بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)ــ أختار الرئيس الأوكراني الحرب على التوافق مع الجارة الشقيقة روسيا. واختار المسؤول الأوكراني طريق الدماء والموت والدمار على جلسات الحوار الصعبة المثمرة مع جاره الروسي على أكواب العصير والحلوى. واختار زيلينسكي جانب الغرب البعيد الأجنبي – بالنسبة إليه – على جانب روسيا القريبة والتي كانت بلده جزءًا منها وكان شعبه جزءًا من شعبها. واختار الرئيس الأوكراني محاولة البعد والهروب ببلده أوكرانيا إلى دنيا أخرى وهو لا يستطيع البعد ولا يستطيع نقل أوكرانيا أيضًا إلى أي موقع أو إلى أي بلد آخر. واختار زيلنيسكي تجاهل دستور بلاده والبقاء في السلطة -رغم انتهاء ولايته الثانية- ليفرض نفسه على الشعب الأوكراني -رغم الدستور والقانون- ويواصل محاولة النجاح في اختراق دائرة الغرب البعيدة المنهكة بالمشاكل والصعاب والانقسامات، بينما تحصد الحرب ضد روسيا أبناء شعبه كل يوم.
أختار زيلنيسكي كل الطرق الخائبة وعدا عدوًا بكل طاقته إلى كل الأبواب المغلقة وإلى كل سراب يلوح له من بعيد. فالحياة تحكمها المصالح وليس العواطف -ولو بين الإخوة الأشقاء- ولو يوجد في الحياة من يعمل ويشقى لملء جيوب الآخرين بالمال أو لسدد ديون وتكلفة اختياراتهم الفاشلة الباهظة الثمن. ولا يوجد شعب يريد أن يرى حكومته ومسؤوليه يجمعون الضرائب الكثيرة -رغم أنف الناس- ثم يهدونها سائغة بلا مقابل إلى بلد آخر -ولو كان بلدًا شقيقًا- لأن البلد الشقيق يستطيع أن يعمل أيضًا ويشقى مثلما يشقى الناس. ولذلك، فليس من الغريب أن يطالب الرئيس ترامب بأموال بلده الكثيرة التي قدمت الى أوكرانيا خلال ثلاث سنوات من حرب لا خير فيها ولم يكن عاقل ليختارها على التوافق وعلى النجاة من الدمار وعلى فرص الحياة والتعاون حتى ولو مع روسيا. فروسيا جار مثل كل الجيران، والتعاون مع روسيا التي كانت يومًا جزءًا من الجسد الأوكراني يبدو أمرًا طبيعيًّا تمليه ضرورات الحياة وليس تعاونًا شريرًا مع الشيطان .
لقد أختار زيلينيسكي كل الطرق الخاطئة إلى هدف قد لا يعقل أن يكون هدفًا يتبع، إذ لا يمكن لشعب أن يتبنى التخلص من هويته التي لا عيب فيها كهدف وطني قويم. ووضع زيلينيسكي نفسه اليوم -في الداخل الأوكراني وفى الخارج- في خطر جم وبات ولا شك في منعطف وفي مأزق قد لا يخرج منه حيًّا أبدًا. اختار زيلنيسكي أن يظل في السلطة -مهما حدث- وأن يواصل التحدي ويواصل الحرب حتى ينتهي الطريق المظلم بينما لا يكاد يرى يديه في حلكة الظلام .