القاهرة (زمان التركية) ــ قبل أن تفرح فيمن ذهب أو هوت به الريح الى طلب اللجوء في بلد آخر بعد أن كان سيدا وحاكما وآمرا بما يحب في بلده. انتظر الى أن تعرف من القادم بعد الراحلين أو المكسورين المدحورين.
هو قول من أقوال القدماء الذي قد يصدق في أحوال كثيرة، على المستوى الفردي وغير الفردي أيضًا. فالشعوب مجموع الأفراد، وربما تشابهت حياة الشعوب وحياة الأفراد في كثير من النواحي. ومن هنا تنبع قيمة الخبرات الإنسانية -على المستوى العالمي- في مختلف الدروب. وقد حدث مرات كثيرة – في كل بقاع الدنيا وأركاتها المترامية – أن كره الناس أحدًا ما لسبب من الأسباب، فلما ذهبت به الظروف والتغيرات أو قرر هو الرحيل الى بلد أو موقع آخر فرح البعض وهلل ابتهاجا بخلو المكان ممن لا يستريح إليه. فلما هدأت الأفراح والإثارة، راح الجميع ينتظر مجيء الأفضل والأحسن والأعلى قيمة، ليحل محل المطرودين أو الراحلين، ولكن الأحمال كثيرة وعظيمة وما أكثرها أحمال الحياة وما أثقلها.
والأحمال الكثيرة العظيمة تحتاج الى شخصيات عظيمة وقادرة ومحبة لنفسها وللآخرين -من الرجال ومن النساء على حد سواء- لتكون هذه الأحمال في يد أمينة تدرك أبعاد المسؤولية وتبصر أولوياتها وتعرف ما تفعل وتتحرك في ثبات وفى حكمة الى الأمام وفى كل الاتجاهات بحسب الاحتياج.
فالبلطجة والتسلط على الناس بدلا من توظيف السلطات لخدمتهم سهل، ولكنه طريق ينتهي إلى كل النهايات السيئة المتوقعة وغير المتوقعة التي رواها التاريخ ويرويها كل يوم. وفراغ مواقع المسؤولية سهل وخطير الأثر ولا يؤدى إلى تحقيق الأهداف الوطنية المرجوة في أية بلد وأولها الأمن والاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي، ولا يمهد الى غد أفضل. فليس الفراغ السياسي هدفا ولا يؤدى إلى مصلحة طيبة أو هدف جليل، ولا يمكن للفراغ في مواقع المسؤولية أن يكون هدفا لأية جهة وطنية في أية بلد. ولكن إيجاد الشخصيات الوطنية المناسبة في مختلف المواقع هو أمر هام وما هو بالهين. فقد يحجم البعض عن التقدم إلى أو يحجم عن قبول مواقع المسؤولية هروبا من الضغوط الكثيرة والمعاناة المحتملة ومن المساءلة المحتملة عن الماضي وعن الحاضر وعن المستقبل. فليس الكل حريصا على الإسراع الى تقلد الألقاب واحتلال مواقع المسؤولية بكل تأكيد. ولذلك، فمن أعباء ” الفراغ ” أن يجد الشخصيات المناسبة الجادة وأن يقدم إليها أفضل العروض بخالص الأسلوب وأصدقه وبكل شفافية، حتى يصنع الفراغ من نفسه – متى حدث – مرحلة ايجابية يشار اليها بالتقدير حين يتذكرها التاريخ والناس والأيام التي لا ترحم الظالمين.