بقلم: دانيال حنفى
القاهرة (زمان التركية)ــ فى القصور البعيدة القابعة على مساحات شاسعة من الأراضى والممتلكات المحاطة بالأسوار الفخمة العظيمة يتم التخطيط لكثير من المؤمرات التى تدر الأموال، وتتفجر إثارة، وتمتزج بالأسرار الصغيرة والكبيرة والسوداء.
فبعض القصور ترى الدنيا رؤية خاصة ملؤها الأنانية القاتمة والانتهازية والانتقام والاستيلاء على كل ما تطالعه الأعين وتطاله الأيدى. الناس فى تلك القصور صنوان: أذكياء يدركون أن الدنيا للأقوى وللأسرع وللأكثر دهاء وخبثا الذين يأكلون كل شىء وبنهبون كل شىء إلى ما لا نهاية، ومغفلون ليسوا أكثر من قطيع خلق ليكون ضحية من أجل الافتراس والنهب والقتل. كيف تجمع المتعة بالإثارة؟
وكيف يمكن الانتفاع من كل شىء -حتى الجريمة- للحصول على الثروة الأكبر والحصول على السلطة فى آن واحد ودون مسؤولية كبيرة أو صغيرة. هذا هو الهدف والسؤال المستمر المتجدد فى تلك القصور. فهى ليست قصورا بعيدة فحسب، ولكنها بعيدة وعالية وقابعة على أغصان الطمع والاستغلال والانتهازية. والمنظر من فوق التلال العالية ساحر كاشف للفرص وللفرائس وهم يسعون هنا وهناك ويقرعون كل الأبواب لعلهم يجدون منفذا الى لقمة عيش أو فرصة بديلة أو ربما حياة أفضل قليلا فى أحسن الأحوال. والقصر المخيف يختار ضحاياه من علو، ويرسم الخطط المناسبة -من ألوان الغواية- ليوقع بالضحايا ويسحرهم ويطمس على عقولهم فلا يرون الا بريق الأشياء والسيارات والأثاث والملابس، ولا يتذكرون الا رائحة النقود الذكية وكآبة العوز ومذلة الحاجة.
وبكثير من العناية، يقترب القصر من الضحايا ويفرش ملاءة الأحلام للضحايا المميزين الذين يمكن صياغتهم كقطعة هامة في حلقة كبيرة تصنع الأموال الطائلة فى نظافة كاذبة. فالكذب جريمة فى ضمير الانسان ، ولكنه في تلك القصور شطارة ومهارة ومهنة، من أجل اشباع الرغبات الشيطانية بلا تردد.
وأفضل الضحايا المبدعون. فالإبداع فن، وتجارة ومنبع للأموال، وستارة تخفى الوجوه الآثمة والأنشطة الممنوعة والجرائم الشريرة ومتعة للنظر والتذوق. وعندما يختفى مبدع أو مبدعة صغيرة مقطوعة من شجرة جرفها الزمان لا أحد يحزن كثيرا، فالعالم مليء بالظالمين وبالحالمبن بالفن المتطلعين الى النجوم البعيدة والى وحوش القصور المتلألئة فى الظلام وفى حلى البهاء وألقاب الكرامة والشرف المزورة.