(زمان التركية)ــ قال الكاتب الدكتور كاظم ناصر في مقال له بموقع (المجد) إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أراد من خلال عمليتة “غصن الزيتون” العسكرية في شمال سوريا، تحقيق 7 أهدف، أبرزها إيجاد موطئ قدم يتيح له المشاركة عند تقرير مستقبل سوريا، بعد أن أوشكت الأزمة على الانتهاء، ويضعف في نفس الوقت حزب العمال الكردستاني.
بعد مضي شهر على إعلان رئيس الجمهورية التركية رجب طيب اردوغان عن انطلاق عملية “غصن الزيتون ” التي قال إن الهدف منها هو ” محاربة الارهاب وطرد المقاتلين الأكراد من مدينة عفرين”، فإن العملية ما زالت مستمرّة ولا أحد يعرف متى ستتوقف.
الرئيس التركي يدرك أن تركيا لن تكون آمنة ومستقرة ما دامت الجارة سوريا ممزّقة وتعاني من حروب طاحنة وتدخّلات اجنبيّة متعدّدة، ولهذا فإن التدخل العسكري التركي المباشر يهدف إلى حماية مصالح وأمن تركيا، وحصولها على جزء من الكعكة عندما تنتهي الحروب في سوريا ويحين وقت توزيع المكاسب.
” عملية غصن الزيتون ” العسكرية التركية تهدف أولاً : إلى توجيه ضربة قوية لحزب العمال الكردستاني وإضعافه، ومنع الأكراد من إقامة دولة كرديّة مستقلّة على الحدود مع تركيا في سوريا أو العراق، والسيطرة على الأكراد الأتراك وإبقاء تركيا دولة قويّة موحّدة.
ثانيًا : إن تغلغل تركيا العسكري في العمق السوري يمكّنها من ضمان دور هام لها في شؤون سوريا والمنطقة العربيّة بعد انتهاء الحرب. أردوغان يدرك أن الجيش السوري حقق انتصارات هامّة لكن الوضع السوري ما زال هشًا، ولهذا فإنه يعتقد أن تدخّل تركيا الآن وتحقيقها انتصارًا عسكريًا في الداخل السوري سيمكّنها من المشاركة في الاتفاق على حلّ نهائي للوضع في سوريا يساهم في حفظ أمنها، ويضعف خصومها الأكراد.
ثالثًا : اردوغان يعمل على بناء دولة تركيّة قويّة حديثة تلعب دورًا هامًا في السياسة الدولية و في الشؤون العربيّة والاسلاميّة؛ لقد أعرب صراحة عن طموحه في إعادة إحياء النفوذ العثماني في المنطقة بقوله ” أولئك الذين يعتقدون أننا محونا من قلوبنا هذه الأرض، التي تركناها وسط الدموع قبل قرن، مخطئون.”
رابعا : إن نجاح العمليّة العسكريّة سيمكن تركيا من إقامة منطقة آمنة على حدودها مع سوريا ويعيد الأمن والهدوء إلى القرى والمدن التركية الحدوديّة.
خامسًا : إذا تمكّنت تركيا من تحقيق اهدافها من ” عملية غصن الزيتون”؛ فإن ذلك سيزيد من هيبتها ونفوذها في الدول العربية والعالم الاسلامي، وقد تستخدمه كورقة ضغط في محاولاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
سادسًا : ان نجاح العملية في إعادة الهدوء إلى المناطق السورية المحاذية لتركيا وفتح الحدود بين البلدين، سيخدم الرغبة التركيّة في إعادة أكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا؛ لقد عبّر الرئيس التركي عن ذلك بقوله ” هدفنا هو ضمان عودة 3,5 مليون من إخواننا السوريين إلى ديارهم وأرضهم في أقرب وقت ممكن.”
سابعًا : لقد حظيت العمليّة العسكريّة بتأييد شعبي واسع، ودعمها حزب الحركة القوميّة التركي المتحالف مع حزب العدالة والتنمية ممّا يعني أن نجاح ” عملية غصن الزيتون” سوف يزيد شعبية حزب العدالة والتنمية ويعزّز فرص اردوغان للفوز في الانتخابات الرئاسية في عام 2019 .
أردوغان يعرف كيف يستغلّ الفرص لخدمة بلاده، وتحقيق طموحه السياسي ورغبته في البقاء في السلطة أطول فترة ممكنة.
لا شك بأن التاريخ يُصنع الآن في سوريا الحبيبة؛ وإن التدخّل التركي الذي يريد أردوغان استخدامه لأهداف سياسية تهم حزبه ومستقبله السياسي قد زاد الوضع السوري تعقيدًا، وإن الحرب التي تشارك فيها روسيا، أمريكا، إيران ، إسرائيل، تركيا، وبعض الدول العربية وحزب الله مرشحة للتوسّع، وقد تقود إلى اشتعال النيران في أكثر من قطر عربي وتهدّد السلام العالمي.