القاهرة (زمان التركية)ـــ أكدت القمة العربية غير العادية التي عقدت في القاهرة، الموقف العربي الموحد الرافض لأي تهجير للشعب الفلسطيني سواء من غزة أو الضفة الغربية، ودعم خطة مصر لإعادة إعمار غزة، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وفي البيان الختامي للقمة يوم الثلاثاء، أكد القادة العرب التزامهم بالسلام العادل والشامل، وضمان الحقوق المشروعة لجميع الشعوب ـ وخاصة الفلسطينيين ـ من خلال دولة مستقلة ذات سيادة على أساس مبادرة السلام العربية لعام 2002. وأدانوا رفض إسرائيل المستمر للحلول السلمية.
ورفضوا كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب، مؤكدين أن التعاون مع القوى الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والولايات المتحدة، يظل ضروريا لتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط.
كما أكد القادة على دعمهم لحل النزاعات من خلال المفاوضات الدولية، وأصروا على إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. (ومع ذلك، فإن تونس والعراق لا يزالان يصران على عدم الاعتراف بإسرائيل). بالإضافة إلى ذلك، دعوا إلى عقد مؤتمر دولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية رسميًا.
إدانة التهجير القسري وتوسيع المستوطنات
واستنكر البيان الختامي السياسات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التركيبة السكانية الفلسطينية، ووصفها بأنها انتهاكات للقانون الدولي وجرائم ضد الإنسانية.
كما أدانوا الحصار الإسرائيلي الأخير للمساعدات الإنسانية إلى غزة، ووصفوه بأنه خرق لاتفاق وقف إطلاق النار والقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة. ووصف الحصار بأنه استخدام متعمد للتجويع كسلاح وهجوم على المدنيين لأغراض سياسية.
وحذر القادة العرب من أي محاولة لتهجير الفلسطينيين أو ضم أراضيهم بالقوة، مؤكدين أن مثل هذه الأعمال من شأنها أن تؤجج الصراع لفترة طويلة، وتزعزع استقرار المنطقة، وتقوض جهود السلام. وأشادوا بالجهود المستمرة التي تبذلها مصر والأردن لمواجهة هذه التهديدات.
دعم إعادة إعمار غزة
وأعربت الدول العربية عن تأييدها الكامل لمبادرة مصر للإنعاش المبكر وإعادة الإعمار في غزة، وحثت المؤسسات الدولية، بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، على تقديم المساعدات المالية والاقتصادية.
وأكدوا أن الأولوية العاجلة تتمثل في فرض اتفاق وقف إطلاق النار، وخاصة المرحلتين الثانية والثالثة منه. وتشمل هذه المرحلتان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، ووقف الأعمال العدائية ـ بما في ذلك من معبر فيلادلفي (صلاح الدين) ـ والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الإمدادات الطبية، دون قيود. ولابد من توزيع المساعدات على كافة مناطق غزة، والسماح للسكان النازحين بالعودة إلى ديارهم دون أي عقبات.
المؤتمر الدولي وصندوق إعادة الإعمار
ويشمل اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه مصر وقطر بدعم من الولايات المتحدة، تبادل الأسرى والمعتقلين. وتجري حاليا جهود لدمج الاتفاق في مبادرة سلام أوسع نطاقا.
وبعد وقف الأعمال العدائية، سيعقد مؤتمر دولي في القاهرة بشأن إعادة إعمار غزة، بمشاركة السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
سيتم إنشاء صندوق ائتماني خاص، مدعوم بالتزامات مالية من البلدان والمؤسسات المانحة، لتمويل مشاريع إعادة الإعمار لاستعادة غزة بعد الدمار الذي سببه العدوان الإسرائيلي.
واتفق الزعماء العرب على الضغط من أجل فرض ضغوط دولية لضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من كل الأراضي العربية المحتلة، بما في ذلك سوريا ولبنان.
الحكم الانتقالي في غزة
ورحبت القمة بتشكيل لجنة إدارية تابعة لحكومة فلسطينية في غزة تضم ممثلين عن كافة الفصائل لفترة انتقالية، وتهدف هذه الخطوة إلى تسهيل عودة السلطة الوطنية إلى غزة، وتعزيز الوحدة السياسية والجغرافية والإقليمية لفلسطين داخل حدود عام 1967.
كما أقر الزعماء باقتراح مصر والأردن بتدريب وإعداد قوات الأمن الفلسطينية، لكنهم أكدوا على أن الأمن يجب أن يظل مسؤولية فلسطينية. وأكدت القمة على ضرورة عمل كافة المؤسسات الفلسطينية الشرعية في إطار قانوني موحد والالتزام بمبدأ “سلطة واحدة وسلاح شرعي واحد”.
دعوات لحفظ السلام الدولي وإصلاح المؤسسات
وحث القادة العرب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على نشر قوات حفظ سلام دولية للحفاظ على الأمن بين السكان الفلسطينيين والإسرائيليين في غزة والضفة الغربية – وهي خطوة أساسية نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
كما أكدت القمة على دعم الإصلاح المؤسسي الفلسطيني، ودعوا إلى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية بمجرد أن تسمح الظروف بذلك. وإدراكاً للحاجة إلى الإصلاحات الداخلية داخل منظمة التحرير الفلسطينية، أكد القادة أن تعزيز المؤسسات الوطنية أمر بالغ الأهمية للحكم الفعال. وأكدوا مجدداً على أهمية توحيد الفصائل الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
إدانة العدوان الإسرائيلي والتوسع الاستيطاني
وأدانت القمة بشدة العدوان الإسرائيلي المتواصل في الضفة الغربية المحتلة والانتهاكات التي تتعرض لها المقدسات وخاصة في مدينة القدس، وأكد القادة على ضرورة توفير الحماية القانونية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، مؤكدين على الدور الحيوي لإدارة أوقاف القدس في الإشراف على المسجد الأقصى المبارك، بما يتماشى مع السوابق التاريخية والقانونية.
كما سلطت القمة الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في دعم اللاجئين الفلسطينيين. ودعا القادة العرب المجتمع الدولي إلى ضمان حصول الوكالة على التمويل اللازم لمواصلة مهمتها في مناطق عملياتها الخمس، بما في ذلك غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
الصندوق الدولي للأطفال الفلسطينيين
دعت القمة العربية بالتنسيق مع الأمم المتحدة إلى إنشاء صندوق دولي لدعم الأيتام الفلسطينيين في غزة، حيث يوجد أكثر من 40 ألف طفل فقدوا والديهم بسبب العدوان الإسرائيلي.
وطالب الإعلان أيضا المجتمع الدولي بتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية بشأن جرائم إسرائيل المستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في غزة.
وشددت على ضرورة محاكمة جميع الأفراد المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني من خلال آليات العدالة الدولية والوطنية.
كما كلفت القمة الهيئات القانونية العربية بدراسة تصنيف التهجير القسري الذي تقوم به إسرائيل للفلسطينيين كجريمة إبادة جماعية بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948.
دعم لبنان وسوريا
وأكدت القمة ضرورة التنفيذ الكامل لكل بنود قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وخاصة في ما يتصل بإدانة الانتهاكات الإسرائيلية وضمان انسحاب إسرائيل الكامل من كل الأراضي اللبنانية المعترف بها.
كما دانت الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، واعتبرتها انتهاكا صارخا للقانون الدولي والسيادة السورية، وحذرت من أن مثل هذه الأعمال تؤدي إلى تصعيد التوترات وتهديد الاستقرار الإقليمي.
وحثت القمة مجلس الأمن الدولي على التحرك ضد هذه الانتهاكات، وأكدت على حق سوريا في استعادة أراضيها المحتلة، وفي مقدمتها الجولان، وفقا لاتفاق فك الاشتباك لعام 1974.