاف من شاحنات محملة بالسلاح إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بدعم من الشعب التركي.
وعقب لقائه بنظيره الأمريكي ريكس تيلرسون، أكد وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو في إجابته عن سؤال وجهه صحفي أمريكي بشأن “الصفعة العثمانية” أن هذا الأمر هو خطاب موجه إلى الرأي العام داخل تركيا فقط، لتنتهي بهذا واقعة “الصفعة العثمانية” مثلما حدث مع واقعة “دقيقة واحدة”.
الواقع أن أردوغان كشف هذه الطريقة الناجحة في زيادة نسبة الدعم في 2015، حيث كان حزب العدالة والتنمية حصل على %40.8 في انتخابات 7 حزيران 2015، وخسر الحكومة منفردًا، وذلك عندما تمكن حزب الشعوب الديمقراطي من تجاوز الحد الأدنى للأصوات لدخول البرلمان والحصول على 80 مقعدًا برلمانيًّا، في الوقت الذي كانت حكومة حزب العدالة والتنمية تجري “مفاوضات السلام الكردي” مع حزب العمال الكردستاني. عندها منع أردوغان تأسيس حزبه حكومة ائتلافية مع أي من الأحزاب الثلاثة، وأعلن انتخابات برلمانية مبكرة.
وبالتزامن مع ذلك أطاح بطاولة مفاوضات السلام، وأمر بتنفيذ عمليات أمنية وعسكرية في مناطق شرق وجنوب شرق تركيا ذات الأغلبية الكردية ضد عناصر حزب العمال الكردستاني، الأمر الذي أثار رياح القومية التركية ورفع حزب أردوغان في انتخابات 1 نوفبر 2015 نسبة أصواته إلى %49.5، الأمر الذي مكنه هذه المرة من تشكيل الحكومة منفردًا، على الرغم من أن ذلك كلّف تدمير عديد من المناطق الكردية بحجة مكافحة الإرهاب، وأدى إلى ارتكاب انتهاكات فظيعة بحق الأكراد المدنيين.
يُذكر أنه خلال منتدى دافوس عام 2009 كان أردوغان قد هاجم الرئيس الإسرائيلي شمعون بريز قائلاً: “إنكم تجيدون القتل وتعلمون طريقة قتل الأطفال على الشواطئ”. وعقب كلامه هذا غادر القاعة. لكنه في حديثه مع الصحفيين لاحقاً أعلن أن رد فعله هذا لم يكن موجها إلى بريز، بل كان موجهًا إلى مدير الجلسة هناك. مع ذلك فإن أردوغان استغل هذه الحادثة أيما استغلال في تلميع صورته وزيادة نسببة دعمه شعبيًا.
وخلال فترة الاستفتاء الدستوري الذي شهدته تركيا العام الماضي شبه أردوغان الحكومة الألمانية التي رفضت السماح لمسؤولين أتراك بتنفيذ دعايات سياسية داخل أراضيها بـ”حكومة هتلر”. وأسهم هذا الخطاب أيضًا كثيرًا في زيادة أنصار أردوغان، خاصة لدى القوميين، وأسفر الاستفتاء عن النتيجة على النحو الذي يرضي أردوغان.
وفي تلك الفترة اتهم أردوغان مراسل صحيفة “دي فيلت” الألمانية دنيز يوجيل بالعمالة والصلة بالإرهابيين، وخلال مشاركته في برنامج بقناة (A haber) وصف أردوغان يوجيل بـ”الخائن” و”الإرهابي”، وأكد أنه لن يفرج عنه طوال فترة توليه الحكم.
وفي الوقت الذي أثارت تصريحات أردوغان هذه الحماس لدى مؤيديه لقد تم الإفراج عن يوجيل خلال الأيام القليلة الماضية بقرار مفاجئ، فعلى الرغم من إصدار المحكمة قرارًا بمواصلة حبسه لقد أخلي سبيله وتوجه يوجيل إلى ألمانيا على متن طائرة خاصة، في اليوم الذي أصدرت محكمة أخرى بالحبس المؤبد على صحفيين أتراك متهمين بالمشاركة في الانقلاب من دون دليل، على الرغم من قرار المحكمة الدستورية بثبوت انتهاكات حقوقهم ومطالبتها بالإفراج عنهم.
ومؤخرًا أفاد أردوغان عقب تناوله أنباء عزم الجيش السوري على الدخول في عفرين في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أنه في حال دخول الجيش السوري عفرين سيتحمل عواقب ذلك.
ويرى الخبراء أن السبب الفعلي لدخول أردوغان عفرين هو تسليم المنطقة إلى نظام الأسد، مثلما حدث في حلب بعد عملية درع الفرات، بينما تنظر إليه الصحافة المحلية على أنه بطل، كما يوضح الخبراء أن أردوغان يفضل وجود قوات سوريا على حدود تركيا عوضا عن وجود حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
والدليل على هذا إعلان وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو أن تركيا سترحب بدخول قوات الأسد إلى عفرين إن كانت النية وراء ذلك هو قتال القوات الكردية هناك.
وعلى الرغم من عدم تناول الصحافة التركية هذه الخطوات التراجعية، فإن هذه الخطوات تسبب لفقد تركيا كثيرًا من الدعم لدى الرأي العام الدولي.