أنقرة (زمان التركية) – تشير الغارات الإسرائيلية في سوريا إلى مخاطر الصدع المتفاقم بين تركيا وإسرائيل فيما يخص دمشق خلال العهد الجديد بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وجاءت الضربات الجوية الإسرائيلية يوم الأربعاء على ثلاث مناطق كانت تركيا تفكر في الانتشار بها، على الرغم من جهود أنقرة لطمأنة واشنطن بأن “الوجود العسكري في جنوب سوريا لا يهدف إلى تهديد إسرائيل”.
وأثار إنشاء الجماعات المسلحة السورية التي أطاحت بنظام بشار الأسد إدارة جديدة وتحركاتها لتشكيل جيش قلق إسرائيل.
وفي ظل مساعيها لملء فراغ السلطة في سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد وتراجع نفوذ إيران وروسيا، تستعد تركيا للعب دور مهم في سوريا بما يشمل بناء قواعد عسكرية جديدة في الجزء الأوسط من سوريا وإبرام اتفاق دفاع مشترك.
ووصفت وزارة الخارجية التركية إسرائيل يوم الخميس بأنها “أكبر تهديد للأمن الإقليمي”.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن أربعة شخصيات مطلعة على الأمر أن تركيا قامت بتفقد ثلاثة قواعد جوية في سوريا على الأقل قد تتمركز قواتها بها كجزء من اتفاقية الدفاع المشترك المخطط توقيعها وذلك قبل الغارات الجوية التي شنتها اسرائيل هذا الأسبوع.
وبحسب مسؤول استخباراتي في المنطقة، ومصدرين عسكريين سوريين ومصدر سوري آخر مطلع على الأمر، زارت فرق عسكرية تركية قاعدتي “تيفور” و “تدمر” الجويتين في محافظة حمص السورية ومطار حماة خلال الأسابيع الأخيرة.
وأوضح مسؤول استخباراتي إقليمي أن الفرق التركية تقوم بتقييم حالة المدارج والحظائر والبنية التحتية الأخرى في تلك القواعد.
وذكر المسؤول الاستخباراتي الإقليمي ومصدران عسكريان سوريان أنه تم إلغاء زيارة أخرى مقررة إلى قاعدتي تيمور وتدمر في 25 مارس/ آذار المنصرم بعد أن قصفت إسرائيل كلتا القاعدتين قبل بضع ساعات من إجراء الزيارة.
وأكد مسؤول استخباراتي محلي بعد تفقده لصور الدمار أن الغارات التي تعرضت لها قاعدة تيفور دمرت المدرج وبرج المراقبة والحظائر والطائرات على الأرض في رسالة قاسية من إسرائيل بأنها لن تقبل الوجود التركي المتزايد في سوريا.
وأشار مصدر سوري رابع مقرب من تركيا إلى أن قاعدة يتفور أصبحت الآن غير قابلة للاستخدام بالكامل.
وصرحت وزارة الدفاع التركية في بيان خلال هذه العملية أن التقارير والمشاركات التي لا تصدر عن السلطات الرسمية فيما يتعلق بالتطورات في سوريا يجب ألا تؤخذ في الاعتبار لأنها قد تكون غير موثوقة ومضللة.
وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في حديثه مع وكالة رويترز يوم الجمعة إن تركيا لا تريد مواجهة إسرائيل في سوريا.
الهجمات المكثفة على سوريا
في الأشهر الأربعة التي تلت الإطاحة بالأسد، احتلت إسرائيل بعض الأراضي في جنوب غرب سوريا وتقرّبت من الأقلية الدرزية وقصفت ودمرت معظم الأسلحة والمعدات الثقيلة للجيش السوري.
كانت هجمات الأربعاء الماضي هي الأكثر كثافة على الإطلاق، حيث أعلنت الخارجية السورية أن إسرائيل قصفت خمسة مواقع منفصلة خلال 30 دقيقة مما جعل قاعدة حماة غير صالحة للاستخدام بالكامل وتسبب في إصابة العشرات من المدنيين والجنود.
في المقابل، أعلنت إسرائيل إأنها قصفت قاعدة تيفور الجوية وغيرها من المنشآت العسكرية في القواعد الجوية في محافظتي حماة وحمص وكذلك البنية التحتية العسكرية في منطقة دمشق.
وصف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الضربات الجوية بأنها تحذير من أنهم “لن يسمحوا بتدمير أمن دولة إسرائيل”.
واتهم وزير الخارجية، جدعون ساعر، أنقرة بالرغبة في إقرار “الحماية التركية” في سوريا.
أفادت نوا لازمي، الخبيرة في سياسة الشرق الأوسط في جامعة بارإيلان، أن إسرائيل قلقة بشأن قيام تركيا بتركيب أنظمة روسية مضادة للطائرات وطائرات بدون طيار في قاعدة تيفور الجوية قائلة: “ستسمح القاعدة لتركيا بإرساء التفوق الجوي في هذه المنطقة وهو مصدر قلق خطير لإسرائيل، لأنه يقوض حريتها العملاتية في المنطقة”.
أحمد الشرع لن يشكل تهديدا للجوار
تحاول تركيا طمأنة الولايات المتحدة بأنها تريد العمل من أجل استقرار سوريا، حيث أبلغ فيدان المسؤولين الأمريكيين في واشنطن الشهر الماضي أن الرئيس السوري، أحمد الشرع، لن يشكل تهديدا لجيرانه، وفقا لدبلوماسي إقليمي كبير مقرب من تركيا ومصدر مطلع على المحادثات في واشنطن.
وقال مصدر عسكري سوري إن فيدان ومسؤولين أتراك آخرين أبلغوا الشرع في وقت سابق أن أنقرة عدلت بعناية خطواتها نحو اتفاق دفاع مشترك لتجنب رد فعل واشنطن العنيف.
وأكد مسؤول في حزب العدالة والتنمية الحاكم بتركيا في حديثه مع رويترز أنه في حالة الفشل أو عدم الاستقرار في سوريا، فستدفع تركيا وليس إسرائيل الثمن الأعلى بين دول المنطقة بما يشمل اللاجئين والأمن”.
هذا صرح سونر جاغابتاي، مدير برنامج الدراسات التركية في معهد واشنطن، بأن تركيا وإسرائيل في “مسار تصادم أيديولوجي” ولكن بإمكانهما منع التوتر العسكري من خلال التوسط مع واشنطن.