علي يورتاجول
فتح فصل جديد في المباحثات مع الاتحاد الأوروبي مع استئنافها بعد توقُّف 3 سنوات.
وسيُناقش فصل السياسة الاقتصادية والمالية، وهذه خطوة جديدة في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، والتي بقيت على حالها منذ 10 سنوات. لكن بعض المحللين يُطلقون على هذه الخطوة الجديدة عنوان” فصل اللاجئين”. في حين أن رئيس جمعية الحقوق والحريات الإنسانية المقرب من الحكومة يتحدث بصراحة أكبر، ويقول: “هل نحن حراس أوروبا”؟ صحيح أن رئيس جمعية الحقوق والحريات الإنسانية قال: “أليس هناك أحد غيرنا لتنفيذ هذه المهمة”؟ لكنه على الأقل لا يغفل عن حقيقة من الحقائق وهي لماذا يُعرِّض اللاجئون أنفسهم للمخاطر للذهاب إلى ألمانيا وعموم أوروبا بدلا عن العيش في تركيا. فالمحللون اليساريون لا يتطرقون إلى هذا. بل يرون أن أوروبا تستخدم تركيا كأداة، حيث منحتها بعض المال لتنفيذ مهمة الحراسة التي أوكلتها إليها. وأصبحت هذه الحادثة مسألة كرامة في صفحات التواصل الاجتماعي. وإنها “كارثة سياسية” من حيث الأخلاق. فهم يرون أنه لا جديد. فالنتيجة الوحيدة التي أسفرت عنها القمة التي عقدت مع الاتحاد الأوروبي هي عبارة عن صفقة تبعث على الخجل. ولكن ثمة حقيقة يغفلون عنها. وهي أنهم على خط أخلاقي في أوروبا، فهم لا يدركون بأنهم يناقشون موضوع الحدود وليس اللاجئين. وحبذا لو أنهم يلقون نظرة على الأعداد، لعلهم يدركون حجم الكارثة.
إن معطيات الأمم المتحدة تفيد بأن أكثر من 4 ملايين لاجئ سوري يقيمون في الدول المجاورة لسوريا كتركيا ولبنان. إذ يقال إن عدد اللاجئين في لبنان يُقدَّر بنحو 2.4 مليون. ولكن لا أحد يعلم الرقم الحقيقي. ولكن قد يكون هذا الرقم قد انخفض نتيجة هجرة 50 ألف شخص كل شهر إلى الجزر اليونانية. ولكن موجات اللاجئين تستمر بالتدفق، وقد تكون أعدادهم في ازدياد. فالغرب يقصف مواقع داعش، في حين أن روسيا تقصف سواحل المتوسط التي تتمركز فيها قوات المعارضة المعتدلة. وليس هناك أمان على الأرواح في أي مكان. وقد تتحول الهجرات الداخلية التي قدَّرتها الأمم المتحدة بـ7 ملايين، إلى هجرات خارجية خلال مدة قصيرة. والوضع في أوروبا لا يختلف كثيرا.
وأفادت السلطات اليونانية بأن عدد اللاجئين الذين انتقلوا من تركيا إلى الجزر اليونانية في أكتوبر/تشرين الأول يُقدَّر بنحو 55 ألفا، وقد انخفض هذا العدد إلى 5 آلاف و500 في نوفمبر/تشرين الثاني.
صحيح أن العوامل الجوية تلعب دورا في انخفاض هذا العدد، ولكن العامل الأهم هو اتخاذ قوات الأمن تدابير أمنية على طول الساحل. كما أن ألمانيا تقول إنها استقبلت 850 ألف لاجئ هذا العام. مع أن عدد استمارات اللجوء 450 ألفا. ولكن أين بقية اللاجئين الذين يُقدَّر عددهم بـ400 ألف؟ فهذا ما لا يعرفه أحد بكل معنى الكلمة.
ومن المحتمل أن يصل عدد اللاجئين في تركيا بعد وقت قصير من انعقاد قمة بروكسل إلى 3 ملايين. علما بأن تركيا حاولت حتى الآن تخفيف المشاكل التي ظهرت مع قدوم اللاجئين الذين استقبلتهم. ولكن للأسف لم يتحول هذا التصرف الإيجابي إلى سياسة بناءة بخصوص اللاجئين. إذ إننا لم نسمح لهم بالدخول في سوق العمل، والمنظومة الاجتماعية. حيث تحولوا إلى وسيلة استغلال من خلال العمل بصفة غير قانونية وبأجور متدنية. كما أن مئات الآلاف من العائلات تعيش في حدود خط الجوع. لذا فليس من المصادفة أن يرحل هؤلاء الذين فقدو الأمل بالمستقبل، إلى أوروبا.
علينا ألا نخدع أنفسنا، حيث إن الكثيرين من اللاجئين لن يعودوا إلى سوريا. أما الشباب الذين سيكبرون هنا فلن يعودوا أبدا. ولكن هؤلاء محرومون من حق التعليم منذ 5 سنوات ويتسكعون في الشوارع، وقد صرحت وزارة التعليم بأن 250 طفلا سوريا يدرسون في المدارس، ولكن ثمة 450 ألف طفل في المرحلة الدراسية من العمر. فهذه هي الأمور التي من المفترض أن تناقشها تركيا مع الاتحاد الأوروبي. كيف يمكن فتح المجال للعمل أمام اللاجئين؟ وكيف يمكن دمجهم في المنظومة الاجتماعية؟ فمشاكلهم التعليمية في جدول الأعمال وهي بحاجة لحلول سريعة. فالمسألة ليستعبارة فقط عن مشكلة “الأخلاق”كما يراها الأوروبيون أو مشكلة “الكرامة”كما يراها الأتراك.