إسطنبول (زمان عربي) – تسبب نقل منظمة حزب العمال الكردستاني المواجهات إلى مراكز المدن وحفر الخنادق في الطرقات وإعلان حظر التجوال والعمليات العسكرية في صدمات شديدة في شرق وجنوب شرق تركيا حيث اضطر عشرات المواطنين في المناطق التي تشهد أزمة اجتماعية واقتصادية لمغادرتها.
كما أعلن آلاف الحرفيين إفلاسهم وأغلقوا ورشهم وزادت البطالة بسرعة. فالأرواح والممتلكات غير آمنة.
وتعاني بلدة سور في مدينة دياربكر وبلدتي نصيبين ودارجيتشيت في مدينة ماردين وبلدتي جيزرة وسيلوبي في شيرناق من أزمة اقتصادية واجتماعية. واضطر عشرات الآلاف من المواطنين للهجرة وأعلن آلاف الحرفيين إفلاسهم وأغلقوا ورشهم وارتفعت نسبة البطالة بسرعة وحتى مواصلة الحياة اليومية أصبحت مشكلة كبيرة بالإضافة إلى تعرض أمن وسلامة الأرواح والممتلكات للتهلكة.
وتشهد المنطقة انقطاعا للماء والكهرباء باستمرار وتمر الخدمات الصحية بعقبات كما تعجز سيارات الإسعاف عن دخول الأحياء. ويحاول الراغبون في الذهاب إلى المستشفيات السير في الطرقات رافعين الرايات البيضاء وملوحين بها كي لا يصبحوا هدفا لطلقات نارية. والوضع التعليمي أيضا مؤلم فقد تم إغلاق العديد من المدارس وإحراق البعض الآخر وحرم نحو 114 ألف طالب من التعليم.
بلدة سور تحولت إلى مدينة أشباح
منذ 14 أغسطس/ آب أعلن حظر التجوال في 17 بلدة شرق وجنوب شرق تركيا، وتعد بلدة سور أحد أكثر المناطق المتأثرة بشدة من المواجهات والعمليات العسكرية التي تستهدف الخنادق في الطرقات. فقد تحولت هذه البلدة الواقعة في قلب مدينة ديار بكر بمبانيها وأسواقها وفنادقها التاريخية إلى مدينة أشبح وهجرها 20 ألف من بين إجمالي عدد سكانها الذي يبلع 23 ألف. وشهد الشهر الأخير غلق 411 محل وورشة وغرفة تجارية. وأغلق 17 فندقا يقدم خدمات للمواطنين المحليين والأجانب أبوابهم. ونقلت بعض الفروع البنكية والخدمات الحكومية أماكنهم خارج البلدة لعجزها عن العمل داخل البلدة.
المشهد في بلدة سور لا يختلف عن بلدات نصيبين ودارجتشيت وجزرة وسيلوبي. فالحياة التجارية تلاشت تقريبا. فعلية القوم وفي مقدمتهم رجال الأعمال استقروا في المدن الكبرى.
الحياة تحولت إلى فوضى
آلاف العائلات تضررت من الوضع الفوضوي المتواصل منذ أشهر.وأحد هذه العائلات هي عائلة شاكر التي تعيش في بلدة سور. فما عايشته شكران شاكر وأبناؤها السبعة بعدما اضطروا إلى ترك منزلهم في حي حاصرلي، الذي يشهد مواجهات عنيفة، شيئ يدمي القلب. فما روته شكران شاكر، التي لجأت لمنزل والدها بصحبة زوجها العاطل وأبناؤها السبعة، يعكس أمام الأعين الأضرار التي سببتها المواجهات في الحياة المدنية. حيث تقول شكران شاكر : “سكنّا في منزل والدي المكون من غرفتين. فهم منحونا إحدى هاتين الغرفتين، وعانت جارتي في حيي السابق من الوضع عينه.لا نملك مكانا نذهب إليه ففتحنا أبوابنا لاستضافتهم في منزل والدي مثلنا. ونمكث جميعنا 14 شخصا في غرفة واحدة. والدي ليس مقتدرا ماديا لذا نتناول الوجبة نفسها يوميا وهي البرغل. زوجي يبكي دائما وحالته النفسية مدمرة. فقد كان يمتلك عربة يجرها بنفسه حيث كان يعمل حمّالا. لكن عربته احترقت أثناء المواجهات. وهو الآن عاطل ولا يعرف ماذا يفعل”.
إبنتي تجمع الخضار الذي يرمى في الأسواق
أطفالي يبكون كل ليلة ويعجزون عن النوم. فهم يرتدون الملابس نفسها منذ شهر. الملابس أصبحت شديدة الاتساخ، ولا أستطيع تحميمهم منذ شهر. إبنتي الكبرى كانت تحب القراءة كثيرا وكان حلمها أن تصبح طبيبة لكنها لم تستطع الذهاب إلى المدرسة منذ مطلع العام. والآن إبنتي تقوم بجمع الخضار من الأسواق لكي لا يجوع إخوتها. الأطفال يسألون باستمرار”هل سنموت يا أمي”. نحن نريد أن تنتهي هذه الحرب فورا. فور انتهاء الحرب سأذهب من جديد إلى منزلي. لأننا ليس لدينا مكان آخر نلجأ إليه. لدينا فقط المولى عز وجل. فأنا أدعو كل يوم كي يتمكن أبنائي من العودة إلى المدارس.
سكوت الأذان في الجوامع
نسمع كلمات مشابهة من مالك كامتشي، الذي يمارس التجارة في بلدة سور. حيث يقول مالك:”أعجز منذ شهر عن توفير الطعام لأبنائي الخمس وأخوي المعاقين. فأنا لا أستطيع فتح محل عملي. فالتجار في البلدة فقدوا الأمل ويقومون بجمع أشيائهم من المحال والرحيل. الفقر والبطالة يتزايدان مع مرور الوقت. يوجد حولي آلاف الأشخاص الذين لا يعملون منذ أيام. غدا إن مات إنسان في هذه البلدة بسبب الجوع فكيف سينجوا المتسببون من حساب الله؟ رئيس الوزراء يقول إن تركيا بها جامعين عظيمين. هذا صحيح أحدهما في مدينة بورصا والآخر في دياربكر. لكن هناك فرق كبير بينهما فقد سكت الأذان في أحدهما.