د-حامد محمود
خبير العلاقات الإقليمية والدولية
القاهرة (زمان التركية)ــ اختتمت الولايات المتحدة وإيران الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة بشأن البرنامج النووي الإيراني، والتى عقدت فى روما، حيث وصف الجانبان الأجواء بـ”البنّاءة”، على أن تعقد جولة ثالثة في 26 أبريل/نيسان بعمان. وتوسطت سلطنة عمان المحادثات بين المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي أشار للتلفزيون الرسمي إلى أن المفاوضات “تحقق تقدما” مشيرًا إلى التوصل إلى “تفاهم أفضل حول سلسلة من المبادئ والأهداف”.
وتسعى الولايات المتحدة وإيران إلى مواصلة مفاوضاتهما بشأن البرنامج النووي لطهران. لكن الجولة الثانية من المحادثات، التي أُجريت في روما، انتهت دون تحقيق أي تقدم ملموس، حيث تبادل البلدان، اللذان يتنازعان منذ عقود، التهديدات والاتهامات بشكل مستمر. ومن المقرر عقد الاجتماع المقبل يوم السبت القادم في سلطنة عمان، التي تلعب دور الوسيط بين الوفدين.
وقد قاد الجولة الثانية من المحادثات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، واستمرت أربع ساعات فقط. وقد جرت على أرض محايدة في السفارة العمانية في روما. وأوضح عراقجي لاحقاً أن “المفاوضات تسير بشكل جيد”، دون الخوض في تفاصيل إضافية، بينما لم يصدر أي تعليق رسمي من الجانب الأمريكي في البداية.
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هدد من قبل بعواقب عسكرية، في حال فشلت المحادثات، مؤكدًا على أن النزاع حول البرنامج النووي الإيراني طال أمده في السياسة الدولية. ففي حين تتهم الدول الغربية إيران بالسعي لامتلاك أسلحة نووية، تنفي طهران هذه الاتهامات. ويُشار إلى أن إسرائيل تبقى الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك سلاحاً نووياً.
و توصلت إيران في عام 2015 إلى اتفاق نووي مع مجموعة من ست دول (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا)، يقضي بتخفيف العقوبات مقابل تنازلات نووية. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق خلال ولاية ترامب الأولى، ما أدى إلى توقف إيران عن الالتزام ببنود الاتفاق، بينما يسعى ترامب حاليًا لإبرام اتفاق جديد.
نقاط الخلاف
إيران، من جانبها، ترفض “الاستسلام”، إذ صرح المبعوث الأمريكي ويتكوف بأن الاتفاق ممكن فقط إذا أوقفت طهران تخصيب اليورانيوم بالكامل. ولكن مستشار المرشد الأعلى الإيراني، علي شمخاني، كتب عبر “بلاتفورم إكس”: “نريد اتفاقاً متوازناً، وليس استسلاماً”، مطالبًا برفع العقوبات ووقف التهديدات الأمريكية والإسرائيلية.
كما تتضمن نقاط الخلاف الأخرى برنامج الصواريخ الإيراني، ودعم طهران لجماعات مسلحة ضد إسرائيل، التي تعتبر عدوها الإقليمي الأكبر. وقبل الجولة الثالثة المقررة السبت، ستُعقد محادثات فنية على مستوى الخبراء الأربعاء.
أوضحت وزارة الخارجية العمانية أن الهدف من الوساطة هو التوصل إلى “اتفاق عادل ودائم وملزم”، يضمن خلو إيران من الأسلحة النووية، ويرفع عنها العقوبات، مع الحفاظ على حقها في تطوير الطاقة النووية السلمية، مؤكدة أن هذا الاتفاق يخدم مصالح المنطقة والعالم على حد سواء.
قراءة مستقبلية للنزاع النووي بين إيران والولايات المتحدة
في ظل استمرار التوترات النووية بين إيران والولايات المتحدة، تظل المحادثات التي بدأت بين الجانبين محل تساؤلات حول قدرتها على إحداث تقدم حقيقي نحو حل الأزمة. ورغم أن الجولة الثانية من المفاوضات التي أجريت في روما انتهت بعد أربع ساعات فقط دون تحقيق نتائج ملموسة، فإن هناك فرصًا لمواصلة الحوار في الأيام القادمة، خاصة مع الجولة المرتقبة في سلطنة عمان. لكن الأسئلة تبقى حول مدى قدرة الوساطة العمانية على تحقيق تقدم جدي، خاصة في ظل التهديدات والاتهامات المستمرة بين طهران وواشنطن.
من المتوقع أن تستمر المحادثات لفترة أطول، إلا أن استمرار عدم التوصل إلى اتفاقيات حاسمة قد يفاقم الوضع بشكل أكبر. تشكل إيران على الرغم من التحديات التي تواجهها، عقبة كبيرة أمام أي تسوية، فهي كما يبدو ترفض بشكل قاطع الامتثال للمطالب الأمريكية، مثل وقف تخصيب اليورانيوم، التي تعتبرها طهران شروطًا مجحفة تهدد سيادتها. وبالمقابل ، تُصر الولايات المتحدة على ضرورة تحقيق تقدم ملموس في هذا المجال، وهو ما يضع محادثات الطرفين في دائرة مفرغة.
كما أن الضغوط الداخلية والخارجية على كلا الجانبين تؤثر بشكل كبير على نتائج المفاوضات. فتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة، التي هدد فيها بعواقب عسكرية في حال فشل المحادثات، تشير إلى أن النزاع قد يتطور إلى مرحلة أكثر تعقيدًا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تبقى إسرائيل على رأس المخاوف الغربية من طموحات إيران النووية، مما يجعلها طرفًا محوريًا في أي تطور محتمل في هذا الصراع.
من جانب آخر، تواصل إيران التأكيد على حقها في امتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية، وهو ما تراه بعض الدول كحق مشروع. لكن النقاط الخلافية الأخرى، مثل دعم إيران لجماعات مسلحة ضد إسرائيل وبرنامج الصواريخ الإيراني، تظل قضايا عالقة تهدد بإعاقة أي تسوية شاملة.