أنقرة (زمان التركية) – تتواصل المواجهات بين عناصر هيئة تحرير الشام الراغبين في التقدم صوب حماه وعناصر الجيش النظامي السوري، وشن الجيش الوطني السوري -المعارضة- عملية عسكرية على تل الفرات الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، عصب وحدات حماية الشعب الكردية. وأحرز تقدما كبيرا بها.
وترغب قوات سوريا الديمقراطية في إجلاء المقيمين في تل رفعت والشهباء، وحيين خاضعين لسيطرتها في حلب، ولهذا أعلنوا أنهم ينسقون مع جميع الأطراف في سوريا.
لكن، ماذا يحدث في سوريا؟ وكيف تغيرت الموازين؟ وهل هناك احتمالية لنشوب موجة هجرة جديدة؟
نشرت جنان موسى، مراسلة قناة العين التلفزيونية ومقرها الإمارات العربية المتحدة، تغريدة عبر حسابها بمنصة إكس أسردت خلالها السيناريوهات المحتملة قائلة:” “ترقبوا تدفق اللاجئين”، وقالت موسى، التي اشتهرت بأخبارها حول تنظيم داعش:
بادئ ذي بدء، اسمحوا لي أن أوضح لكم من هي القوات المناهضة للأسد المتورطة في هذا الهجوم:
أغلب تلك القوات تابعة لجبهة تحرير الشام وقائدها أبو محمد الجولاني. انفصلت هيئة تحرير الشام عن القاعدة في عام 2016. ومع ذلك، فقد تم تصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل وزارة الخارجية الأمريكية منذ عام 2018.
تنشط هيئة تحرير الشام في محيط حلب وحماه. زعيم هيئة تحرير الشام هو أبو محمد الجولاني، الذي قاد سابقًا الذراع السورية لتنظيم القاعدة ألا وهو جبهة النصرة. يزعم جولاني أنه نأى بنفسه عن تنظيم القاعدة بعد انفصال جبهة تحرير الشام عنها، لكن الولايات المتحدة لا تزال لديها مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يتخلص منه أو يدلى بمعلوماته حول مكانه.
عملية الجيش الوطني السوري
بالإضافة إلى عملية هيئة تحرير الشام، هناك هجوم آخر يحدث في الوقت نفسه. يتم تنفيذ هذه العملية الثانية على يد الجيش الوطني السوري (SMO)، وهو المنظمة الشاملة للمعارضة السورية “الممولة من تركيا”. تستهدف تلك العملية بشكل أساسي القوات الكردية في شمال حلب.
الألوية الأخرى المشاركة في الهجوم على قوات الأسد بقيادة هيئة تحرير الشام هي:
– فيلق الشام (فيلق دمشق)
– جيش العزة
– صقور دمشق
– أحرار دمشق
– لواء تركستان
– أنصار التوحيد
يلفت لواء تركستان الأنظار على وجه الخصوص، إذ يتكون معظم أعضائها من المقاتلين العرب غير السوريين من آسيا الوسطى (الأوزبك والطاجيك) والصين (الأويغور) و الشرق الأوسط وأوروبا وجاء معظمهم إلى سوريا للجهاد بين عامي 2012-2015.
جميع مجموعات الجيش الوطني السوري التي تقاتل الأكراد في شمال حلب تقريبًا متورطة في هذه الاشتباكات، لكن ثلاث كتائب منها تشارك في الهجوم المناهض للأسد الذي تقوده هيئة تحرير الشام ألا وهى فرقة سليمان شاه وفرقة الحمزة والجبهة الشامية.
لا يوجد مقاتلون أجانب ضمن التنظيم العسكري السوري، فبعضهم تركمان سوريون.
السيناريوهات المحتملة: هل سيسقط بشار الأسد ؟
وذكرت موسى أنه لا يمكن التنبؤ بما إن كان الأسد سيسقط أم لا مفيدا أن الوضع متقلب للغاية. وفي هذا الصدد، أسردت موسى السيناريوهات التالية:
طالبان الصغرى
إذا سيطرت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها على سوريا، فسيتم تطبيق تفسير صارم للشريعة الإسلامية. على الرغم من وجود اختلافات (ثقافية وتاريخية) بين هيئة تحرير الشام وحركة طالبان في أفغانستان، أتوقع أن تصبح سوريا دولة شبيهة بـ “طالبان الصغرى” تحت حكم هيئة تحرير الشام.
ولدى هيئة تحرير الشام وتشكيلها السابق، جبهة النصرة، تاريخ سيء للأقليات العرقية والدينية.
موجة من اللاجئين
سيسعى المسيحيون السوريون والأكراد والأقليات الأخرى إلى حد كبير إلى الهجرة إلى لبنان أو أوروبا أو الولايات المتحدة، فالكراهية الطائفية عالية جدا في سوريا. على وجه الخصوص، قد يكون السكان النصيريون والشيعة معرضين لخطر هجمات انتقامية خطيرة من قبل هيئة تحرير الشام وجماعات المعارضة الأخرى، كما أنه من غير الواضح تمامًا ما سيحدث في منطقتي اللاذقية وطرطوس (الساحل الغربي)، حيث تشكل النصيرية الأغلبية.
هذه المنطقة هي أيضا موطن لقاعدة بحرية مهمة لروسيا. هل سيخلي الروس المكان ؟ هل يستطيع النصيريين الدفاع عن هذه المنطقة ؟ الأمر غير واضح تمامًا في الوقت الحالي.
الوضع أيضا غير واضح للسياسيين والصحفيين والجنود ورجال الشرطة وموظفي الخدمة المدنية، وغيرهم ممن ينتمون إلى نظام الأسد. سيحاول معظمهم الفرار إلى لبنان أو الأردن خوفاً من هجمات انتقامية من هيئة تحرير الشام وحلفائها. وقد يبقى الآخرون ويأملون في الأفضل أو يضطرون إلى تحمل اللوم.
غموض وضع الأكراد في سوريا
وضع الأكراد في سوريا غير مؤكد في الوقت الحالي. يمكن للمناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي، وكذلك المناطق التي بها قوات برية أمريكية، الاستمرار بفضل الحماية الأمريكية، لكن القوات الأمريكية تقع فقط شرق نهر الفرات. لذا يمكن لهيئة تحرير الشام أو الجيش الوطني السوري الاستيلاء على أماكن مثل حي الشيخ مقصود وتل رفعت ومنبج في مدينة حلب غرب الفرات. حتى كوباني والرقة معرضتان للخطر لأن القوات البرية الأمريكية بعيدة عن هذه النقاط.
الوجود السري لداعش
قد يكون للانهيار المحتمل للحكومة السورية أيضًا عواقب وخيمة على شرق سوريا، لأن داعش لا يزال لديه وجود سري كبير في هذه المنطقة. إذا سقطت دير الزور، فمن المتوقع أن يعيد داعش تجميع صفوفه ويستولي على أجزاء من المناطق الصحراوية في شرق سوريا ومحافظة حمص، لكن من المتوقع أيضًا أن تتصادم داعش وهيئة تحرير الشام مع بعضهما البعض.
سقوط الأسد بالنسبة لتركيا
ستزيد تركيا قوتها ونفوذها في سوريا بشكل كبير من خلال “قواتها بالوكالة في سوريا ألا وهى الجيش الوطني السوري وهيئة تحرير الشام. كانت سوريا جزءًا من الإمبراطورية العثمانية من 1516 إلى 1918. سيتم أيضا طرد منافسة تركيا السابقة، روسيا، من سوريا. وبهذا سيفوز أردوغان ويخسر بوتين. الأمر أيضا سيؤدي لإضعاف القوات الكردية في سوريا التي تكرهها تركيا أو إنهائها بالكامل.
مع تهدئة هيئة تحرير الشام وحلفائها لسوريا، يمكن للرئيس التركي إعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى سوريا من تركيا، قائلاً: “لقد انتهت الحرب وذهب الأسد”. وقد يتسبب هذا الوضع في صعود حزب العدالة والتنمية باستطلاعات الرأي الانتخابية.
سقوط الأسد بالنسبة لروسيا
لا مزيد من الحلفاء في دمشق، لا مزيد من النفوذ السياسي في سوريا. والهزيمة أمام تركيا. لا وجود عسكري أو وجود عسكري محدود للغاية في سوريا. احتمالية انتهاء قاعدة طرطوس البحرية التي أنشئت عام 1971 خلال فترة الاتحاد السوفيتي.
سقوط الأسد بالنسبة لإسرائيل
مع سقوط سوريا في أيدي الجهاديين، يصبح من المستحيل على إيران حمل الأسلحة من إيران إلى حزب الله، نائبها في لبنان، عبر العراق وسوريا. ولا يمكن لحزب الله إعادة التسلح لأن مطار بيروت والموانئ اللبنانية تخضع بحكم الأمر الواقع لسيطرة القوات البحرية والجوية الإسرائيلية. وهذا فوز كبير لإسرائيل.
مع عدم قدرة الأسلحة الإيرانية على الوصول إلى حزب الله، يفقد الجيش الإيراني أيضًا الوصول إلى لبنان وسوريا.
على المدى القصير، ستظل سوريا التي تحكمها هيئة تحرير الشام ضعيفة وغير مستقرة بسبب الصراعات العسكرية والدينية الداخلية التي لن تنتهي. وبهذا لن تشكل سوريا تهديدا لاسرائيل، لكن عل للمدى الطويل، ستترقب إسرائيل أن تسيطر حليفتها الغربية تركيا على هيئة تحرير الشام في الوقت المناسب، لأن الجماعات الجهادية التقليدية تخرج عن نطاق السيطرة.
سقوط الأسد بالنسبة لإيران
إيران تخسر حليفاً رئيسياً في المنطقة. إنها كارثة لطهران. لا يمكن لإيران إعادة تسليح حزب الله لأن الطريق من إيران إلى لبنان مسدود. بينما منافستها الإقليمية تركيا تزيد من قوتها، ستواجه إيران إضعاف مصالحها الشيعية في سوريا ولبنان وحتى العراق مع نهاية وجودها السياسي والعسكري في سوريا ولبنان.
سقوط الأسد بالنسبة للولايات المتحدة
خروج الروس من سوريا. رحيل الأسد، الحليف الإيراني المكروه، أخيرًا بعد صراع طويل. عزل حزب الله في لبنان. بالطبع، سيستمر هذا حتى تخرج هيئة تحرير الشام عن السيطرة و/أو يتعافى تنظيم الدولة الإسلامية.
سقوط الأسد بالنسبة للبنان
سينحصر لبنان الصغير بين جارتيه، إسرائيل وسوريا التي يحكمها الجهاديون.إذا فشل حزب الله في إعادة التسلح، فقد تحاول الجماعات الدينية الأخرى داخل لبنان ملء الفراغ. وهذا يمكن أن يؤدي إلى توترات دينية وصراعات داخلية. ومن المحتمل أن تنشط الجماعات الجهادية والإرهاب المدعوم من هيئة تحرير الشام من سوريا مرة أخرى في لبنان.
سقوط الأسد بالنسبة للعراق
قد يشجع انتصار هيئة تحرير الشام في سوريا جماعات مماثلة في العراق المجاور، وخاصة في المناطق السنية .يمكن لعودة ظهور داعش في شرق سوريا أن ينتشر بسهولة إلى أجزاء من العراق (غرب). عودة داعش إلى العراق سيصاحبه عودة الإرهاب وحرب أهلية محتملة.